Advertise here

بحث عن الأمل

14 أيار 2023 16:32:08 - آخر تحديث: 02 تموز 2023 21:03:28

سؤال شغلني لزمن طويل... شغلني سؤال فحواه الأمل. أدركت أن الأمل هو النافذة الصغيرة، التي مهما صغر حجمها، لا بد ألا تفتح آفاقا واسعة في الحياة. بظل اشتداد أزمة ثلاثية أبعاد في لبنان أين نعثر على الأمل في مساحات موسومة بالظلم الإجتماعي الإقتصادي السياسي؟ كيف ينعكس الوضع الحالي على شباب المستقبل ؟ وما هي المشاكل التي تواجههم؟

ثلات سنوات مرت، ويزال لبنان يعاني ويعاني إنه غارق داخل دوامة ثلاثية الأبعاد لا مفرّ منها ! على مدار ثلاث سنوات تقريبا تعرضت جوهرة الشرق لأصعب حرب غير واضحة المعالم أهي حربٌ إقتصادية، إجتماعية، سياسية أم الغائية .هدفها تدمير كيانها وتفقير شعبه وتهجير شبابه. إذ أن تفاقم الأزمة الإقتصادية والمالية المتواصل الذي بدأ في تشرين الأول 2019 بفعل التداعيات الإقتصاديّة المزدوجة لتفشي جائحة كورونا من ثم إنفجار بيروت الهائل . ذلك وغيره العديد من الأزمات جعل جيل الشباب يناضل للعثور على بارقة أمل، دعم وفرصة ما وسط اليأس المتفاقم. فأصبح العثور على الأمل أشبه بمعجزة. حيث اضطر الشباب على اختلاف انتماءاتهم وخلفياتهم السياسية على تحمّل مسؤوليات جمة تفوق قدراتهم وأعمارهم . إننا نجد بصيص الأمل بالمحبة المتبادلة والصدقات المختلفة. فالطموح والعمل على تحقيق الأحلام هو الدافع الأكبر للمضيّ قدّما. علنا نصل إلى النور. 

