Advertise here

حقيقة عمرها 93 عاماً.. حكم لمحققين أوروبيين حول المسجد الأقصى

05 أيار 2023 21:48:44

فيما يستمر النزاع في الأراضي المحتلة حول القدس والمسجد الأقصى، على وقع الاعتداءات المتكررة للمستوطنين وجيش الاحتلال الاسرائيلي، ثمة حقائق تاريخية لا بد من التذكير بها والعودة اليها في وقت يتبرأ الجميع من الحقيقة. وفي هذا السياق تعيد جريدة "الأنباء" الالكترونية نشر هذا المقال الذي يظهر حقيقة عمرها عشرات السنوات وتؤكد لمن يعود الحق بملكية المسجد الأقصى والحائط الغربي.. وإليكم التفاصيل:

ما لا يعرفه أكثر العرب والمسلمين أن هناك قرار محكمة دولية قبل 93 عاماً صدر أثناء الانتداب البريطاني لفلسطين وذلك عندما تقاضى المسلمون واليهود حول قضية القدس والمسجد الأقصى، حول ما اذا كان حق للمسلمين أم هو الهيكل المزعوم لسليمان عليه السلام أم هو حق تاريخي لليهود.

فماذا قال المحكّمون الأوروبيون والقضاة المحايدون والمحامون وعلماء التاريخ والآثار الدوليون، ولم يكن بينهم عربي ولا مسلم واحد، عن المسجد الأقصى وعن الحائط الغربي العتيق للمسجد الأقصى؟ هل هو حائط المبكى؟ وهل هو حق لليهود أم هو حائط البراق وهو حق وملك للمسلمين؟ ماذا كان قرار تلك اللجنة الدولية؟

وفي التفاصيل أنه أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين اندلعت ثورة البراق عام 1929 ضد المستعمر البريطاني احتجاجا على تسهيلات قدمها الانجليز لليهود للوصول والصلاة عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى ولم تهدأ الثورة إلا بعد أن قبل الانجليز إحالة النزاع إلى محكمة دولية للبت هل الحائط هو حائط البراق الإسلامي أم هو حائط المبكى اليهودي.

وعين وزير المستعمرات البريطاني في 13 سبتمبر 1929م لجنة عرفت باسم "لجنة شو" للتحقيق في الأسباب المباشرة للانتفاضة ووضع التدابير لمنع تكرارها، وكان من توصياتها لتحديد الحقوق والادعاءات تجنباً لحدوث انتفاضات أخرى، أنْ اقترحت الحكومة البريطانية على مجلس عصبة الأمم تشكيل لجنة لهذا الغرض، حيث وافق مجلس العصبة في 15 مايو 1930م على تشكيلها برئاسة وزير الشؤون الخارجية السابق في حكومة السويد رئيساً، وعضوية نائب رئيس محكمة العدل في جنيف، ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة، وحاكم الساحل الشرقي لجزيرة سومطرة السابق وعضو برلمان هولندا، وهي لجنة دولية محايدة وعلى أعلى مستوى قضائي وتحكيمي. ووصلت اللجنة إلى القدس في 19 يونيو 1930 حيث اقامت شهراً كاملاً في فلسطين، وكانت في كل يوم تعقد جلسة أو جلستين. 

وأثناء الجلسات التي عقدتها اللجنة وعددها 23 جلسة، استمعت اللجنة إلى شهادة 52 شاهداً من بينهم 21 من حاخامات اليهود و 30 من علماء المسلمين، وشاهد واحد بريطاني. وقدّم الطرفان إلى اللجنة 61 وثيقة منها خمس وثلاثون مقدمة من اليهود وست وعشرون وثيقة مقدمة من المسلمين.

 وتقاطرت الوفود من أنحاء العالم الإسلامي إلى القدس للدفاع عن القضية وإعلان تمسك المسلمين بملكية الحائط، وسافر من مصر أحمد زكي ومحمد علي علوية ومحمد الغنيمي التفتازاني، ومن العراق مزاحم الباجهجي، ومن لبنان صلاح الدين بيهم، ومن إيران ميرزا مهدي، ومن أفغانستان السيد عبد الغفور، ومن أندونيسيا أبو بكر الأشعري وعبد القهار مذكر، ومن الهند عبد الله بهائي والشيخ عبد العلي، ومن بولونيا مفتيها الدكتور يعقوب شنكوفتش إضافة إلى عدد من الشخصيات الفلسطينية البارزة عوني عبد الهادي، أمين التميمي، أمين عبد الهادي، جمال الحسيني، محمد عزت دروزة، راغب الدجاني والشيخ حسن أبو السعود، وشخصيات أخرى شاركت من مراكش والجزائر وطرابلس والمغرب وسوريا وشرقي الأردن. 

وثبت للمحكمة الدولية أن حجة المسلمين كانت هي الغالبة، إذ استطاع دفاعهم أن يثبت أن جميع المنطقة التي تحيط بالجدار وقف إسلامي بموجب وثائق وسجلات المحكمة الشرعية، وأن نصوص القرآن وتقاليد الإسلام صريحة بقدسية المكان، وأن زيارة اليهود للحائط ليس حقا لهم بل كانت منحة محددة بموجب أوامر الدولة العثمانية، وبموجب أوامر الحكم المصري للشام، ولم تكن إلا استجابة للالتماسات المتكررة بزيارة المكان دون السماح لهم بإقامة شعائر الصلاة في هذا المكان، ويكتفى بالدعاء بلا صوت ولا إزعاج ولا أدوات جلوس أو ستائر. وكان ذلك منحة من الحكومات المسلمة كنوع من التسامح الديني وليس حقا تاريخيا ولا دينيا ولا عقارياً.

جاء قرار المحكمة بعد أكثر من خمسة أشهر من بدء جلسات اللجنة الدولية في القدس، وبعد أن استمعت إلى ممثلي العرب المسلمين وممثلي اليهود، واطلعت على كل الوثائق التي تقدم بها الطرفان، وزارت كل الأماكن المقدسة في فلسطين، عقدت اللجنة جلستها الختامية في باريس من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 1930م حيث انتهت اللجنة بالإجماع إلى قرارها الذي استهلته بالفقرة التالية، وهي الأهم:

"للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وللمسلمين أيضاً تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي لجهات البر والخير

إن أدوات العبادة وغيرها من الأدوات التي يجلبها اليهود ويضعونها بالقرب من الحائط لا يجوز في حال من الأحوال أن تعتبر أو أن يكون من شأنها إنشاء أي حق عيني لليهود في الحائط أو في الرصيف المجاور له".

 وتضمن القرار عدداً من النقاط الأخرى أهمها منع جلب المقاعد والرموز والحصر والكراسي والستائر والحواجز والخيام، وعدم السماح لليهود بنفخ البوق قرب الحائط، وقد وضعت أحكام هذا الأمر موضع التنفيذ اعتباراً من 8 يونيو 1931، وأصدرت الحكومة البريطانية كتاباً أبيض عن الموضوع اعترف بملكية المسلمين للمكان وتصرفهم فيه. وقد حمل كل من الحكم الدولي والكتاب الأبيض اليهود على التزام حدودهم، ولم يلبث صوت اليهود أن خفت ظاهريا بالنسبة لموضوع الحائط، كما أصدر ملك بريطانيا على أساس ذلك المرسوم الملكي المعروف باسم مرسوم الحائط الغربي لسنة 1931 الذي نشر في حينه في الجريدة الرسمية لفلسطين.