Advertise here

كمال جنبلاط رفض دخول السجن الكبير.. ودفع عمره ثمناً لنضاله

16 آذار 2023 21:10:20

في مقابلة منذ أيام، قال وليد جنبلاط رداً على سؤال عن احتمال عودة العلاقة بين المختارة والشام، إن العلاقة لن تعود، المرء يتمسّك بمبادئه، وهذه مبادئي. لا يُمكن أن نسمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يردّد مبادئه، دون أن نتذكّر المعلم الشهيد كمال جنبلاط الذي تمسّك بالثوابت إلى أن وصل إلى الاستشهاد على يد النظام السوري نفسه.

الموقف يعيدنا بذاكرة الكتب والتاريخ، إلى زيارة كمال جنبلاط دمشق قُبيل استشهاده بفترة، وينقل عنه القيادي توفيق سلطان قوله لحافظ الأسد آنذاك: "أنت لا حريات لديك، وأنا لا يمكنني أن أعيش في بلد لا تتوافر فيه مناخات الحرية... لن أدخل قفصك الذهبي الكبير"، محذّراً إيّاه من دخول لبنان، "كي لا يكون مبرراً لدخول إسرائيل الذي سيُدخِلنا في نفق مظلم"، وكأنّه كان يعلم أن دخول سوريا وإسرائيل سيكون له تداعيات مدمّرة لعقود إلى الأمام، وهذا ما حصل.

رفض كمال جنبلاط سجن حافظ الأسد الكبير، وواجه المشروع السوري بالتوازي مع المشروع الإسرائيلي، ليقينه أن المشروعين إلغائيان، لا يعترفان بالهوية اللبنانية ولا الحدود، وللطرفان أطماع سياسية واقتصادية في لبنان، فكان اغتياله ضربةً للقضية الفلسطينية وللنضال اللبناني بوجه الوصاية السورية على القرار السيادي، الوصاية التي عادت وتُرجمت وصايةً قانونية على لبنان بعد الحرب الأهلية.

أوصلت المبادئ كمال جنبلاط إلى الشهادة، ورغم يقينه العميق أن النظام السوري سيلجأ إلى قتله لأنّه يرفض المفكرين الأحرار، لم يتوانَ لحظة في التعبير عن رأيه، حذّر الأسد جهارة، وقال إن "الأجيال السابقة واللاحقة ستلعنك"، لم يخف، واستمر في مواجهته إلى أن قُتل في ذلك السادس عشر من آذار.

تجربة كمال جنبلاط لجهة الحريات والمبادئ قدوة مُلهمة لذوي كل شأن، وبالأخص الشأن السياسي أو الصحافي، إذ كان مدافعاً صلباً عن حرية التعبير، تقبّل الآخر لكونه كياناً موجوداً بكل أفكاره ومعتقداته، فكان درساً لكل الأنظمة الاستبدادية التي لم تفقه من السياسة إلّا القتل بهدف إلغاء الآخر.