ينتظر لبنان نتائج مروحة جديدة من الإتصالات الدولية والديبلوماسية لإعادة البحث في إنجاز تسوية أو حل لأزمته الرئاسية. تتجه الأنظار إلى ما بعد القمة العربية التي ستعقد في الرياض، وسط مساع لإعادة عقد إجتماع للدول الخمس المعنية بالملف. كما يأمل بعضهم أن يدرج لبنان على جدول المفاوضات الإيرانية السعودية، بعد الإتفاق بين الدولتين والذي كان له انعكاسات مباشرة على ملفي اليمن وسوريا.
عودة سوريا
حققت السعودية الإستقرار في اليمن، فيما حقق النظام السوري، على وقع توقيع اتفاقيات استراتيجية مع إيران، تقدماً في علاقاته مع الدول العربية. يأتي ذلك وسط اصرار سعودي على إعادة سوريا إلى الجامعة العربية وتوجيه دعوة لها لحضور القمة، وعليه يقتضي الإجراء السعودي الوصول إلى صيغة ملائمة تشبه آلية إخراج سوريا من الجامعة العربية والتي تحفظت عليها دول عديدة، وبالتالي فإن عودتها ستكون بنفس الصيغة مقابل تحفظ دول وامتناع أخرى عن التصويت.
اللاجئون: ورقة للإستثمار
في حال وصلت المفاوضات الإيرانية السعودية إلى الملف اللبناني، فلا بد أن ملف اللاجئين في لبنان سيتحرك أيضاً، خصوصاً على وقع الحملة التي شنت على اللاجئين قبل فترة وتقاطعت عليها قوى متعارضة في السياسة، الموالون للنظام السوري والمعارضون له. جاءت هذه التحركات وسط التقارب العربي مع سوريا، والبحث من قبل الدول العربية على وضع آلية لبدء عملية إعادة اللاجئين إلى سوريا بشكل يضمن لهم أمنهم وسلامتهم بناء على التواصل العربي مع النظام السوري.
في لبنان، أراد كل طرف سياسي أن يستثمر في هذا التطور لصالحه. فحلفاء النظام السوري يعتبرون أن مسار الإنفتاح على دمشق يفترض أن يستفيد منه لبنان لإعادة اللاجئين السوريين ولتمرير موقف سياسي بأن انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية سيكون كفيلاً بحل هذه المشكلة. أما المعارضون للنظام السوري، فأرادوا الضغط للعمل على إعادة اللاجئين لتحسين ظروفهم السياسية ومواقعهم الشعبية، وبناء على تقاطع مع التحرك العربي باتجاه سوريا، وذلك للإستفادة من هذه الضغوط كي يتم إدراج لبنان على جدول إهتمام هذه الدول وخصوصاً كي تضغط هذه الدول على النظام في سبيل إعادة أعداد من اللاجئين من الأراضي اللبنانية.
اسباب استثناء لبنان
هذه الحسابات المتقاطعة والمتناقضة سياسياً لكل طرف، كانت أيضاً في سبيل ممارسة الضغوط على الدول التي تجتمع لتوجيه دعوة إلى لبنان لمشاركته في اللقاء الذي عقد في الأردن قبل أيام. فيما تم استثناء لبنان بسبب عدم تحسين علاقاته مع الدول العربية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة يكونان قادرين على وضع خطة واضحة لإعادة اللاجئين.
حسب ما تشير مصادر ديبلوماسية متابعة فإن موضوع اللاجئين في لبنان كان حاضراً على طاولة إجتماع وزراء خارجية الدول الخمس في الأردن، وقد تم البحث مع النظام السوري في ضرورة العمل على تسهيل عملية إعادة أعداد من اللاجئين. كان لبنان قد استبق ذلك بزيارة أجراها المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري إلى دمشق للقاء المسؤولين والبحث معهم في وضع آليات لتنشيط عملية العودة. أما خارجياً، فإن القوى الإقليمية ولا سيما السعودية كانت تشدد في كل مباحثاتها مع إيران ومع النظام السوري على مسألة اعادة اللاجئين من لبنان إلى سوريا.
