Advertise here

بعد الأزمة والانهيار... ماذا بقي من أموال المودعين؟

23 آذار 2023 14:07:08

لا خطة، ولا رؤية اقتصادية، للحكومة لإصلاح الأوضاع، ولا القيام بالحد الأدنى من الإجراءات التي تخفّف من حدة الانهيار وعواقبه الوخيمة على حياة الناس ومعيشتهم.

 ولعلّ ما يجري على صعيد تفلّت سعر الدولار ليس سوى دليل ساطع على العجز، واعتماد سياسة تقطيع الوقت كسبيلٍ لهضم حقوق الناس، وتبديد كل الآمال في  إعادة أموال المودعين الذين يتحملون وحدهم الخسائر منذ بداية الأزمة المالية غير المسبوقة بتاريخ لبنان.

فمنذ أحداث 17 تشرين 2019، وأصحاب المصارف قد اعتادوا أن يكونوا فوق أي مساءلة أو محاسبة، بقوة غطاء الحكم الفاسد والهجين في لبنان، وهم ينفذون دون حسيب أو رقيب "هيركات" تجاوز نسبة الـ 70% على ودائع الناس، بالإضافة إلى ممارسة شتى ممارسات الإذلال والبطش بكرامة المودعين الذين تحوّلوا من أصحاب ودائع إلى متسولين مقهورين على أبواب المصارف التي باتت تشبه أسوار القلاع المحصّنة بمواجهة من يحاول اقتحامها.

وبحسب مصادر اقتصادية بارزة فإنّ الأزمة القائمة مفتوحة على المزيد من التدهور السريع للأوضاع المالية والاقتصادية الكارثية في البلاد، والتي باتت تنذر بالفوضى العارمة  والتفلّت الكبير في الشارع المحتقن.

 هذا بالإضافة إلى أنها ستزيد من حالة الاضطراب والارتباك التي تعيشها المصارف اللبنانية بعد أن بات معظمها يفتقد للسيولة اللازمة للقيام بالحد الأدنى من متطلبات التزاماتها تجاه الناس.

تضيف المصادر أنّ إضراب المصارف الذي توقّف على مضض، بالإضافة إلى الإجراءات  المتناقضة أحياناً، والتعسفية أحياناً أخرى، بين المصارف وبعض القضاء المسيّس، لا يطمئن ويتناقض جملةً وتفصيلاً مع بعض التصريحات التي تصدر بين الحين والآخر عن بعض  الرسميين الكبار في الدولة اللبنانية التي يشدّدون فيها على حرصهم البالغ على أموال المودعين، حيث يؤكّدون أنّ هذه الأموال سوف يتم إعادتها، بمعظمها، إلى مستحقيها الذين لا ذنب لهم بالأزمة القائمة سوى أنّهم بادروا إلى وضع جنى عمرهم بالمصارف بعد أن وثقوا بالدولة اللبنانية ونظامها المصرفي. 

وفي هذا الإطار، تؤكّد المصادر أنّ ما يجري على أرض الواقع ما بين عجز الدولة الممثلة بأداء الحكومة  ومصرف لبنان، وبين أداء بعض المصارف  وحالة الفوضى العشوائية التي تضرب القضاء وتعطّل دوره، لا يدل سوى على أنّ أموال المودعين قد تبدّدت، ولم يعد ينقص المسؤولين عن ما وصلت إليه الأوضاع سوى الإعلان بشكلٍ رسمي بأنّ أموال المودعين سُرقت ونُهبت، ويجب تسجيل هذه الجريمة ضد مجهول بعد أن جرى تحميل التداعيات الكاملة عن هذا الجريمة للمواطن اللبناني وحده.

المصادر أشارت إلى أنّ   "القضاء المسيّس الذي هو من بقايا تركة العهد السابق لا يزال يتحرك وفق أهواء وريث عهد جهنم الذي يتخذ من التعطيل والتخريب نهجاً وحيداً لإعادة تعويم دوره واستعادة شعبيته التي تراجعت بفعل مغامراته الطائشة وأحقاده المدمرة لكل شيء". مضيفةً بأنّه "في حين أنّ المصارف وأصحابها يريدون من السلطة الشريكة لهم في نهب، وسرقة، وتبديد، أموال المودعين دعمهم في تنفيذ خطتهم الهادفة منذ البداية إلى إنكار كامل الحقوق والتنصّل من أي مسؤولية في لبنان وخارجه، لذلك هم يريدون إقرار قانون "كابيتول كونترول" مسخ على قياس مآربهم، بالإضافة إلى أنّ المصارف وأصحابها يريدون قضاءً مفصلاً على قياس جشعهم وأطماعهم، وحاضراً دائماً لتغطية ممارساتهم وإجراءاتهم التعسفية والعقابية بحق المودعين وموظفيهم في كل القضايا وكافة الإشكالات". 

أمام هذا الواقع المأساوي والكارثي، بحسب ما يؤكّد ممثلو صندوق النقد الدولي الذين يزورون لبنان، ويحذّرون من الأسوأ القادم، يستمر البعض في البحث عن جنس الملائكة في الاستحقاق الرئاسي ومعه الأزمة والانهيار، في حين أن الواجب الوطني والحد الأدنى من الضمير الإنساني يتطلّب التنازل عن أنانية الأنا، وترك الشعبوية والمزايدات العبثية، والذهاب فوراً لانتخاب رئيسٍ توافقي للجمهورية ومن ثم تشكيل حكومة تكون مهمتها السير بالإصلاحات التي تنقذ لبنان وتضعه على سكة الدول المتقدمة القادرة على احتضان مواطنيها وتحقيق تطلعاتهم في الحياة الحرة والكريمة.