حاكمية المركزي مكبّلة بانتظار الحاكم الجديد

24 أيار 2023 07:57:44

تتسارع التحركات القضائية تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ بعد مذكرة التوقيف الصادرة عن الانتربول الاسبوع الماضي، أبلغت ألمانيا أمس لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف في حق سلامة «بتهم فساد وتزوير... وتبييض الأموال والاختلاس». أما محلياً، فيستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان اليوم إلى سلامة، في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية بسام مولوي مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن قاضية التحقيق الفرنسية أود بوروزي.

رغم تلاحق الأحداث التي تحيط بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الاّ انّ اهتمامات المواطن تنحصر اليوم بمرحلة ما بعد الحاكم. هل يسقط ويفضح المنظومة السياسية واسرار 30 عاماً من الحاكمية؟ ما النهج المالي الذي سيُعتمد في المرحلة المقبلة؟ هل من إجراءات مالية جديدة ستُتخذ ام انّ التعاميم القديمة ستبقى سارية؟ هل يتمّ الاعتراف بقيمة الودائع الحقيقية التي هُدرت بين المركزي والدولة؟ وبعد، ماذا عن الإجراءات المالية المعتمدة راهناً، هل ستظل صالحة مثل صيرفة والتعاميم؟ وهل برحيل سلامة ستبدأ مرحلة الإنقاذ ام هناك مقررات وإجراءات يجب ان تسبق ذلك؟

وعليه، هل البلد على ابواب مرحلة مالية جديدة ام لا تغيير قريباً في هذه السياسة؟
في السياق، يؤكّد الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود لـ»الجمهورية»، انّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لن يتنحّى ولن يُقال قبل انتهاء ولايته، لكن السؤال الأساسي من سيكون الحاكم من بعده؟ وقال: «لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال تعيين حاكم جديد بحريّة في ظلّ غياب رئيس للجمهورية الّا في حال تعرّض المرفق العام للتوقف، أي في حال استقال النائب الاول للحاكم. وأمام إشكالية الشغور في المرفق العام يمكن لحكومة تصريف الاعمال ان تقوم بتعيين حاكم جديد، انما إذا لم يُقدم النائب الاول على الاستقالة، وهذا الاكثر ترجيحاً، فسيقوم بمقام الحاكم إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة...».

وبرأي حمود، فإنّ النائب الاول لحاكم مصرف لبنان سيستمر إلى حدّ كبير بنمط العمل نفسه الذي اعتمده سلامة، وسيكون اكثر التزاماً بمشاركة القرارات مع بقية نواب الحاكم، على عكس صلاحيات الحاكم التي تسمح له بموجب قانون النقد والتسليف باتخاذ قرارات دون العودة إلى المجلس المركزي او عرضها عليه، وتعطيه حق الصوت الترجيحي خلال اجتماعات المجلس المركزي في حال تعادل الاصوات، فهو في النهاية الرئيس التنفيذي ويملك صلاحيات تشغيلية.

وقال: «انّ سياسة النائب الاول ستكون استكمالاً للسياسة الحالية للمركزي انما بفوارق بسيطة لا تتعلق ابداً بتغيير السياسة العامة، لكن في حال تعيين حاكم جديد للمركزي فسيكون هناك رفض كامل لما يجري اليوم من حيث إدارة السياسة المالية والإجراءات المتبعة ومحاولة للإتيان بشيء جديد. كذلك مع تسلّم النائب الاول مهام الحاكم قد نلاحظ إبطاءً في التنفيذ وباتخاذ القرارات، فهو في النهاية يتسلّم الحاكمية في الوقت الضائع ريثما يتمّ تعيين حاكم جديد». وجزم حمود بأنّ التغيير الجذري بالسياسة المتبعة لن يكون عن طريق نائب الحاكم انما الحاكم الجديد، لافتاً الى انّه بعد تولّي سلامة للحاكمية على مدى 30 عاماً، لا شك انّ من سيليه سيُظلم اياً يكن، وبالتأكيد لن تكون له القدرة على التحرّك والتصرّف، ولن يتمتع بالمرونة والليونة وحتى بالإحاطة التي حظي بها سلامة.
على سبيل المثال، إذا استلّم النائب الاول مكان الحاكم الحالي ستبقى منصة صيرفة، انما قد يتغيّر سعر الدولار فيها، بحيث قد تتساوى مع سعر السوق السوداء، ربما قد يتخذ قراراً بوقف العمل بالتعميم 158، وقد يعدّل في التعميم 151، بحيث يرفض الاستمرار بدولار 15 الفاً في المصارف....

وعن سبب استقرار سعر الدولار في السوق السوداء رغم الضغوطات التي يتعرض لها سلامة، يقول حمود: «انّ الحاكم سينهي ولايته بدولار ما دون الـ100 الف ليرة، وهو سيفعل كل ما يراه مناسباً لتحقيق هذه الغاية، وعليه سيبقى الدولار مستقراً اقله حتى نهاية تموز موعد انتهاء ولاية الحاكم الحالي».