Advertise here

ما زلتُ أبحث عن إنجاز

19 نيسان 2023 20:24:20 - آخر تحديث: 02 تموز 2023 21:05:05

خلال السنوات الأخيرة، وقبل انتخابات 2022 النقابية، شهدنا تراجعاً في تنفيذ مواد قانون إنشاء نقابتين للأطباء في لبنان من قِبل مجلس نقابة أطباء لبنان في بيروت حيث جاء في الفصل الأول، المادة الثانية، أنّ مهمة نقابتَي أطباء لبنان هي مهمة طبية، صحية علمية، إدارية، وإرشادية تستهدف:
 
1- جمع كلمة الأطباء، والدفاع عن حقوقهم، والمحافظة على مصالحهم المعنوية والمادية المشروعة، ورفع مستوى مهنتهم والسهر على آداب الطبابة وكرامتها.

2- معاونة المحتاجين والعجّز من الأطباء أو من عائلاتهم، وإنشاء صندوق تقاعدي لضمان الشيخوخة والعجز.

3- أمّا المادة الحادية والعشرون (فقد نصّت على أن) يختص مجلس النقابة بالأمور الآتية: تنفيذ مقرّرات الهيئة العامة.

4 - الاتّصال بالسلطات، أو بغيرها من الهيئات والأشخاص فيما يتعلق بمصالح النقابة.
لم نرَ أي نتائج حتى تاريخه  لتحصيل حقوق الأطباء المتراكمة، ولسنوات، لدى العديد من الجهات الضامنة، ولم تتم متابعة تنفيذ ما اتّفق عليه مع شركات التأمين عام 2010، كما لم يقم النقيب ولا مجلس النقابة بأي مبادرة فعلية لتعديل كتاب التعرفة، على الرغم من جهود الزملاء في لجنة التعرفة على مدى ولايات متعاقبة. كما أنّ الزملاء اختصاصيي الأشعة والمختبر والباثولوجي ما زالوا ينتظرون إنصافهم وفصل أتعابهم. أمّا عن الحسومات العشوائية والغير مبررة لأتعاب الأطباء، فالحقوق مهدورة ولا مَن يسأل.

يُعتبر المعاش التقاعدي للأطباء هاجس دائم، وموضع وعود شعبوية تٌطلق قبل كل استحقاق انتخابي نقابي، وينتهي الأمر بعد كل استحقاق، وإذا اتّخذ قرار في هذا الشأن فهو قرار ترقيعي.
 
قبل تشرين 2019، كان المعاش التقاعدي، على الرغم من هزاله، يعادل قرابة 660 دولاراً أميركياً، ومع الانهيار الاقتصادي أصبح لا يسدّ رمقاً.  فالمطلوب رفع المعاش التقاعدي لاستعادة قيمته الشرائية كما كانت قبل الأزمة، وما جرى حتى تاريخه قاصر و مخيّب للآمال. 

بعد اعتماد مؤشّر الأدوية لم يقم النقيب السابق بواجبه، ودون مسوّغ بقيت النقابة تستوفي الرسوم على دولار 1,500 ليرة في حين أنّه يجب تطبيق سعر الدولار كما يعتمده المؤشّر.

إنّ تحصيل الرسوم الواجبة قانوناً، والذي هو واجبٌ وأمرٌ بديهي، أثمر مداخيلاً متزايدة ظاهرياً ومتآكلة قيمتها الشرائية عملياً، فهو عمل روتيني وليس إنجازاً.

إنّ رفع قيمة المعاش التقاعدي بالليرة اللبنانية لم يصل حتى تاريخه حتى إلى ربع ما كانت قيمته بالدولار قبل الأزمة، فلا يؤخذ أحدٌ بما يقال، كما أنّ ما يجري من متابعة لأتعاب الأطباء لدى وزارة الصحة هو واجب كان يجب القيام به منذ زمن، فلا بأس أن يأتي متأخراً من أن لا يأتي أبداً.

