حيازة الأسلحة واطلاق النار مأساة لبنانية متنقلة.. واليكم تفاصيل العقوبة الجديدة
10 أيار 2023
12:09
Article Content
عادة إطلاق النار حزناً أو إحتفالاً أو إعتراضاً باتت فولكوراً ثقيلاً ومقلقاً، وصلت نتائجها الى إنهاء حياة أطفال وشباب ونسوة ورجال صَدف وجودهم في مكان تصل فيه رصاصة طائشة، وأيضاً إختراق هيكل طائرة تنتظر ركابها على أرض المطار.
وعلى الرغم من التوعية والتحذيرات والعقوبات القانونية والمآسي التي طالت عائلات على إمتداد لبنان، باءت كل المحاولات بالفشل في وقف هذه التعديات على الحريات الشخصية وحق الإنسان بالحياة. ومن ناحية أخرى، مسألة حيازة السلاح لدى الأفراد أضحت وسيلة "تنفيس" للغضب عند أقل شجار، وعلى سبيل المثال لا الحصر، إطلاق النار على أفضلية مرور.
وفي هذا الإطار، تردد مؤخراً عن إدخال المحكمة العسكرية تعديلات لعقوبة إطلاق النّار، برفع الغرامات الماليّة على كل من يرتكب هذا الجرم، إذ باتت عقوبة إطلاق النّار للمدّعى عليهم وجاهياً الحبس شهراً و 4 ملايين ليرة غرامة، إضافة إلى 30 مليون ليرة كبدل بندقيّة حربيّة، علماً أنها كانت الحبس شهراً و 2 مليون ليرة غرامة و4 ملايين ليرة بدل بندقيّة. كذلك، ورُفع الحكم على المدّعى عليهم غيابياً إلى حبس مدة شهرين و6,5 مليون ليرة غرامة وبدل بندقية 30 مليون ليرة.
كما قررت المحكمة إلغاء عقوبة الحبس التي تصل إلى 6 أشهر عن كل الجنح البسيطة مثل حيازة أو نقل أسلحة ومعاملة الأجهزة الأمنية بالشدّة، والاستعاضة عنها برفع الغرامات الماليّة إلى 5 ملايين و400 ألف ليرة بدلاً من 300 ألف ليرة و6 أشهر حبس.
فما مدى قانونية بدء تنفيذ هكذا خطوة، وهل تتوافق مع القوانين السارية؟
يرى المحامي نشأت الحسنية أن ما توفر من معلومات يتم التداول بها من قيام المحكمة العسكرية الدائمة بإلغاء عقوبة الحبس في القضايا التي تتعلق بقانون الأسلحة والذخائر ورفع بدل الغرامة يستوجب التوقف عند بعض المسائل".
ويفنّد الحسنية هذه المسائل، مشيراً الى "أن قانون الأسلحة الصادر عام 2016 وبأسبابه الموجبه التي دفعت المشرع اللبناني إلى إقرار قانون أكثر تشدداً كما في السابق كان الدافع إليه بسب تفلت إطلاق النار العشوائي في الهواء الأمر الذي أدى وتسبب بمقتل مئات الأشخاص الأبرياء وإصابة آخرين بأضرار جسدية وعاهات دائمة أدت إلى تعطيل جزئي أو دائم وتشوهات في أجسادهم، فكان إقرار هذا القانون المتشدد لجهة إلزامية الحبس والغرامة معاً، بعد أن كانت سابقاً احدها بين العقوبتين ورفع عقوبة الحبس لتتناسب مع الضرر اللاحق بالضحية المصابة من جراء اطلاق النار العشوائي".
ويشير الحسنية الى أن "المحكمة كانت قبل إقرار التعديلات عام 2016 تستنسب استبدال عقوبة الحبس بالغرامة ولكن مع التعديل الذي أقره المجلس النيابي عام 2016 بالنص القانوني، بات على المحكمة إلزامية ان تقضي بعقوبة الحبس والغرامة المالية معاً هذا في ما خص عقوبة إطلاق النار في الهواء بأسلحة مرخصة أو غير مرخصة وفي مناطق مأهوله أم غير مأهولة".
إنما في الشق المتعلق بنقل الأسلحة "فالأمر مختلف إذ أجاز القانون للمحكمة تقرير عقوبة الحبس وأستبدالها بغرامة مالية"، وفق الحسنية.