فمند تشرين الأول عام 2019. فقدت الليرة اللبنانية نسبة 70 بالمئة من قيمتها. وهوت اليوم في السوق السوداء إلى 110000 ليرة بدلا من السعر الرسمي المحدد ب1500 مقابل الدولار الواحد . الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على أسعار المواد الغذائيّة والسلع الإستهلاكيّة من الناحية الإقتصاديّة وعلى الوضع الأمني من الناحية الإجتماعيّة. الارتفاع الفاحش للأسعار وغير المتوقع خفضّ القدرة الشرائية للفرد. مما جعل اللبناني ينور تحت ظلّ الفقر والجوع وأصبح همه الوحيد الحصول على لقمة العيش .هذا ما جعل الكثيرين يصرفون النظر عن التحصيل العلمي في مختلف المراحل للمساهمة في عمل يؤمن أي دخل يسند خابية العيش. بالإضافة إلى ذلك ارتفاع نسبة السرقات والجرائم على مختلف انواعها. كل هذا ساهم بشكل كبير في الانهيار المجتمعي الذي نشهده. بالإضافة إلى إقفال العديد من الشركات الخاصة بسبب الوضع المزري مما فاقم نسبة البطالة التي بدورها زادت مستوى التضّخم والفقر .تشير آخر الإحصاءات الى وجود أكثر من 220 ألف عائلة في لبنان تحت خط الفقر المدقع ودخلهم لا يكفي لتوفير الحد الأدنى من الغذاء الصحي. الأمر الذي يرجح إنتشار ظاهرة المجاعة . لم ينج القطاع الصحي اللبناني من تداعيات الأزمة فالنقص الحاد بالمعدات الطبية وارتفاع أسعارها بطريقة جنونية فضلا عن غلاء الفاحش والنقص لأدوية ترك أثرا كبيرا على الصحة النفسية والجسدية للمرضى وعائلاتهم. ومما زاد الأمر سوءا النقص في الطاقم الطبي والتمريضي الذي يهدد القطاع الصحي تدهور أكبر في نوعية الخدمات المقدمة. وأشار نقيب الاطباء في بيروت الدكتور يوسف بخاش ل "صحيفة الشرق" ان "عدد الأطباء المسجلين في النقابة في لبنان يقدر بنحو 16.000 طبيب " لافتا الى ان "حركة الهجرة في صفوفهم بدأت مع بداية الأزمة في أكتوبر 2019"، كما أن النزف في القطاع الطبي يؤثر ايضا على قطاع التمريض إذ قالت نقيبة المرضى والممرضات ريما ساسين إن :" بسبب الأزمة والحالة الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة ازداد عدد المهاجرين من الممرضات والممرضين بحثا عن ظروف عمل أفضل في الخارج، وعن الأمن الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي "وقالت:" بلغ عدد المهاجرين منذ أكتوبر 2016 لغاية تاريخه نحو 2500 ممرضة وممرض موزعين على البلدان العربية والاوروبية والامريكية." فهجرة العديد من العاملين في القطاع الصحي جعل عدد المرضى يفوق القدرة الاستيعابية للممرضين والممرضات في المستشفيات مما يشكل خطرا على صحة المرضى ويزيد نسبة حصول الأخطاء الطبية. كلّ تلك الازمات التي تم ذكرها سابقا لها سببٌ مباشر الا وهو نظام لبنان السياسي الطائفي. وخاصة بعد الصراع العربي الإسرائيلي والحرب الأهلية التي بدأت عام 1975 جراء الدهنية الطائفية المتحجرة المتقيدة بالدستور المبني على القاعدة الطائفية التي بدورها انتهت باتفاق الطائف. الذي كان الحل الوحيد لانتشال لبنان من أزماته المتعددة ولكن عدم تطبيقه بالطريقة الصحيحة أدخل لبنان في دوامة حرب داخلية،خارجية، وعربية. كما قال المعلم الشهيد كمال جنبلاط:" القاعدة الطائفية تشكل حجر عثرة في سبيل الكفاءة." فكل شيء في لبنان أصبح مرجوعه طائفيا ومبني على الحصص الطائفية والتوزيع الطائفي،يتم اختيار الموظفين حسب طوائفهم وحسب أهمية الواسطة دون النظر إلى المستوى العلمي والخبرة والفهم. ومن ثمّ يسألون "لما انتشر مرض الفساد في لبنان؟ وما سبب كل هذه الأزمات الاقتصاديّة الاجتماعيّة؟"بالاعتماد على ما سبق، كل تلك الأزمات المتفاقم المثالية هدمت نفسية المواطن اللبناني وجعلته أسير الكآبة والحزن . الأمر الذي يدفع بالكثير الكثير من شبابنا للجوء إلى الانتحار وإنهاء حياتهم المليئة بالصعاب. وما بالكم بالطالب اللبناني الذي يرى وطنه ومستقبله يتهدم أمام عينه . فكلّ ما سبق هدم طموحه وأحلامه الكبيرة. 

بعيدا عن مشاكل لبنان التي لا تنتهي. هناك أزمة أخرى تعصف بالطلاب والجامعات، القسم الأكبر منهم يفكر بترك تعليمه في ظل استمرار الأزمة السياسيّة وانخفاض قيمة العملة المحليّة بالإضافة إلى غلاء المعيشة والمواصلات. بينما تحاول الجامعات تقليص عدد موظفيها وإيقاف بعض البرامج الأكاديمية. بالإضافة، إلى رفع الرسوم وتسديد قسم منه بالدولار والقسم الأخر بالعملة الوطنية للحفاظ على استمراريتها. فمعظم الطلاب يطالبون بتخفيض الرسوم الدراسية كونهم لا يتلقون المنهج بجودة تناسب ما يدفعونه. كما يواجه طلاب الجامعة اللبنانية مشاكل ذات صلة بالرغم من انخفاض التكلفة، إذ يضطر كثيرون للعمل لتوفير مصاريف عيشهم ودراستهم . فضلا عن هجرة الكثير من الأساتذة من الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية بحثا عن الإستقرار على كافة الصعد، وترك طلاب من دون بديل يعوض لهم . بالرغم من كلّ شيء تبقى الأيادي البيضاء قارب النجاة للبنان.

أيقظ الله قلوب حكامنا وأنار عقول مسؤولينا علنا نستطيع النهوض من كبوة هذا الزمان الصعب الرديء ونبني صروحا للعلم معاهد للمجد بيوتا للعزة والكرامة .بهمة هذا الشباب الطامح للحياة المليئة بالعنفوان المتأمل خير المسعى وأمل الوصول. الطريق طويل ولكننا حتما سنصل بالعزيمة نبني والإرادة الصلبة نصل. حماكم الله يا شباب بلادي وكلل مساعيكم بالنجاح.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".