إنّ الإشكالية الكبرى هي قيام مجلس النقابة بزيادة تعرفة المعاينة الطبية بشكلٍ دوري، في حين أنّ تعرفة أتعاب الأطباء من قِبل الجهات الضامنة متروكة على همة وقدرة وكرم أخلاق الجهات الضامنة، علماً أنّ واجب النقابة متابعة هذا الأمر والإصرار على الزيادة بشكلٍ دوري بناءً لآليةٍ دائمة، كما وتسريع حصول الأطباء على مستحقاتهم الهزيلة والمتآكلة سلفاً.

عام 2010، تمّ الاتّفاق مع شركات التأمين على كيفية احتساب أتعاب الأطباء وآليةٍ لزيادة دورية في التعرفة، لكن شركات التأمين خلال السنوات الأخيرة أخلّت بالعديد من بنود الاتّفاق لناحية الزيادة الدورية، وكيفية الدفع، وبأي عملة يتم ذلك. وعندما وصلتنا تعاميم النقابة حول مطالبتها والنزاع الحاصل استبشرنا خيراً بأنّ مجلس النقابة بصدد العودة للقيام بواجباته المنصوصة في القانون لنعود ونرى اتفاقاً ألغى الاتّفاقات السابقة دون اعتماد وتبيان تعرفات واضحة، كما أنّه ترك الأمر مبهماً حول آلية تحويل الأتعاب، والعملة التي ستدفع بها، فبتنا لا ندري هل ستحوّل إلى الطبيب نفسه، أو إلى اللجان الطبية، أم تُحوّل إلى المستشفيات لتحوّلها بدورها للطبيب، وبذلك تمّ تجاوز مبدأ فصل الأتعاب.
 وفي كل الأحوال هناك ثغرات قانونية فاضحة، وتفريط بحقوق الطبيب ومكتسباته، خاصةً أنّه لم يتضمن بنوداً جزائية تمنع تكرار تهرّب شركات التأمين من التزاماتها، وألزمَ الطبيب بشروط هذه الشركات مما يسمح لها  بارتهان الطبيب وضياع حقوقه، فكيف نصدّق أنّ هذا الاتّفاق هو إنجاز. 

إنّ الحفاظ على التوازن المالي للنقابة لا يتحقق بمعاش تقاعدي هزيل، بل بتخفيض النفقات، وأولها الصرف على رواتب الموظفين خاصةً بعد التوظيفات التنفيعية والمحاصصة في السنوات الأخيرة، والأحرى دولرة المعاش التقاعدي، وليس رواتب الموظفين المضخّمة.

 إن تخفيض نفقات النقابة واجب يتمّ التعامي عنه، ويجري العمل عكسه، وزيادة الرواتب بالأسلوب والشكل الذي يجري مثالٌ على ذلك. 

إنّ كل ما تمّ القيام به في إطار آلية تحصيل الرسوم عن الأدوية والمستلزمات الطبية، ومتابعة تحصيل أتعاب الأطباء، خاصة وأنّ الجهات الضامنة ترسل حوالات مصرفية ترفض المصارف صرفها للأطباء، ومتابعة أتعاب الاطباء القابعة ومتأخرة لدى بعض الجهات الضامنة، وحتى الزيادات المحدودة والمخيّبة للمعاش التقاعدي هي في الحقيقة واجبات تقاعس عنها النقباء والمجالس النقابية السابقة.

 وأما موضوع الاتفاق مع شركات التأمين فهو إخفاقٌ يسجّل، وما تمّ القيام به في موضوع رواتب الموظفين، فهو سوء إدارة وتعريض النقابة لخطر الإفلاس.

أمّا ما نسمع عن نزاع غير معلن بين نقابة أطباء لبنان في الشمال ونقابة أطباء لبنان في بيروت حول كلفة تحصيل الرسوم على الأدوية والمستلزمات الطبية عن سنوات سابقة، فلا يبشّر بالخير. 

لست ممن يبخس الناس حقّهم، فمجرد أن قام الإنسان بواجبه علينا تشجيعه وشكره، على الرغم من أنّ القيام بالواجب لا يستدعي الشكر، وهذا أمرٌ يسجّل للمجلس الحالي لأنّ التقاعس عن القيام بالواجب أصبح في نقابة الأطباء في بيروت عادة، لكنني ما زلت أنتظر إنجازه عسى أن لا أفقد الامل.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".