Advertise here

الجنوب منطقة "سائبة"... رسائل مناورة حزب الله داخلية

22 أيار 2023 07:45:00

لا ينام لبنان واللبنانيون "على همّ عتيق"، واذا كانت ازمته السياسية والمالية والاقتصادية تشكل الثابت اليومي المحوري، فان مشتقات هذه الازمة وتداعياتها لا تحجب مظاهر تفلت وتسيب يطلقان أسوأ الصور لبلد فاقد المناعة القانونية والأمنية والدستورية الى حدود تتجاوز صور الحرب الغابرة. ما جرى في يوم الجنوب الاغرّ امس لا يقل عن افدح الفضائح وأشدها تسبباً بالاذى والضرر بحيث صدرت صورة الجنوب كأنها منطقة سائبة بين استقواء "حزب الله" وترسانته المسلحة الثقيلة عبر استعراض مسلح حدودي موجه ضد إسرائيل حتما، لكن رسائله الداخلية بدت اشد وطأة، وبين هجمة متشددة للتعصب والتشدد الديني في صيدا تحول الى ترهيب موصوف يراد منه الزج بالمدينة في غياهب التخلف والانغلاق والافقار والتقوقع.

والحال ان هاتين الواقعتين في منطقة الجنوب حجبتا الى حدود واسعة الاجندة المرتقبة للأسبوع الطالع والتي تتصدرها متابعة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر الاجتماع الوزراي التشاوري الموسع الذي سيعقد اليوم في السرايا الحكومية. اما المعطيات المتصلة بالازمة الرئاسية فتبدو كأنها تدور على نفسها من المراوحة والعقم اذ تراجعت الرهانات على اختراق يشكله اتفاق قوى المعارضة و"التيار الوطني الحر" على مرشح موحد على نحو دفع النائب الان عون الى اعلان "طي صفحة ترشيح جهاد ازعور" وتزامن ذلك مع اللقاءات التي يجريها رئيس "التيار" النائب جبران باسيل في باريس.

استعراض "الحزب"
وفي ما يتصل بما سمي مناورة "حزب الله" في الجنوب فانها لم تكن محدودة ولا رمزية، بل بدت بحجم الأسلحة الثقيلة والصواريخ والمسيرات التي عرضت فيها، كافية لاطلاق ما أراد الحزب اطلاقه من رسائل نحو إسرائيل من جهة ونحو الداخل من جهة ثانية ونحو العرب والاقليم والدول من جهة ثالثة. ومع ان المناورة كانت مقررة في اطار نشاطات لاحياء "ذكرى التحرير" في 25 أيار، فان ذلك لم يحجب الدلالات الرمزية والواقعية أولا لجهة استفزازها الواقع السيادي لدولة اختبأ رموزها وغابوا عن التعليق عنها، وثانيا لمصادفتها غداة قمة جدة العربية التي حمل إعلانها الختامي في البند السادس منه رفض ظاهرة الميليشيات داخل الدول، فأوحت المناورة بانها رد مباشر سريع على موقف القمة وتاليا عدم تبديل أي شيء في الستاتيكو القائم والمستمر بعد التفاهم السعودي الإيراني.

المناورة التي جرت في بلدة عرمتا الجنوبية ضمن معسكر تابع لـ"حزب الله"، وهي منطقة تقع خارج نطاق القرار الدولي 1701، شهدت استعراضات بالدبابات، إضافة إلى محاكاة هجوم نحو الأراضي الإسرائيلية، وتم عرض آليات عسكرية، وراجمات صواريخ متوسّطة وبعيدة المدى.