بالرّغم من الأزمة الاقتصادية التي تعصف باللبنانيّين، بيّنت جردة العام الماضي التجاريّة رقماً صادماً يتعلّق باستيراد المعادن الثمينة. ظاهرةٌ تُعتبر غريبة في بلدٍ ينحدر يوميّاً آلاف مواطنيه الى الطّبقات الفقيرة والمعدومة.
استورد لبنان في الـ2022 معادن ثمينة بقيمة مليون و682089 ألف دولار، وجاء الرّقم مُرتفعاً مُقارنة بالأعوام السّابقة التي سجّلت مليون و238344 ألف دولار في الـ2021، وفي الـ2020 894096 ألف دولار، أما في سنة 2019 فاستورد لبنان معادن ثمينة بقيمة 931390 ألف دولار. فما سرّ هذا "الاستيراد الجنوني" للذّهب وإخوته؟
عشقُ اللبنانيّين للذهب والمُجوهرات هو هُيام قديمٌ ومُتجدّد، ولطالما تميَّزت الهدايا في المُناسبات الاجتماعية في لبنان بقيمتها المُرتفعة، إذ إنّ غالبيّة الهدايا التي تُقدّم في الأعراس والأعياد والمناسبات الكبرى الأخرى هي قطعٌ من الذهب على شكل مجوهرات وأونصات وليرات ذهبيّة، لأنّ مقولة "الذّهب قيمو في" مُتجذّرة في ذهنيّة اللبنانيّين، ولطالما كان الذهب سلاحهم في معارك الحياة المعيشيّة الصغيرة والكبيرة.
يشرحُ مدير معهد دراسات السّوق د. باتريك مارديني أنّ "لبنان لطالما كان من البلدان التي تستورد كميّات كبيرة من الذهب والمعادن والأحجار الثّمينة بسبب وجود قانون السرية المصرفيّة الذي يُتيح تخزينها بطريقة آمنة"، مضيفاً في حديث عبر موقع mtv أنّ "السبب الثاني وهو الأهم، يتمثّل بحماية الثروات في ظلّ الأزمات والتضخّم وعدم الاستقرار خصوصاً وأنّ ثقة المواطنين بالمصارف قد تراجعت، وبات الاعتماد على الذّهب والمجوهرات الطريقة الأفضل لجمع وتخزين وحماية المدخّرات".
أموالُ اللبنانيّين تتبخّر أما ذهبهم فإلى ازدياد، مُعادلة جنونيّة، ومن غير المُستغرب أن تكون أرقام الـ2023 لاستيراد المعادن الثمينة أعلى بكثير، كيف لا، وقد تحوّلت المنازل الى خزنات ومتاجر كبرى!