تحذير خطير صدر عن صندوق النقد الدولي، أشار فيه إلى صعوبة الوضع في لبنان، كما وإلى غياب الإصلاحات وإلتزام لبنان بتنفيذ مقرّرات الاتفاق الأولي الذي تم توقيعه قبل عام، واصفاً الأزمة بـ"الفريدة للغاية"، بسبب التعقيدات، معرباً عن خيبته بسبب بطء إقرار وتنفيذ التشريعات الخاصة بالإصلاحات المالية.
إشارات عدة حملها صندوق النقد، أبرزها إشارتين، الأولى تتحدّث عن الوضع الاقتصادي والمالي المتدهور، والذي لن يشهد سوى المزيد من الانهيار في المدى القريب كنتيجة فعلية لغياب الإصلاحات، والثانية خارجية للمجتمع الدولي، تكشف صعوبة الظروف في لبنان، وتحذّر من مساعدته والاستثمار فيه، كنتيجة طبيعية ثانية للتلكّؤ الرسمي.
واللافت أن صندوق النقد لم يكتف بعرض الوضع في لبنان والتحذير من خطورته، بل أيضاً حدّد خارطة الطريق للخروج من المستنقع، وشدّد على تسريع تنفيذ الإصلاحات للحصول على حزمة الإنقاذ، التوقُّف عن الاقتراض من البنك المركزي، ووجوب الانتقال إلى سعر صرف يحدّده السوق لأنّ سعر "صيرفة" يحدّده البنك المركزي، وذلك بالتوازي مع تنفيذ بنود الاتفاق الأولي بين بيروت والصندوق.
الخبير الاقتصادي جاسم عجّاقة رأى في تحذير صندوق النقد "دعوة واضحة" إلى كل المسؤولين للتحرّك وتدارك الأزمة، لافتاً إلى نقطة مهمّة تحدّث عنها تنبيه صندوق النقد، وهي "ارتفاع حجم الكلفة مع تقدّم الوقت دون تنفيذ الإصلاحات"، مبدياً قلقه من أن يكون الحديث عن الكلفة مرتبط بشطب الودائع.
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، سأل عجّاقة: "بما أن الدولة مديونة للمودعين، فهل ارتفاع حجم الكلفة يعني تطيير الودائع في سياق الخطّة بين لبنان وصندوق النقد؟"، مشيراً إلى أن "الكلفة" تنعي "الفجوة المالية"، وهذه الفجوة تمثّل أموال المودعين الغائبة عن المصارف.
وذكر عجّاقة إشارتين خطرتين قد تكونا مرتبطتين بتحذير صندوق النقد، وقال: "في ظل تهديد الدول بفرض العقوبات على المسؤولين في لبنان، فإن هذا التقرير الدولي يُعدّ بمثابة مستند يدعم هذا التوجّه ويؤكّد غياب تنفيذ الإصلاحات، وهذا الخطر الأول، أما الخطر الثاني، فيتمثّل باحتمال تراكم ديون لبنان، نتيجة خطط النهوض، الأمر الذي قد يدفع بوضع اليد على ثروات لبنان، ومنها الغازية".
كما اعتبر عجّاقة التحذير بمثابة رسالة إلى المجتمع الدولي الذي ربط مساعداته واستثماراته في لبنان بتنفيذ بنود الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد، مستبعداً أي احتمال لاستثمارات خارجية في البلاد بالوقت الحالي، نتيجة الوضع الاقتصادي والمالي، وتخلّف لبنان عن تنفيذ الإصلاحات.
وفي الختام، وإذ شدّد على وجوب إنجاز الاستحقاقات الدستورية المتمثّلة بانتخاب رئيسٍ للجمهورية وتشكيل حكومة، لفت الى أن المطلوب توفّر القرار السياسي لتنفيذ الإصلاحات، ودونه ما من شيء سيتحقق.
في هذا الإطار، ثمّة تساؤلات حول خطّة الحكومة للنهوض، والتي بقيت مبهمة المعالم، كما وتساؤلات أخرى عن القوانين الإصلاحية الخمسة التي طلبها صندوق النقد، والتي بقيت في أدراج مجلس النواب الذي لم يقر منها إلى قانون السرية المصرفية "المشبوه"، والذي لا يستوفي شروط المؤسسة المالية الدولية.
مصادر وزارية أشارت إلى ان "خطّة الحكومة والقوانين الإصلاحية الخمسة تم انجازها من قبل مجلس الوزراء، وهي موجودة في مجلس النواب، والأخير مسؤول عن دراستها واجراء التعديلات اللازمة، وبالتالي الكرة في ملعب البرلمان".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، طالبت المصادر مجلس النواب ببحث هذه القوانين والخطط، وإقرارها وتنفيذها على الأرض لتحديد مدى فعاليتها من عدمه، مشدّدةً على أن المطلوب قبل كل شيء، التوافق السياسي.