اهتمام أميركي
يحظى ملف اللاجئين في لبنان باهتمام دولي أيضاً ولاسيما الاهتمام الأميركي. وتؤكد مصادر ديبلوماسية عربية متابعة أن الأميركيين كانوا على صلة بكل هذه التطورات، وعلى علم بها، وقد تدخلوا في نص البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع عمان، لا سيما لجهة ذكر القرار 2254، كما أنهم كانوا على اطلاع حول التواصل لأجل بدء عملية إعادة اللاجئين السوريين من الأردن إلى سوريا. وتضيف المصادر أن لبنان لن يكون بعيداً عن هذا المسار إذ هناك إهتمام عربي ودولي للعمل على إعادة اللاجئين منه إلى سوريا. إلا أن هذا الإهتمام يرتبط ايضاً بضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة في فترة قريبة للعمل على إنجاز هذا الملف.
لبنانياً، تؤكد مصادر متابعة أن الأميركيين يواكبون العمل على إعادة اللاجئين، وهذا محط متابعة من قبل السفيرة الأميركية دوروثي شيا.
هل يُفاجئ الاسد لبنان؟
تكشف مصادر ديبلوماسية عربية أن الأيام المقبلة ستشهد تطوراً في ملف إعادة اللاجئين من لبنان، ويمكن أن يشكل ذلك مفاجأة من قبل النظام السوري بالموافقة على إعادة أعداد كبيرة منهم إلى سوريا بناء على مطالب وضغوط عربية، وفي سياق عملية التقارب مع النظام السوري ومقابل حصوله على مساعدات. وهنا، تضيف المصادر، إن الشروط الأساسية المفروضة تطالب بأن يكون هناك إشراف عربي على إعادة اللاجئين وعلى عملية إعادة اعمار المناطق التي سيقطنون بها وتجهيزها بمساكن. وتشير إلى أن الإختبار الأول لذلك سيكون من خلال أول عملية إعادة للاجئين من الأردن، وستتولى عمان عملية إعمار المنطقة التي سيعودون إليها.
الهواجس والمسؤوليات
منذ العام 2011 كان موضوع اللجوء السوري ينطوي على ثلاثة هواجس أساسية لبنانية. الأول هو الهاجس الأمني ويتعلق بالتخوف من دخول مجموعات مسلحة كانت ناشطة على الحدود القريبة من لبنان، وأن غالبية الشبان السوريين خضعوا لدورات تدريب عسكرية في مراحل التجنيد الإجباري.
الهاجس الثاني ذات طابع ديموغرافي لأن معظم اللاجئين يأتون من مناطق ذات انتماء طائفي واحد.
أما الهاجس الثالث فكان الخوف من المزاحمة على أسواق العمل وتأثير اللجوء على الواقع الإقتصادي.
لا تزال كل هذه الهواجس قائمة، مع الإشارة إلى انخفاض في نسبة التخوف من الواقع الأمني بفعل توقف العمليات العسكرية. أما معيشياً واقتصادياً، فلا يتحمل السوريون مسؤولية انعدام القدرة على انتاج الكهرباء، ولا مسؤولية عدم الإستثمار بالبنى التحتية اللبنانية.
ووتحاول السلطة السياسية اللبنانية رمي مسؤولية الإنهيار على الآخرين وتحديداً اللاجئين، بينما الطبقة السياسية ومصالحها المتشعبة هي التي منعت إيجاد الحلول للأزمة الإقتصادية، فيما استمرت بدعم المصارف ورياض سلامة، وعدم العمل على وضع قوانين لمعالجة الأزمة كالكابيتول كونترول مثلا.
تحميل مسؤولية الإنهيار للاجئين، تشبه إلى حد بعيد حديث أمين عام حزب الله حسن نصر الله الدائم عن الحصار الأميركي للبنان، وأنه هو الذي يتسبب بانهيار البلاد.