أسعار الخضار والفواكه لن تعود كالسابق.. والقطاع الزراعي مُهدّد!

11 نيسان 2023 07:59:30

لا تزال أسعار الخضار والفواكه في السوق اللبناني مرتفعة، رغم تجاوز منتصف شهر رمضان، حيث عادة ما كانت تنخفض تدريجيا في مثل هذا الوقت من الشهر، ما يؤشر على وجود مشكلة شائكة، لا تقتصر على كثافة إستهلاك هذه المواد في هذا الشهر والإستغلال فقط، بل تتعدّاها لتشمل مروحة واسعة من المشاكل التي تتهدّد القطاع الزراعي برمّته.

يشار في هذا الصدد، إلى أنّ أسعار الخضار والفواكه عادة ما ترتفع في فصل الشتاء وتنخفض صيفا، فالطقس البارد يقلّص الإنتاج، لكن المفارقة اليوم أنّ هذا العامل لم يعد المؤثر الوحيد في العملية الإنتاجية، فما الذي يحصل إذا ؟

يربط رئيس «جمعية المزراعين اللبنانيين» أنطوان الحويّك في حديثه لـ«الديار» الإرتفاع الكبير في أسعار الخضار والفواكه بمسألة انخفاض العرض مقابل الطلب، إذ لدينا نقص في الإنتاج، والسبب أنّه في فترة الشتاء لا يمكن الزراعة بنفس الكميات والمساحات، وبالتالي يكون الإنتاج خفيفا، لكن الفارق أنّه في السنوات الماضية كان يعتمد المزارعون على الإنتاج المستورد لتغطية النقص في السوق، أمّا اليوم فقد أصبحت أسعاره مرتفعة تترواح بين 60 سنتا ودولار للكيلو الواحد على سبيل المثال، أي نحو 100 ألف أو أكثر بسعر الجملة، تبعا لكلّ صنف، ما يعني أنّ المستورد لم يعد عاملا لتخفيض الأسعار بل أصبح عاملا لارتفاعها.

لماذا لم تنخفض الأسعار عن بدايات شهر رمضان ؟ يجيب الحويك أنّ الإستهلاك يزيد في شهر رمضان الكريم، وفي الوقت ذاته ليس لدينا إنتاج، مؤكدا أنّه لو كنا نمتلك فائضا من الإنتاج أو إنتاجا كافيا، لما ارتفعت الأسعار بهذا الشكل ، حاصرا المشكلة بانخفاض المساحات المزروعة وانخفاض الإنتاج.

ولكن ماذا عن عامل الإحتكار؟ يقول الحويك عادة ما توجّه أصابع الإتهام في موضوع إرتفاع الأسعار إلى الإحتكار، الذي يعبث بكل القطاعات في البلاد وليس القطاع الزراعي فحسب، إلّا أنّ الحويك يرى عكس ذلك، إذ لا احتكار برأيه في القطاع الزارعي، معلّلا وجهة نظره بأنّه حينما نتحدث عن إحتكار نتحدث عن سلع يمكن تخزينها كالبطاطا مثلا، ولكن ليس البندورة أو الخيار أو الكوسى، والتي تعتبر المشكلة الكبيرة اليوم، أي أكثر أنواع الخضار ارتفاعا في الأسعار، مؤكدا أنّه ليس هناك عملية إحتكار، وما يحدث يتعلّق بعملية العرض والطلب بخاصة للمواد السريعة التلف.

أين الدولة؟

ينفي الحويّك أي دعم حقيقي للمزارعين من قبل وزارة الزراعة، حتى في فترة ما قبل الأزمة حيث كانت تتوفر الأموال، مذكرا بوعود المسؤولين بالعمل مع الجهات الدولية لتأمين دعم للقطاع، لكن لم يحدث شيئ من ذلك، ومتطرقا لطرح دعم المزراعين بقيمة 100 أو 200 دولار منذ نحو سنة أو سنتين، لكن لم لا أحد يعرف أين ذهبت هذه الأموال!

أحوال القطاع الزراعي غير مطمئنة، كما حال قطاعات الدولة أجمع، على ما يقول الحويك، الذي يكشف عن مشكلة وجودية في هذا القطاع، فالمزراع -إن كان في الخيم البلاستيكية أو في الزراعات الخارجية- لم يعد قادرا على الإستمرار في الزراعة كالسابق، فهو يبيع بالليرة اللبنانية بينما تسعر المستلزمات بالدولار، ومثلها أجور العمال والمازوت والمياه وسواها، ما يجعله غير قادر على تغطية مصاريفه أو الإستثمار والزراعة من جديد، لافتا إلى أنّ المساحات المزروعة ستتقلّص لنحو الثلث هذا الصيف، ولن يكون لدينا فائض أو كثافة في الإنتاج هذا العام، كما كما يكون عادة في الصيف، ما يعني أنّ الأسعار ستكون مرتفعة.

انخفاض الأسعار قريبا!

وفق الحويّك، يفترض أن تنخفض الأسعار، ولكن كان متوقعا أن تنخفض بعد أول أسبوع من شهر رمضان، فيما لم يحدث ذلك، بل تضاعف سعر بعض الأصناف من الخضر، نظرا لضعف الإنتاج، متوقعا أن تنخفض الأسعار المتداولة اليوم، إنّما ستبقى أعلى من السنوات الماضية لنفس الفترات من الموسم.

من ناحية أخرى، يرى الحويّك أنّ كلفة الإنتاج بالدولار من مستلزمات المياه والمازوت، أرخص بكثير عما كانت عليه قبل الأزمة، فمثلا يبلغ سعر كيلو البندورة اليوم 40 ألف ليرة أي أربعين سنتا، فيما لم يكن يوما بهذا السعر بالجملة، بل كان يبلغ نحو 1500 ليرة أي دولار واحد، وذكر أنّ سعر الخيار مرتفع بالجملة، والكوسى كذلك، علما أنّ الطقس تحسن والإنتاج زاد، لكن لا يزال الإستهلاك مرتفعا، مجددا التأكيد أنّنا نعاني من مشكلة وجودية في القطاع الزراعي ومشكلة إنتاج، وهو ما حذرنا منه سابقا وطالبنا بأخذ الإحتياطات اللازمة، ولكن على ما يبدو «مش فرقانه معهم وآخر همهم بالدولة.. القطاع عم يدفع الثمن وكذلك المزارعين وبالتالي المستهلك بدو يدفع الثمن الكبير».

خلاصة القول... لا يمكن فصل أزمة إرتفاع أسعار الخضار والفواكه عن إرتفاع أسعار المستهلكات في كافة القطاعات اللبنانية بسبب إرتفاع سعر صرف الدولار، ولكن لو عملت الدولة على دعم الزراعة في لبنان محليا وعبر الجهات الدولية منذ بداية الأزمة، وضبطت الحدود منعا للتهريب، لكان الوضع أفضل بكثير، فما الذي يمنعها من إستثمار ثروة لبنان الزراعية، كما تتهافت على استثمار ثروته النفطية!