Advertise here

إستبعاد عزل لبنان عن النظام المالي العالمي لمجرّد إتّهام رياض سلامة

18 أيار 2023 07:52:41

عندما كانت الأخبار، أكانت معلومات أم إشاعات، تصدر في الإعلام محلياً ودولياً بحق مصرف لبنان وحاكمه أو بحق بعض المصارف، كان القيّمون على القطاع المصرفي يتأهّبون وأوّلهم حاكم مصرف لبنان للتوضيح أن تلك الأخبار أو الاتّهامات المرتبطة بتسهيل عمليات تبييض الأموال أو التجاوزات المصرفية أو الاختلاسات من المال العام، هي مجرّد إشاعات ومعلومات غير مثبتة ودقيقة، وهي في سياق محاولة ضرب القطاع المصرفي، ويحذّرون من أن تلك الأخبار تضرّ بعمل القطاع وبتصنيفه الدولي وعلاقاته مع البنوك المراسلة في الخارج وتؤثّر على الثقة بالقطاع. 

ماذا الآن بعد أن بدأت الإتهامات تتوالى؟

هذه التحذيرات كانت تتوالى مع صدور أي تقرير أو مقال صحفي. ولكن اليوم تلك الأخبار التي تحوّلت الى اتّهامات وصولاً الى إصدار مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لم تعد عابرة ويمكن نفيها عبر البيانات، بل أصبحت رسمية على صعيد كافة دول العالم. وبالتالي كيف سيواجهها القطاع المصرفي وكيف ستؤثر على علاقاته وعلى عمله، في ظلّ أسوأ مرحلة تمرّ بها المصارف التي لم تعد تملك أي سلاح لاستخدامه، وهي في حالة إفلاس مالي ومتّهمة بتبديد 100 مليار دولار من أموال المودعين، ومهدّدة بالزوال بعد منح رخص لمصارف جديدة، ما يعني وفقاً للأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف «خلق قطاع مصرفي جديد والقضاء على القطاع المصرفي الحالي مع ودائعه». 

وإذا كان اتهام مصرف لبناني واحد بخرق القوانين المصرفية الدولية ووضعه على اللوائح السوداء يؤدي الى قطع كافة العلاقات الدولية والتعاملات المالية معه، فكيف بالأحرى اتهام حاكم بنك مركزي ينظّم قطاعاً مصرفياً بأكمله ويراقبه ويصوغ التعميمات والقرارات المتعلّقة بعمله؟ 

ورغم أن ولاية سلامة تنتهي بعد شهرين، يعتبر بعض المعنيّين بالقطاع أن الحكومة يجب أن تتّخذ قراراً بهذه القضية، وانه يتوجب على سلامة تقديم استقالته والتفرّغ للدفاع عن نفسه محلياً وفي الخارج. 

طويلة: إنعكاسات سيئة لا يمكن تحديدها بدقّة اليوم

في هذا الإطار، رأى الخبير المصرفي سمير طويلة أن الآلية القضائية التي انطلقت بحقّ سلامة لا تزال بالمراحل الأولى، فمذكّرة التوقيف مرتبطة بعدم مثوله أمام القضاء، أي ما زالت تتمحور حول الشكل وليس المضمون، وبالتالي لم يصدر بعد حكم الإدانة أو البراءة. ولكن بغضّ النظر عمّا إذا كانت مذكرة التوقيف مرتبطة بالشكل أو بمضمون القضية، فإنّ اتهام حاكم بنك مركزي لقطاع مصرفي مأزوم ستكون له انعكاسات سيئة جدّاً لا يمكن تحديدها حالياً، وقد تترجم في حسابات المصارف والبنك المركزي لدى البنوك المراسلة في الخارج في نيويورك وأوروبا. وأشار طويلة الى أنّ أهمّ انعكاس سيكون مرتبطاً بعلاقة المصارف مع البنوك المراسلة وكيفية تعاملها معها، خصوصاً أن العلاقة حالياً متّسمة بالتحفّظ والتشدّد. 

سروع: حذار من انتشار عمليات تبييض الأموال



بدوره دعا الخبير المصرفي د. جو سروع بدلاً من دعوة سلامة إلى الاستقالة وما إلى ذلك، الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وحكومة وتعيين حاكم جديد للبنك المركزي ووضع حد للفوضى العارمة على الصعيد المالي والنقدي والاقتصادي. ومعالجة أزمة القطاع المصرفي المهدّد بالزوال وتحديد مصير الودائع قبل الشروع بإعطاء رخص للمصارف الجديدة. معتبراً أن الانعكاسات على علاقة البنك المركزي والمصارف بالبنوك المراسلة لن تتأثر بملاحقة الحاكم على صعيد شخصي بل بنمو الاقتصاد النقدي الذي أصبح يوازي حوالي 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويبلغ 10 مليارات دولار وما يعزّزه من ازدهار لعمليات تبييض الأموال. 

وأكد سروع لـ»نداء الوطن» أن انتشار عمليات تبييض الأموال هو الذي سيقطع علاقاتنا مع البنوك المراسلة خصوصاً مع ترقّب صدور تصنيف سيّئ للبنان في هذا الإطار في اليومين المقبلين.