Advertise here

يوم الأرض

01 نيسان 2023 10:28:21

احتفل الفلسطينيون بـ " يوم الأرض " بمسيرات كبيرة أظهروا فيها مزيداَ من القوة والصلابة وإرادة تحدي دولة الإغتصاب والإرهاب والتمسّك بالأرض والمقدّسات والحقوق في وقت تعيش فيه هذه الدولة حالة من التفكك والانقسام وفقدان السيطرة . الصراع  يدور في الكنيست حول التعديلات القانونية واستهداف المحكمة العليا ، وتهديد " ديموقراطية " اسرائيل . لكن في الحقيقة لم يأت أحد على ذكر حقوق الفلسطينيين في  " الدولة اليهودية " التي تتناقض مع أبسط قواعد الديموقراطية خصوصاً عندما نرى التسلّط والقمع والإرهاب والإذلال والقهر والاغتيال وعمليات الإبادة وتعذيب الأسرى وأخذ الأطفال دروعاً بشرية في الحملات الإرهابية والاعتداء على المخيمات وأهلها وترويع النساء والشيوخ . احتفل الفلسطينيون في هذه الأجواء الضاغطة وهم باتوا يشكلون قوة داخل دولة الإغتصاب لا يستهان بها على كل المستويات الديموغرافية الثأثير في دورة الحياة اليومية الاقتصادية والمشاركة بوسائل مختلفة في المقاومة الشعبية للاحتلال ومشاريع توسّعه . في المظاهرات رفعوا شعارات : " لا نحيد عن أرضنا " " لا نحيد عن أقصانا " " الأرض أرضنا " " العلم الفلسطيني علمنا  " . هتفوا : " حرية حرية " " وفلســـطين حرة حرة " " لا للاحتلال " " لا للاستيطان " .. في صلاة الجمعة تجمّعوا في باحات المسجد الأقصى والساحات حوله بعدد يقارب ال ربع مليون مصلّ . هذا بحد ذاته مشهد معبّر . لافت . مؤثر . له دلالاته السياسية والمعنوية في مواجهة الاقتحامات التي تعرّض لها الأقصى منذ أيام من قبل مستوطنين ، وفي تحدي الدعوات الى " ذبح القرابين " في المسجد كما طالب حاخامات يهود بمناسبة " عيد الفصح " في رسالة الى نتانياهو وبن غفير معتبرين ان السماح بهذا الذبح هو " مصلحة قومية " لاسرائيل ، مطالبين " بانجاز هذا الهدف مهما كانت الصعاب " . مشهد المصلين في الأقصى كان رداً مؤثراً يحمل تصميماً فلسطينياُ على التصدي لكل محاولات النيل من المقدسات ، والتوسّع . هذه الصلاة هي فعل مقاومة حقيقية . وعندما تصدر الإحصاءات لتشير ان عدد الفلسطينيين وعدد اليهود متساويان وأن الفلسطينيين يشكلون 17.5 % من المقيمين في داخل دولة الإغتصاب والإرهاب فهذا أيضاً مؤشر على القدرة على التأثير والفعل والتحدي ومواجهة الاحتلال أياً تكن الصعاب . المهم في كل ذلك الإرادة الفلسطينية . العزيمة . الإيمـــان . التمسّك بالحق والقيم . وقد أثبت الشعب الفلسطيني على مدى العقود السابقة ، ويثبت اليوم أنه شعب مُختَرِع وليس كما يدّعي الحاقد سموتريتش شعب مختَرَع !! نعم الشعب الفلسطيني مُختَرِع بطولات وإرادات وتربية وعلوم وشهادات وشهداء وكفاءات في كل المجالات وأطباء وذكاء طبيعي وعلماء أفاد البشرية كلها حيثما حلّ أبناء هذا الشعب وهو شعب لا يقهر . لا يكسر . والى جانب التضحيات الكبيرة التي قدّمها ، وكل قادته شهداء أو مشاريع شهداء فيكفي أن نقف عند خبرين لندرك مدى تعلّق الفلسطيني بأرضه . 

في مدينة الخليل التي شهدت احتفالات في يوم الأرض توفي منذ أشهر المرابط عبد الرؤوف المحتسب الذي نشر فيديو يكشف عن رفضه بيع متجره للمستوطنين ب 100 مليون دولار أميركي ، وهو يقع بجانب الحرم الإبراهيمي في أكثر نقاط المدينة حراسة من قوات الاحتلال . وسمّى المحتسب يهودياً ثرياً يقيم في في استراليا يدعى جوزف كوتنك كان وراء فكرة الشراء من خلال مستوطنين عرضوا عليه بداية مبلغ 6 مليون دولار ثم رفعوه الى 43 مليون ووصلوا الى مئة مليون . حسابات المحتسب كانت مختلفة إذ أجـــابهم عن حساباتهم : " إن حجراً واحداً في منزلي أغلى من الملايين التي تعرضونها " . 

أما ريم ابو نجمة المرابطة المقدسية التي تعيش مع عائلتها في منزل صغير ملاصق للمسجد الأقصى ( مساحة 20 متر مربع ) ورثته من والدها الذي كان أحد حراس المسجد والمدافعين عنه ، استأجره من الأوقاف الاسلامية وسجن بعد ذلك . ثم توفي فحافظ الأبناء عليه بعد وفاته ويعتبرونه إرثاً ثميناً له رمزيته وأمانته . عرض الاسرائيليون على مريم مبلغ ثلاثة ملايين دولار لشرائه . ثم قدّموا شيكاً مفتوحاً مقابل المــــوافقة . فرفضت وقالت : " بيتنا ملاصق لباب المطهرة ولا يفصلنا عن الأقصى سوى خطوات معدودة . لن نتركه " !!

الفلسطينيون والمؤمنون يأتون من مسافات بعيدة للتبارك بالأقصى والدفاع عنه . ومريم وعائلتها يعيشون في منزل ملاصق له ولن يتخلوا عنه مهما كانت الإغراءات . هذا هو معنى الأرض والانتماء عند الفلسطينيين . 

تحية إليهم في يوم أرضهم ، كل أرضهم المباركة . تحية الى كل حجر في فلسطين والى التراب الذي يحتضن جثامين الشهداء الأبرار الذين قضوا دفاعاً عن فلسطين ، عن العرب والعروبة  .

قضية فلسطين قضية عربية إنسانية أخلاقية والالتزام بها شرف ونبل وعز وكرامة .