توقفت مصادر مواكبة للحراك السياسي القائم أمام تطويق رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع لنفسه بسلسلة من الخيارات في المواجهة مع الأطراف الأخرى في مشهد يُعبِّر عن حجم الغربة السياسية التي يُعاني منها، حيث لم يسلم من هجومه أيّ من الأطراف حتى وصل به الأمر إلى حدّ معارضة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.
وعليه، سألت المصادر "عن ماذا يريد جعجع؟".
الصحافي داوود رمال يرى في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، أنّ "ما يريده جعجع هو ما يريده كل زعيم حزب مسيحي وتحديدًا ماروني، وهو أن يكون المعبر الأساسي لإنتخاب رئيس للجمهورية".
إلّا أنّ "الميزة التي يتخذها جعجع في مواقفه"، وفق ما يرى رمال، أنّه "يقولها بالعلن، بينما آخرين يكتمون هذه المواقف، لكنهم أكثر تصلبًّا من جعجع في مقاربتهم للإستحقاق الرئاسي".
وهنا يأسف رمال، لأنّ "كل موقف سنسمعه من أي زعيم مسيحي، وبالتحديد ماروني في هذه الفترة الحاليّة سيكون موقفًا عالي السقف وذلك لإرتباطه بالإستحقاق الرئاسي ليس إلّا".
هل فعلًا جعجع مأزوم؟ يعتبر رمال أن "الوطن مأزوم وكافة القوى السياسية مأزومة، فالأزمة تطال الجميع، غير أن البعض يُعاند ويُكابر، والبعض الآخر يُحاول التعامل مع هذه الأزمة بقدر الإمكان من الهدوء والتروي".
ويضيف، "عندما نتحدَّث أن جعجع مأزوم يعني الآخرين أيضًا مأزومين، بدليل الإستعصاء في مقاربة الملفات الوطنية وبدليل أن الجميع ينتظر الخارج على ماذا سيتفق بدءًا من ملف رئاسة الجمهورية إلى رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة والمشاريع الإصلاحيةوصولًا إلى النفط والغاز".
ووفقًا لرمال فإنّ "الجميع في لبنان في موقع المتلقي وليس المُبادر، وحتى الذين رشحوا أسماء رشحوها إنطلاقًا من أزمة وليس إنطلاقًا من طرح حل".
وفيما يتعلق بمواقف جعجع الأخيرة التي ردّ فيها على رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، "هذا ظاهريًّا"، وفق ما يلفت رمال.
ويُردف، "إذا راقبنا خطاب جعجع حتى عند تصعيده، فهو يُمرّر رسائل الود إن كان لجنبلاط أو لبري، لأنّه يعلم جيّدًا أنه من دون هاتيْن الشخصيتيْن، وبالتحديد جنبلاط لا يستطيع أن يحل أو ينجز".
وبالتالي، يؤكّد رمال أنّه "إذا قرأنا ما بين السطور في ردّ جعجع الأخير على جنبلاط، لوجدنا فيه رسائل ودّ إضافةً إلى رسائل تؤكد على التنسيق والتعاون بين "القوات" والإشتراكي" لإعتبارات معروفة وهي لها علاقة بوضعية الجبل".
وأما الصحافي والمحلل السياسي قاسم قصير، فهو يعتبر خلال حديث مع "الأنباء" أنّ "جعجع يشعر بقوة فائضة ولكن لا يعرف كيف يصرفها".
ووفقًا لوجهة نظر قصير فإنّ "جعجع يرى أنّ "هذه هي اللحظة التي يمكن أن يكون فيها قائد المسيحيين وقوى المعارضة، وأنّ الظروف السياسية تسمح له بإختيار رئيس الجمهورية الذي يُريد في ظلّ مشاكل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وعدم وجود فريق مسيحي يُمكن أن يتحالف مع بري وحزب الله".
وإذْ يُشير قصير إلى أنّ "جعجع يعتمد على دعم سعودي، والسعوديون اليوم يثقون به ويدعمونه وهو يعتبر أن هذه اللحظة مناسبة له".
إلّا أنّه يُرجح بأنّ "التغيرات الإقليمية والدولية قد تُغير في الحسابات، وقد يخرج جعجع من المولد بدون حمص، فإمّا جبران باسيل يُغيّر مواقفه أو التطورات الخارجية تتجاوزه".