ويشير الحسنية الى أنه "معروف قانوناً ان المحكمة مقيدة بمقدار الغرامة، بمعنى إنها لها حق التقدير بين الحد الأدنى للغرامة وحدها الأقصى المنصوص عليه في المادة القانونية، فلا تستطيع المحكمة إلزام المدعى عليه بغرامة تقل عن الحد الأدنى المذكور ولا ان يتجاوز حدها الأقصى المعين في القانون".
ويتابع الحسنية: يبقى السؤال فيما يتعلق بما هو متعارف عليه بدل السلاح الحربي وهو بيت القصيد، فالقانون حدد تسليم السلاح الحربي ولم يتحدث عن بدل مالي لقاء هذا السلاح ولكن اجتهاد المحكمة العسكرية كان في حال تعذر تسليم السلاح موضوع الجريمة أو التهرب قصداً من تسليمه تسديد بدل مالي يوازي ثمنه وهذه الغرامة غير مذكورة في القانون، ومعلوم قانوناً أيضاً أنه لا يمكن إلزام أي مواطن وحتى ان كان مدعى عليه بدفع غرامة لم يشر إليها أو يتم ذكرها في القانون أو لم يحددها القانون".
ويشدد الحسنية على أن "القضاء ملزم بتطبيق مواد القانون، "فلا عقوبة دون نص"، وهذا ما يجعل رفع قيمة الغرامات المذكورة في القانون أو إلزام المواطنين بغرامات لم يذكرها ويحددها القانون أمراً مخالفاً للقانون ويجعل من هذا القرار، قراراً غير قابل للتطبيق من الوجهة القانونية يعرض قبل هذا الحكم ليس فقط للإبطال، بل يجعل من هذا التصرف الصادر عن القضاء تصرفاً مخالفاً للقانون مهما كانت أسبابه الموجبه ملحة وضرورية"، مؤكداً أنه "ومن باب الحرص على تطبيق القانون وحتى لا يشكل مثل هذا الإقرار خروجاً عن القانون يستوجب على المحكمة العسكرية في حال قررت إعتماد رفع الغرامة التوجه وفقاً للأصول إلى المجلس النيابي لإصدار تشريع يجيز لها ذلك".
الحق في الحياة والحرية
ان اطلاق النار ابتهاجا أو حزنا ليس خرقاً للقانون وحسب، انما هو أيضاً انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، إذ أن المادة 3 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان نصت على أن "لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه".
وفي هذا الصدد، يشدد أمين سر "جمعية نضال لأجل الإنسان"، فريد محمود، على أن "الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والذي شارك لبنان بصياغته والتزم بتطبيقه في مقدمة الدستور، نص على حق الانسان بالأمان، وإطلاق النار لأي سبب كان سواء فرحاً بزواج أم بمولود أم بنجاح أم بغير ذلك، أو لسبب محزن كوفاة أحد الأشخاص، إنما هو انتهاك لحق الناس لجهة الاستقرار والأمان الذي يجب أن يتمتع به كل فرد من الأفراد ومسبب لقلق والخوف"، مشيراً الى أن "إطلاق النار قد يكون السبب بقتل شخص، وكثيراً ما كنا أمام هذا الواقع، بالتالي هو أيضاً انتهاك لحق الأشخاص بالحياة التي كفلها الدستور في مقدمته من خلال تبنّيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عدا عن أنه مخالف للقوانين اللبنانية الداخلية".
ويختم محمود قائلاً: "كفى استهتار بحياة الناس وباستقرارهم وحقهم في الأمان والعيش باطمئنان وليحاول كل منا أن يضع نفسه مكان المصاب أو مكان أهل الفقيد ويحتكم إلى ضميره".
والى أن يعي ويدرك الكُثر من الأفراد أن حريتهم تتوقف عندما تصل الى حق الآخرين في الآمان والحياة، تبقى العقوبة الجزائية الوسيلة الأنجع. وعلى الرغم من أهمية تشديد العقوبات على كل من يجرّم بإطلاق النار وكل الجرائم السالفة الذكر، إنما يجب أن تطبّق وفق الأطر والقواعد والوسائل الصحيحة كي لا تسمح لأي "مجرّم" بالتنصل من مسؤوليته الجزائية والقانونية، إنطلاقاً من أن "لا عقوبة دون نص".
إعلان