الخارج في انشغالاته ولبنان في أزماته.. الواقع المعيشي إلى صعوبات جديدة

17 نيسان 2023 06:09:23 - آخر تحديث: 17 نيسان 2023 09:48:55

انشغالات الخارج كثيرة وأولوياته في مكان آخر تبدأ بأوكرانيا ولا تنتهي في إيران وتايوان، وبالأزمة الاقتصادية العالمية، فيما العالم العربي منشغل بالصراع على السلطة في السودان، فضلا عن انشغاله بالقضية اليمنية ومساعي الحل السياسي، وبتسوية العلاقة مع إيران، ومساعي "إعادة سوريا إلى الحضن العربي"، ومع كل هذه الانشغالات لا يبدو أن مشاكل لبنان تقترب من الحل، بل كل المؤشرات تدل على أن المحاولات الأخيرة منذ لقاء باريس الخماسي لم تفضي بعد الى بلورة إطار حل يمكن أن يشكل بارقة أمل. 

وسط هذا المشهد يبرز هذا الأسبوع الجلسة التشريعية الثلاثاء المقبل التي ستمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية، قبل ساعات قليلة من إجتماع حكومة تصريف الأعمال التي ستبحث في تمويل انتخابات هذه المجالس وزيادة الرواتب والتقديمات للقطاع العام المستمر في إضرابه.

ومع ترقب ما ستسفر عنه المساعي العربية لإعادة العلاقة مع دمشق قبيل إعادة عضويتها في جامعة الدول العربية من باب مؤتمر القمة الذي سيعقد في السعودية نهاية أيار المقبل، لفتت مصادر سياسية مواكبة في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية إلى أن مسألة عودة سوريا الى الجامعة العربية ما تزال بين أخذ ورد بسبب عدم إعطاء النظام السوري أجوبة واضحة على المطالب السعودية، وتتلخص بتسهيل عودة آمنة النازحين السوريين الى ديارهم، وإعادة النظر بالتحالف السوري - الإيراني، وانسحاب التنظيمات العسكرية الموالية لطهران، وما يضمن عدم تدخل النظام السوري بالشأن الداخلي اللبناني. المصادر رأت أن شهر أيار المقبل قد يشهد تطورات سياسية ملفتة تساعد على تحريك الملف اللبناني ويمكن ان تحدد مسار الأمور ايجابا أم سلبا، وذلك عبر تزخيم الاتصالات مع الافرقاء اللبنانيين وحثهم على انتخاب رئيس جمهورية أو التخلي عن الاهتمام بلبنان بشكل نهائي بانتظار إعادة ترتيب أوضاع المنطقة بعد انجاز العناوين الرئيسة المدرجة في الاتفاق السعودي - الإيراني.

على خط آخر وفي ما يتعلق بالزيادة المرتقبة لرواتب موظفي القطاع العام، أشار الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن قرار الحكومة برفع الأجور "سيكون له تداعيات سلبية تزيد من نسبة التضخم وتراجع لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي والذهاب إلى طباعة أوراق نقدية في ظل مؤشر سلبي آخر للمرحلة المقبلة وصعوبة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة في تموز المقبل، ويصبح رفع الأجور أشبه بلحس المبرد، فيزداد التضخم وتتلاشى القدرة الشرائية وتعود الحكومة الى طباعة العملة من جديد"، لافتا إلى أن "الإشكالية الكبيرة هي بقرار الحكومة تعديل المادتين 5 و47 من قانون النقد والتسليف. فالمادة 5 تجيز للفئات التي يصدرها المصرف المركزي ب 100 الف ليرة والمادة 47 حصرية إصدار النقد للمصرف المركزي. فإذا ما تم تعديلها قد تمنح الصلاحية لجهة ثانية أو للحكومة مجتمعة أو غيرها، وهذا يعني أن طباعة العملة قد يتحول الى قرار سياسي كسائر القرارات المعمول بها.عندها تنتفي المعايير المعتمدة ويفقد المصرف المركزي استقلاليته"، محذرا من اية زيادة لا تلحظ معها اقفال مزاريب الهدر والتهرب الجمركي وعدم إقفال معابر التهريب. 

وذكّر عجاقة بأنه "بعد تعديل الدولار الجمركي بدأ المهربون يدفعون 6 آلاف دولار للكونتينر البالغة قيمة رسومه 100 ألف دولار، وعشرة آلاف دولار للكونتينر البالغة قيمة رسومه 200 ألف دولار. وسأل كيف تستقيم مالية الدولة في ظل هذا الفلتان".

هذه المعطيات معطوفة على استمرار انسداد الافق السياسي يدل على ان الأزمة المعيشية التي يقاسيها اللبنانيون الى تصاعد إضافي، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر كبيرة لا تبدو بعض القوى السياسية الممعنة في تعطيل الاستحقاقات مدركة لمدى خطورتها على بقاء الدولة برمّتها.