Advertise here

لبنان مهدّد بـ"الشيخوخة".. وظاهرة جديدة تجتاح المجتمع

17 آذار 2023 11:49:42

لا يُعاني لبنان فقط من أزمة إقتصادية حادّة بل من جملة أزمات تُرخي بظلالها على المستقبل القريب والبعيد للبلد، حيث يشهد المجتمع اللبناني إنكفاءً خطيرًا في نِسب الزواج يُقابله طفرة من دعاوى الطلاق.

فهل بتنا أمام مشهدية "مجتمعية غريبة" عن عادات وتقاليد لبنان؟

يُفيد تقرير نشرته "الدولية للمعلومات"، بأنّ "عقود الزواج المصرّح عنها لدى المديريّة العامّة للأحوال الشخصيّة سجّلت تراجعاً في العقد الأخير (2012-2022)، وفي المقابل، إرتفع عدد عقود الطلاق في الفترة عينها".

ووفق التقرير يظهر إحتساب المتوسّط السنويّ للفترة المذكورة، أنّ عقود الزواج تراجعت بنسبة 1.89%، في حين ارتفعت نسبة عقود الطلاق، وبلغت 2.78%.

لا يخفي رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، أن "نسبة إبطال الزواج إزدادت وبشكل ملحوظ في المحاكم الروحيّة"، ويعزو السبب الرئيسي إلى "الأزمة الإقتصادية الحادّة التي طالت معظم طبقات المجتمع وعلى قاعدة "القلة بتولد النقار" طافت الخلافات العائلية على السطح وهوما إنعكس سلبًا على وحدة الأسرة".

إلا أنّه ليس السبب الوحيد برأي الأب بو كسم، فـ"إجتياح السوشيال ميديا لعقول الشباب والشابات تسبَّب بتغيير مفاهيم الحياة الأسرية، وأوجد تباعدًا بين الأزواج فإنتفى التفاهم بينهم".

وينتقد الأب أبو كسم في حديثٍ إلى جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة "نمط عيش اللبناني السابق القائم على المظاهر، فلم يعد أحد يرضى بنمط  حياة متواضع، وبالتالي أثر ذلك على حماسة معظم الشباب على الزواج لعجزهم عن تلبية متطلبات تفوق قدرتهم".

وينبّه أبو كسم من ظاهرة خطيرة تجتاح المجتمع اللبناني وهي ظاهرة "المساكنة"، فلم تعد كلمة عيب موجودة في قاموس هؤلاء".
أما التأثير على المدى البعيد، فيكمن وفق الأب أبو كسم "بشيخوخة المجتمع الذي لن يشهد إرتفاعًا في نسبة الولادات بسبب عددم الزواج، وبالتالي سيهدّد المجتمع بالشيخوخة".

وبالنسبة إلى الطلاق، يرى الأب أبو كسم أنّه "أصبح أمرًا عاديًّا لدى معظم الطوائف حتى أن دور "المُصلح" إختفى وبات الأزواج يلجأون مباشرة إلى المحاكم، وهذه ظاهرة إحتماعية خطيرة لا يمكن الإستهانة بها، وتداعياتها سلبية ستكون على المدى القريب والبعيد".

بدوره، يؤيّد رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط "فكرة أن الأزمة الإقتصادية تسبَّبت بالعزوف عن الزواج"، حيث يرى أن "زيادة نسبة العنوسة إرتفعت، لا سيما أن الأزمة يمكن وصفها بأقسى أزمة مرّ فيها لبنان بتاريخه فلم يسبق أنْ شهد المجتمع اللبناني أزمو مماثلة لها".

ويتحدَّث الشيخ عريمط لـ"الأنباء"، عن الأسباب بإسهاب حيث "لم يعد الفرد قادرًا على تلبية إحتياجاته، فكيف بإحتياجات أسرة".

ويسجّل "خطًّا مُتساويًا ما بين الطلاق والإنكفاء عن الزواج"، ويُشير إلى دراسة تقول: "كل 7 نساء في لبنان مقابل رجل".

ومن الأسباب التي يُعدّدها الشيخ عريمط، "هجرة الشباب اللبناني وبالتالي إنخفاض فرص الزواج عند الفتيات".

ويتوجس الشيخ عريمط بفعل هذا الواقع الصعب، من "تفكك أسري بات محتومًا ممّا يُنذر بأشياء خطيرة جدًّا، فتفكك الأسرة اللبنانية هو تفكك الوطن لأنّه حتى يستطيع أن يكون لدينا وطنًا صالحا يجب أن يكون لديك أسرة صالحة ثم مجتمع صالح، فالأسرة هي العمود الفقري للوطن عندما تنهار الأسرة وينهار المجتمع بالتأكيد لن يبقى للوطن مكانة".

أما عن إمكانية أن يصل لبنان إلى "مجتمع هرم"، فيستبعد ذلك لأن "لبنان ليس بمقيميه فقط بل بمغتربيه أيضًا الذين يواصلون الزواج والإنجاب وبالتالي لا بد من العودة إلى لبنان".

لكن في المقابل، يرى أنّ "لبنان المقيم قد يصل إلى مرحلة الشيخوخة مع تقلص نسب الزواج والإنجاب".

وفي ختام حديثه، وجّه الشيخ عريمط عبر "الأنباء" دعوة إلى اللبنانيين المقتدرين من رجال أعمال وتجار ومغتربين أيضًا، إلى البدء بالتكافل الإجتماعي والإهتمام والتكفل بالأسر المحتاجة، ليستمرّ لبنان".