Advertise here

الحياة السياسية وغفلة الزمن

10 حزيران 2019 09:16:00 - آخر تحديث: 12 حزيران 2019 08:41:04

لا تستقيم حياة سياسية في البلاد بأسلوب مسّ الكرامات الشخصية أو العامة وأفكار وعلم وفهم أي شخص يرى نفسه يتمتع بهذه الصفات. المطلوب نقاش سياسي حيوي بين أصحاب الأفكار والبرامج والمشاريع والرؤى لتفعيل الحياة السياسية وجعلها أكثر دينامية وتطوير أنظمتنا ووسائل عملنا في إدارات ومؤسسات الدولة لما فيه مصلحة كل اللبنانيين، وتحفيز الشباب على الانخراط في العمل السياسي على هذه القاعدة فنؤسس معاً لجيل قادر على حمل الأمانة وحماية المستقبل. 

لكن في الوقت ذاته ليس مقبولاً على الإطلاق أن يتصرف شخص أو تيار أو فريق على أساس أنه يملك وكالة حصرية بالكرامة والفهم والنضال والفكر والعلم والمعرفة والثقافة والجدية والدينامية والإنجاز والإعجاز في الإنجاز والإنتاج والإخراج والآدمية والتاريخ النظيف والإبداع والمبادرة والآدمية والأخلاق بل أكثر من ذلك، كأن هذه الصفات ولدت مع هذا التيار أو الشخص أو الفريق وانتهت معه!! وأن هذا الجانب من الكرة الأرضية يقيم عليه طرفان: في المقلب الأول الطرف الذي يتصرف على هذا الأساس، وكل الأطراف الأخرى تمثل نقيض هذه القيم والعناوين وتقيم على المقلب. ويدور الصراع بينهما . 

لا. لا تستقيم حياة سياسية على هذا الأساس. وحالة الورم التي يمثلها تصرّف الطرف الأول لا بد أن تنفّس وتؤذيه وتؤذي البلد معها. وإذا كان صحيحاً أن العناوين المذكورة تعنيه الى هذا الحد فهو مطالب بالاستناد إليها للتعلّم من دروس التاريخ القديم والحديث في لبنان وما آلت إليه رئاسات وما وصل إليها حكام حكمتهم شهوة السلطة وكان كل شيئ بين أيديهم لجهة الصلاحيات. 

كما لا تستقيم حياة سياسية بالاستقواء على بعضنا البعض بوسائل وأسلحة مختلفة، وبتجاوز الصلاحيات والدستور واستباحة المؤسسات وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية ونبش دفاتر الحرب وقبورها وتعميم الأحقاد وممارسة الاستنساب في الحساب وضبط الأمور في الدولة وتثبيت ميزان العدالة والقانون فيها بما يؤكد القول أن ليس ثمة مارونية سياسية، أو سنية سياسية قامت على أنقاضها، ولن تكون شيعية سياسية على أنقاض الإثنين، وبالتأكيد هذا كلام لا يطمئن، أولاً لأنه يختصر البلاد وطوائفها ومذاهبها بهذه الفئات الثلاث أما الأخرى فهي ملحقة وثانوية وهذا نوع من التمييز الذي لا يولّد إلا الأحقاد بين الناس ويقتل الطموح والأمل عندهم، وثانياً لأن البلاد لا يمكن أن ترتاح في ظل هذه التركيبة الطائفية واستباحة القوانين والأنظمة والمطلوب وطنية سياسية لا طائفية سياسية وفي دستورنا مدخل الى ذلك فبدل تطبيقه وفتح الباب نحو إصلاح سياسي جدي، يذهبون الى إقفاله بإحكام لممارسة الأحكام التي تضمن مصالحهم وتحكّمهم بالدولة ومؤسساتها وقد سمعنا توصيف المرجعيات الروحية وعدد من القيادات السياسية لهذه الحالة في الأيام الماضية. 

وفي المقابل لا تستقيم حياة سياسية عندما يكون العقل الجماعي اللبناني معطوباً. جزء منه في الكهوف وجزء آخر في الجاهلية ، وخلايا في الغرب ، وأخرى في الشرق والقليل القليل في لبنان في أصعب مرحلة يمر بها. 

ولا تستقيم حياة سياسية مع جهل وكسل وأمية وعبثية وإدعاء وترقية غباء... 

هذا هو واقع الحال اليوم في لبنان، إنها غفلة زمن. لن تدوم. والتاريخ يراقب.