Advertise here

صفقة في "عزّ الانهيار".. ماذا يحصل في المطار؟

29 آذار 2023 12:55:43


تساؤلات كثيرة تُطرح حول صفقة قاعة الاستقبال Terminal 2 في مطار رفيق الحريري الدولي، التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي. لم يُعرض دفتر الشروط على الرأي العام، ولم تجرِ مناقصةً لتلزيم الشركة الأجنبية، وكان ثمّة بنود مشبوهة، منها مدّة العقد التي ستستمر 25 سنة، وستستفيد الشركة خلالها بمئات ملايين الدولارات وفق التقديرات، دون أن تمنح الدولة اللبنانية فلساً، ولن تستفيد الدولة سوى من التشييد المجاني، وبعض الأرباح الجانبية وغير المباشرة.

إجراءات حصلت في هذا السياق، منها توجيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كتاباً لوزير الأشغال علي حمية يطلب فيه تعليق تلزيم الـTerminal 2 حتى يصدر تقرير ديوان المحاسبة. كما أن وزير الأشغال لم يعط الإذن ببدء الأعمال بانتظار تقرير الديوان أيضاً، فيما وجّه رئيس ديوان المحاسبة كتاباً لوزير الأشغال مع سلسلة أسئلة حول العقد... ومنها أي قانون يطبق عليه؟ ما موقعه من قانون الشراء العام؟

في هذه الأثناء، أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان تأجيل الجلسة التي كانت مقررة اليوم الى الثلاثاء المقبل، بعد تزامنها مع جلسة اللجان المشتركة، مؤكداً أن "العقد معلّق ولا إذن ببدء العمل به، وسط ترقب من قبل كل اللبنانيين لرأي ديوان المحاسبة، ورأي هيئة الشراء، فيما ستعمل لجنة الإدارة والعدل في هذا الوقت على دراسة وتحضير كل الدراسات القانونية حتى يكون لديها موقف قانوني حول القوانين التي تطبق على هذا العقد وكيف تطبق، وإن كان هذا العقد سليما أو لا، أو ما هي المداخيل التي يؤمنها للدولة، وهل يمكن عمل عقد بالتراضي أو يتطلب الذهاب نحو هيئة الشراء العام، وهل هذا العقد كلفته واقعية؟ والثلاثاء المقبل ستخرج اللجنة بموقف واضح على ضوء تقرير ديوان المحاسبة وتقرير هيئة الشراء".

وفي تلميح غير مباشر حول هذه الصفقة، كانت لافتة تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ أيام، كاتباً: "فلتعود هذه الحكومةً وهذا المجلس الى ترجمة توصيات صندوق النقد الدولي على علاته، لكن لا نملك خياراً بعيداً عن مستشاري السوء وكفى متاجرة بالملك العام من المرفأ الى المطار الى الغير".


رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض استغرب إطلاق هذا المشروع في هذا التوقيت، في ظل الأزمات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد، من انهيار قيمة العملة وتراجع القدرة الشرائية، انهيار قطاعات الطاقة، الطب والتعليم، وإذ أكّد حاجة لبنان إلى تطوير المطار وتحسين شبكات الطرقات، شدّد على أن أولويات اللبنانيين في مكان آخر كلياً، فلماذا استفاقوا على هذا المشروع في هذا الوقت؟ ألم يكن من الأجدى معالجة ملفات أكثر إلحاحاً كالكهرباء على سبيل المثال؟

وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، رأى محفوض أن الصفقة التي حصلت في المطار تمثّل نموذج الصفقات التي تحصل في الدولة بشكل مستمر وعلى مستوى كل المرافق منذ سنوات وعقود، ومنها مرفأ بيروت، حيث يُحكى عن رفض سياسي لإعادة إعماره بسبب عدم قدرة عدد من السياسيين على الاستفادة من الاستثمارات التي تُستقطب من الخارج.

واعتبر موضوع صفقة المطار الجديدة بمثابة "فضيحة"، لافتاً إلى أن الصفقات في مطار رفيق الحريري الدولي حرمت الخزينة مئات الملايين من الدولارات على مرّ السنوات، نتيجة المحاصصة والتلزيمات المشبوهة، مشيراً إلى أن الصفقة الأخيرة، ولو حصلت في دولة تحترم نفسها، لكان الوزير المعني قد استقال، او أُقيل.

في السياق، شدّد محفوض على وجوب أن تكون كافة الصفقات التي تجريها الدولة علنية، أمام مرأى ومسمع الرأي العام، على أن تتم المناقصات وفق الأصول، من خلال آلية قانونية معتمدة، تأخد بعين الاعتبار طرح الملفات الضخمة على مجلس الوزراء، وليس على الوزارات المعنية فحسب، اللجوء إلى دائرة المناقصات، لجنة المشتريات، ومجالس الرقابة كافة لضمان الشفافية، بالإضافة إلى الاستعانة بخبراء وأصحاب اختصاص في المجال، وهل تم أخد كل ما ذُكر بعين الاعتبار في صفقة المطار الأخيرة؟

إلى ذلك، سأل أيضاً محفوض عن سبب طول أمد العقد، 25 سنة، ولفت إلى أن ثمّة متغيرات كثيرة ستحصل في هذه الفترة الزمنية الطويلة، منها سعر صرف العملة الوطنية، التطورات التكنولوجية التي ستطرأ وواجب إدخالها إلى المطار، وبالتالي كان يجب أن يكون العقد لمدّة خمس سنوات قابلة للتجديد.

في الختام، فإن الصفقة التي حصلت أثارت غضب الرأي العام، الذي استغرب استمرار نهج الفساد والمحاصصة والصفقات المشبوهة "بعز الانهيار"، وكأن شيئاً لم يكن، ما لا يبشّر بأي خير على صعيد الاصلاحات المنتظرة من قبل صندوق النقد الدولي.