Advertise here

حالات الانتحار تزداد.. والسبب الازمة المعيشية الخانقة!

12 نيسان 2023 08:21:15

الشاب ماثيو علاوي (مواليد 1996)، كان من أبرز الحالات التي شكلت صدمة اجتماعية في لبنان عام 2021. عثر عليه داخل منزله مشنوقًا، وسجلت القوى الأمنية الحادث في إطار الانتحار.
الشاب زي كركبي، الذي سبق وقدم أعمالاً فنية وموسيقية خلال ثورة تشرين، عثر عليه مقتولًا أيضًا بعد احتجاجاتٍ قام بها في الساحات طالبًا من دولته أن تؤمن له حقوقه. شابٌ آخر في العقد الثالث من العمر، سقط من شرفة منزله في مدينة الميناء شمال لبنان في الآونة الأخيرة، وترجح المعلومات فرضية انتحاره، وتشير إلى كونه يعاني من أمراض مزمنة. وفي الشمال أيضًا في بشري عثر على جثة مواطن من آل رحمة مصاب بطلق ناري وسلاح حربي بجانبه مع ترجيح لفرضية الانتحار. ومن بشري إلى عشقوت في كسروان المواطن (ج. ح.) أطلق النار على نفسه أيضًا.

 

وأقدم مواطن على إلقاء نفسه من جسر كازينو لبنان ما أدى إلى وفاته فورًا. ونجا مواطن آخر من محاولة انتحار من على جسر الكولا في بيروت حيث تجمع الناس من حوله وحضرت القوى الأمنية والدفاع المدني ونجحوا في ثنيه عن ذلك. وفي الأشهر الأخيرة، شهدنا أكثر من عملية انتحار لعناصر من الجيش اللبناني وفتاة قاصر من كسروان، قاموا بقتل أنفسهم عمدًا، بالسلاح أمّا الفتاة فقتلت نفسها ببندقيّة صيد.

في الأيام الماضية، سجــلت 6 حالات انتحار، مواطن في دير الزهراني، آخر في الزرارية، في الوردانية، مواطــن من داريا قتل زوجــته وطفله ثم انتحر، شخص من الجنــسية السورية في النبطية شــنق نفسه لأسباب عائليّة، وسبقه شخص من آل عليق في يحمر الى الانتحار، بإطلاق النار على نفسه من خلال سلاح حربي أواخر العام الماضي وتكرّ المسبحة في مناطق لبنانية عديدة أيضًا.

هذه الحالات فقط ما يمكننا تذكّرها، وما بالكم من الحالات التي راحت عن البال لكثرة ارتفاع حالات الانتحار، والسّبب الرّئيس يعود للأزمة الاقتصادية الخانقة. من منّا سينسى جورج زريق الذي أحرق نفسه أمام الطّلاب في حرم المدرسة، لأنّه لم يعد قادرًا على تحمّل الأعباء والأقساط المدرسيّة؟ هذا الارتفاع الطارئ لأعداد المنتحرين جاء تزامنًا مع الوتيرة الحادّة التي يشهدها لبنان وارتفاع معدّل الفقر فيه.

اللبنانيون أكثر كآبة في العالم

أفاد تقرير قامت به الأمم المتّحدة، أنّ 40% من اللبنانيين يعيشون المعاناة الاجتماعية بكل حذافيرها. هذا ما أدّى إلى ارتفاع معدّل البطالة وارتفاع معدّل الفقر إلى أن أصبح 80 % من السّكان. وتضاعف مستوى الفقر 3 مرّات.

دراسة أخرى قامت بها الجامعة الأميركية في بيروت، عن الأثر النفسي الذي لحق الطّلاب نتيجة الحجر الصحي والدّراسة عن بعد، بيّنت أن 42.3 % منهم يعانون من اكتئاب وأنسومنيا (أي الأرق)، فيما 75.3 % يعانون من التوتر الحاد.


وكل هذه الدراسات تترافق مع أرقام كشفتها نقابة الصيادلة في لبنان سابقًا، مشيرةً إلى «ازدياد نسبة استهلاك مضادات الاكتئاب والمهدئات بنسبة 20 %على ما كانت عليه. وهذا يعني أن هذه الأدوية لم تعُد محصورة بالمرضى فقط، وإنّما تشمل شريحة أوسع من الناس، حتى حلت بالدرجة الثانية بين الأدوية المهددة بالانقطاع التام في لبنان بعد أدوية السرطان».

أثّرت الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنيــة في المجتمع اللبناني، وخلقت حالة من الإحباط ومن الاضطرابات الاجتماعية. لذلك، بات معظم اللبنانيين في مزاجٍ سيئٍ ومتاعب نفسيّةٍ تؤدي إلى الانتحار أكان جسديًا أم نفسيًا. كثيرون على قيد الحياة وميتون، ويتمنون الموت ألف مرّة يوميًا.

كيف يفسّر الطب هذه الظاهرة؟

بالنّسبة للدكتور ابراهيم سليمان، اختصاصي دماغ وأعصاب ومدرب حياة، يعيش المواطن اللبناني اضطرابات نفسيّة نتيجة كل ما يحصل معه في الآونة الأخيرة. ولأنّه يستيقظ يوميًا على الأخبار السيئة الجديدة، تتراكم حالات القلق لديه، ويستنزف طاقاته وقوته وصحته النفسية.

ويقول: أما في العيادات، فبتنا نرى نسبة كبيرة جدًا من الاضطرابات النّفسية التي نشهدها مؤخرًا. القصة أكبر من ذلك، لا سيّما عندما أصبحت الأفكار السلبية تؤثر في الوعي لدى الإنسان، والخوف هو مستوى وعي. أمّا المواطن اللبناني الذي يعيش حالات الخوف، فستتدهور حالته النفسية والاجتماعيّة بشكلٍ تلقائيٍ.

ويتابع في حديثٍ خاصٍ للدّيار، انّ حالات الانتحار في لبنان ازدادت وبشكلٍ خاصٍ نتيجة الأزمة الماليّة الخانقة وارتفاع الدّولار. واضف إلى ذلك، مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر أداة للبرمجة الذّهنيّة على المدى البعيد التي تغيّر من كيميائية الدماغ وهذا ما يؤثر أيضًا في سلوكيات الإنسان بشكلٍ سلبيٍ.

ثقة الإنسان اللّبناني بنفسه

تدهورت مع الأزمة الماليّة

المشكلة الحقيقية التي يمرّ بها المواطن اللبناني في هذه المرحلة، أنّه يستسلم لمشاعر الخوف، وهذا ما يؤدّي إلى أزمة كبيرة جدًا، على حدّ تعبير سليمان. ويضيف: ثقة الإنسان اللبناني بنفسه تدهورت نتيجة الأزمة الاقتصادية، نظرًا الى الشعوب الأخرى. علمًا بأنه قادر على التكيف مالأزمة الأمنية والمادية لأنّه شعب مؤمن ومرتبط بربّه.