يبدو الرئيس نبيه بري واثقاً من صوابية "الداتا" الرئاسية التي يستند إليها في إطلاق مواقفه، على رغم النفي المتكرر لها من قبل القوات اللبنانية.
يتفادى رئيس المجلس الإفصاح عن كل الذي يعرفه، لكن ما يبوح به يكفي لإعطاء إشارات واضحة الى أنّ "أسهم" رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا تزال ترتفع وسط "السهام" السياسية التي تتعرض لها.
وعندما يُسأل بري عن تعليقه على نفي "القوات" لصحة معلوماته حول ما يجري على الخط الفرنسي - السعودي - الأميركي، يجيب: هذا الإنكار لن يغيّر شيئاً في الوقائع. الأمر الأكيد هو انني صادق في كل ما أقوله عن المسار الاقليمي والدولي المواكِب للملف الرئاسي، ثم لا الفرنسيين ولا السعوديين نَفوا ما صدر عني في شأن موقف الرياض حيال ترشيح فرنجية، ولذا فإنّ نفي القوات اللبنانية لا يؤخّر.
ويلاحظ بري انّ جعجع يبدو متوتراً هذه الأيام، "وهو يرفض الحوار ويرفض التشريع في مجلس النواب ويرفض اجتماع الحكومة ويرفض التجاوب مع مساعي التسوية الرئاسية، في حين انّ الوضع الصعب الذي يمرّ فيه البلد يتطلّب التحلي بأعلى درجات المسؤولية، والتفتيش عن حلول وليس إقفال الباب تلو الآخر أمامها".
ولدى سؤاله: هل صحيح انك تحاول أن تُحيي الموتى كما ورد في بيان معراب؟ يضحك بري ثم يجيب: أنا أحيي الحقائق التي يحاول البعض أن يطمسها.
ويؤكد بري انه ثابت على دعم ترشيح فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وليست لديّ خطة "ب" أو "ج" أو "ت" او غيرها. ويتابع بنبرة حاسمة: باختصار بالنسبة الى ما خَص مسألة تأييدي لانتخاب فرنجية لا أعترف سوى بالخطة "أ"، أمّا باقي حروف الأبجدية فليست موجودة في قاموسي السياسي، مع احترامي الكامل لحق الآخرين في أن يكون لهم أيضاً مرشحهم الآخر وأن يَسعوا الى إيصاله.
ويلفت بري الى انّ الجلسات الـ 11 لانتخاب رئيس الجمهورية تحوّلت أضحوكة وألعوبة، "ولن أقبل بأن يستمر التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي بهذه الخِفة، ولذلك انتظر حتى يكون هناك مرشح جدي او مرشحين جَديين لدى مكونات الطرف الآخر لكي أدعو الى جلسة انتخابية".
ويوضح انّ نائب رئيس المجلس الياس بو صعب أبلغَ إليه انه سيتحرك بحثاً عن قواسم مشتركة بين الكتل، "فلم أمانع، وتمنيتُ له التوفيق، مع انّ مهمته ليست سهلة".
وينفي بري ان يكون وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قد تدخل في الشأن الرئاسي خلال زيارته لبيروت، مشيراً الى أنّ عبد اللهيان لم يطلب من حركة أمل و"حزب الله" أي أمر على هذا الصعيد، "وعندما اجتمعتُ به كنتُ أنا مَن بادَر الى مقاربة الملف الرئاسي وليس هو".
ويؤكد انّ معالجة قضية النازحين السوريين جدياً تتطلّب تطوير التواصل مع سوريا، حتى لا يظل الجانب الأمني طاغياً عليه، داعياً الى تعزيز التنسيق على المستوى السياسي بين الحكومتين.
ويلفت الى انّ المطلوب اتخاذ إجراءات عملانية ومنسّقة تسمح بتحقيق العودة الواسعة، وبمواجهة اي محاولات لعرقلتها من قبل الجهات الدولية.
ويعتبر بري انه من الضروري ان يتواجد في رئاسة الجمهورية شخص يكون، من ضمن مواصفاته الضرورية، أهلاً لمعالجة قضية النزوح التي باتت تشكل تهديداً كبيراً للبنان، "وسليمان فرنجية هو أكثر من يملك المؤهلات السياسية للتعامل مع هذا التحدي وكسبه، انطلاقاً من الثقة المتبادلة بينه بين القيادة السورية".
امّا بالنسبة إلى استحقاق اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فإنّ بري يشدد على أن الاولوية المُلحّة هي لتعيين حاكم جديد، مشيراً الى انّ ذلك يجب أن يشكل حافزاً لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية سلامة.
من هنا، يرفض بري بشدّة التسليم بمبدأ حلول النائب الأول للحاكم وسيم منصوري مكان سلامة في حال تعذّر تعيين خلف له.
ويلفت الى انّ موقع حاكمية مصرف لبنان شديد الأهمية والحساسية ضمن التوازنات اللبنانية والتركيبة الداخلية، "وينبغي ان تكون لرئيس الجمهورية كلمة فيه كما في اسم قائد الجيش،
وبالتالي لا أقبل ان يحلّ شيعي في مركز حاكم البنك المركزي ولو بالإنابة ولفترة قصيرة، مع تأكيدي بأنّ وسيم منصوري يملك القدرات المطلوبة، ولكن الأمر أبعد من هذه الحدود".