Advertise here

برّي يستلم دفة الرئاسة والمعارضة تبحث عن مرشحها!

05 أيار 2023 06:16:48

انتقلت اللعبة الرئاسية في لبنان، من "البينغ بونغ" إلى "شد الحبل". اللعبة الأولى كان تفرض تقاذف كرة الطاولة بين الأفرقاء في الداخل والخارج، عن مسؤولية الانتخابات الرئاسية المغلفة بالمواصفات والشروط والشروط المضادة. أما في اللعبة الثانية فقد انتقلت الكرة كلها إلى ملعب اللبنانيين، الذين سيسعى كل طرف منهم إلى شد الحبل لجهته، واستقطاب نواب من الطرف الآخر. بدا ذلك واضحاً منذ بدء جولة السفير السعودي وليد البخاري على الأفرقاء السياسيين، وإعلانه بشكل صريح أن المملكة لا تضع فيتو على أي مرشح لرئاسة الجمهورية، وأنها مع إجراء الانتخابات سريعاً، بما يضمن تلبية تطلعات الشعب اللبناني.

برّي والفرنسيون
أكثرَ اللبنانيون من تفسير مواقف البخاري، والتي وصفها الطرفان المتناقضان بأنها لا ترقى إلى مستوى طموحاته وأحلامه. فلا مؤيدو فرنجية وجدوا فيها جواباً شافياً، يتضمن تغييراً في الموقف السعودي. ولا خصومه اعتبروها تنطوي على رفض واضح، أو تبقى عند عتبة المواصفات التي التزمت السعودية بفرضها على أي مرشح رئاسي. علماً أن هذه المواصفات التي كانت مطروحة ومذكورة بوضوح لا تنطبق على فرنجية.

عملياً، حصل الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي رمي الكرة في ملعب اللبنانيين، والاتفاق فيما بينهم على انتخاب الرئيس.

الفريق المؤيد لفرنجية فسرها إيجاباً لصالحه، وكذلك بالنسبة إلى الفريق المعارض الذي يعتبر أنه طالما يستمر على معارضته، فلا يمكن انتخاب الرجل، وفق المعيار السعودي. وما عزز الإكثار من هذه السجالات والتفسيرات، كانت التسريبات الكثيرة التي حصلت من قبل رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ومن الديبلوماسيين الفرنسيين بأنهم نجحوا في إقناع المملكة العربية السعودية بالسير بخيار فرنجية. 

وهنا تشير مصادر متابعة، إلى أن برّي نظر بالكثير من الإيجابية لاجتماعه مع السفير السعودي. إيجابية بناها رئيس مجلس النواب على مبدأ أن البخاري قال بوضوح إن المملكة لا تتدخل في التفاصيل ولا في الأسماء، وأنه على اللبنانيين التوافق على انتخاب الرئيس. وتضيف المصادر: "إن رئيس المجلس بقي مصراً على خيار فرنجية بما يضمن الطائف والعلاقة مع العرب، معتبرة أن السفير السعودي لم يدخل في تفاصيل هذا النقاش، إلا أنه كان واضحاً بأن انتخاب أي رئيس يفرض أن يتحمل اللبنانيون مسؤولية خياراتهم".

برّي والمعارضة
التقط برّي الإشارة على طريقته، واعتبر أنه لم يكن بحاجة سوى إلى موقف سعودي واحد يشير إلى عدم وضع فيتو على فرنجية، فيما هو يتكفل بباقي الأمور والتفاصيل، بناء على التحركات التي يقوم بها إلى جانب الحركة التي أطلقها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب. ومن تفسيرات برّي للموقف السعودي أنه مشابه للموقف الأميركي، بأن لا فيتو على أي مرشح، وأن واشنطن قابلة للتعاطي مع أي رئيس يتم انتخابه. في مقابل قراءة برّي هذه، هناك قراءة أخرى لدى قوى المعارضة، التي تعتبر أنها أصبحت محكومة بضرورة التوافق فيما بينها على تقديم ترشيح شخصية قادرة على تحقيق عدد أصوات أكبر من ميشال معوض ومن سليمان فرنجية، لخوض الانتخابات على هذا الأساس.

من هنا تستمر الاتصالات واللقاءات بين القوى المعارضة، في سبيل التوافق على هذا المرشح. وهنا يستمر مسعى النائب غسان سكاف، الذي التقى برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والذي كان قد التقى السفيرة الأميركية دوروثي شيا. هذا يوضح حكم التحركات على ضفة المعارضة في سبيل الوصول إلى رؤية مشتركة. بينما يستمر برّي في قيادة معركة إيصال سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية. وهو يعتبر أنها أصبحت أسهل من قبل، وأنه لا يزال على المسار الصحيح.

الـ65 صوتًا والنصاب
لم يخف برّي خلال لقائه بالسفيرة الأميركية قبل يومين، نيته توجيه دعوة قريبة لعقد جلسة انتخاب رئاسية. ولكن ما هو الذي دفع إلى مثل هذا التفكير أو الموقف؟ تجيب مصادر متابعة بأن رئيس المجلس يلمس من قبل القوى الدولية بأنه لا يمكن ترك لبنان في حالة الفراغ، ولا بد من الوصول إلى فرصة حقيقية لانتخاب رئيس خلال شهري أيار وحزيران. وعلى هذا الأساس يبدأ اللعب، من خلال محاولات بري المستمرة لاستقطاب العديد من النواب المعارضين. فهو بذلك سيتحرك على أكثر من خط، أبرزها يتعلق باستمالة عدد من النواب السنّة ذات الموقف المتردد من انتخاب سليمان فرنجية. وهو يريد إقناعهم بالسير بخياره طالما أن السعودية أعلنت على لسان سفيرها عدم وضعها فيتو على أحد.

واللعبة الأبعد ترتبط بمحاولات من قبله لاستمالة عدد من نواب التيار الوطني الحرّ، إلى جانب نواب حزب الطاشناق للتصويت لفرنجية، إنطلاقاً من المساعي التي يقوم بها الياس بو صعب، فيما ستتركز محاولات استقطاب عدد من النواب المستقلين بأنواع متعددة من الإغراءات. يبدو برّي مرتاحاً لمسار إمكانية توفيره 65 صوتاً لصالح فرنجية. بعدها يذهب إلى معركة النصاب. وهذه لها أكثر من سياق. أولها، بالانتقال من الـ65 نائباً، ليراهن على عدم مقاطعة كتلة اللقاء الديمقراطي للجلسة، وعدم مقاطعة النواب السنّة غير المتحالفين أو المحسوبين على حزب الله. بالإضافة إلى عدم مقاطعة عدد من نواب التغيير والنواب المستقلين. وبالتالي، تصبح إمكانية تأمين النصاب متوفرة، لا سيما في ظل مساع سيبذلها حزب الله مع التيار الوطني الحرّ لإقناعه بالحضور، أو من خلال إقناع عدد من النواب التيار بذلك.

ولكن تبقى المعركة بعيدة عن لغة الأرقام في لبنان، لأن المعيار هو سياسي مرتبط بسياقات داخلية وخارجية. لقد أصبحت معركة عض أصابع، ومن يصرخ أولاً. وبذلك تصبح الكرة في ملعب المسيحيين وكيفية قيادتهم للمعركة، واذا كانت المعارضة ستنجح في الاتفاق على مرشح قادر على تحصيل عدد أصوات أكبر من أصوات فرنجية.