Advertise here

لا يمكن لأي فريق فرض رئيس تحدٍّ.. والبدء بالاصلاحات شرط أساسي

جنبلاط: عسى أن يُترجم التقارب السعودي- الايراني إنتخاب رئيس توافقي قبل حزيران

14 آذار 2023 18:57:13 - آخر تحديث: 20 آذار 2023 15:44:44

أشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، إلى أنّ  "الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب اللبناني لم تكن بين اللبنانيين، بل بين محاور سياسية كبرى إقليمية ودولية، ولكل محور أدوات ارتَكبت تلك  الجرائم"، مذكّراً بأنّه "ذهبنا إلى المحكمة الدولية، وكانت الرحلة مدجّجة بالدم. ظنّنا أنّ المحكمة الدولية تعطي نتيجة، ولكن نتيجتها كانت محدودة، لأنّها شُكلت من قبل دول في مجلس الأمن، وكل دولة وضعت شروطها. وهكذا كان. 

وفي بلاد مقسومة وربما مع الوقت، ثمّة العدالة الإنسانية الدولية، وثمّة العلاقة (العدالة) الإلهية، ربما في يوم ما تعطي هذه العدالة رأيها".

وفي حديثٍ لـ"صوت لبنان"، قال جنبلاط: "يبقى المجرم يمارس اغتياله. وتبقى الجريمة الكبرى الأخيرة التي طالت مرفأ بيروت. وفي هذا السياق، إنّ التحقيق جُمّد نتيجة الخلاف اللبناني الداخلي، وهناك دول لا تريد كشف ملابسات التحقيق. أتى النظام السوري وحلفاؤه بالنيترات لاستخدامه في الطائرات المروحية".

وسأل: "هل انفجار المرفأ كان نتيجة حريق صغير في مستودع، للمفرقعات أم تم استهدافه؟ هنا يقع اللغط الكبير".

ولفت إلى أنّ، "في حال كان الانفجار استهدافاً إسرائيلياً، فالتحقيق سيُمنع، لأنّه استهداف إسرائيلي بالدرجة الأولى، ولأنّه ممنوع الوصول إلى الجهة الإقليمية التي استوردت النيترات. وهنا تلتقي الأضداد، ونرى كيف تنبّه طارق البيطار وأطلق السراح. لماذا هذا الإطلاق السريع؟ ولماذا الاتهامات المضادة مع غسان عويدات؟"

كما تطرّق إلى، "مسؤول أمن المرفأ الذي يحمل الجنسية الأميركية الذي هُرّب، وكأن المطلوب أن يخرج هذا المسؤول، وهو سوري الأصل، وخرج في نفس الليلة".

ورأى أنّ الوصول إلى التحقيق الدولي، "ممنوع" في انفجار مرفأ بيروت، وتابع: "التحقيق جُمِّد. طالبنا منذ البداية بلجنة تقصي حقائق دولية، ولكن الطلب ذهب سدىً. وفي السابق قمنا بمعارك لبنانية من أجل المحكمة الدولية، وإحدى نتائج المعارك استقالة تلت الحكومة، استمرّينا ووصلنا إلى نتيجة منقوصة".

وأسف لأنّ، "لا أعتقد أنّنا سنصل إلى محاسبة من فجّر المرفأ". 

وبمناسبة ذكرى 14 آذار، قال جنبلاط: "في 14 آذار، انتصر الشعب اللبناني في إجبار النظام السوري على سحب جيشه. هذا إنجاز كبير. لاحقاً، البلاد كانت مقسومة. لم نستطِع بناء المؤسّسات الكافية القادرة على حماية الإنجاز. انقسم البلد وانتهينا بـ8 آذار ورواسبها، لكن علينا إعطاء الحق لهذا الشعب الجبّار. سفراء دول كبرى شكّكوا بقدرة الشعب اللبناني على النزول نحو الشارع، لكنه نزل وفرض نفسه. وأرادت في ذلك الحين الوصاية السورية أن ينزل الجيش بوجه الجمهور، لكنه رفض. وعلينا أن نعطي هذا الإنجاز للجيش وقائده ميشال سليمان".

وأضاف: "لم نضع برنامجاً  سياسياً. اتّكلنا على المجتمع الدولي، وهنا الكذبة الكبرى والأمل المفقود، ماذا يستطيع أن يفعل المجتمع الدولي في حال لم يكن ثمّة برنامج؟ ليس هناك من قرار دولي نُفّذ حتى هذه اللحظة. يتحدّث البعض عن القرار 1559، لكن أين أصبح القرار 242 حول احتلال اسرائيل للضفة الغربية والجولان؟ نُفّذ بندٌ واحد نتيجة السياسة، وهو بند تحرير سيناء. مصر حرّرت أرضها دون قيد أو شرط، لكن لاحقاً فُرض على مصر بأن تنسحب من معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي في كامب ديفيد، أمّا في الجبهة الشرقية، لم نستطع أن نحرّر الجنوب من خلال القرارات الدولية،  بل بالقوة. علينا أن نعطي الشهادة للمناضلين الذين حرّروا، من الحركة الوطنية إلى المقاومتَين الفلسطينية والإسلامية".

ولفت إلى أنّه "شخصياً ونفسياً مرتاح، بعد أربعين عاماً، دخل النظام السوري على دم كمال جنبلاط وخرج على دم رفيق الحريري وشهداء 14 آذار، وهذا ما قصدت به في العدالة الإلهية. أمّا العدالة الطبيعية فموضوع ثانٍ".

أمّا وبالنسبة للتقارب السعودي - الإيراني أشار إلى أن "البند الأول في هذا الترتيب، وهو ترتيب بارع من قِبل الصين، فالترتيب والتركيز سيكون على اليمن، وكيفية تسوية النزاع سياسياً. الحرب مستحيلة، إطالة الحرب لا تؤدي إلى شيء، نتمنى أن نستفيد لاحقاً من التقارب السعودي - الإيراني كي يُترجم في لبنان بتسوية، بندها الأول انتخاب رئيس. برأيي ألّا يكون رئيسَ تحدٍ".

وأضاف: "لن تنسحب الولايات المتحدة بهذه السهولة من المنطقة. هذه المنطقة خزّان من النفط، وممرٌ إلى السويس، وهي خط الحرير المعاكس. لكن ثمة فائدة كبرى للسعودية وإيران. ستحاول إيران الخروج من طوق العقوبات من خلال الانفتاح على السعودية، وهنا يبرز الدور السعودي الجديد. نحن محور نحدّد سياستنا بأنفسنا، ولسنا بمحور التبعية كما كان يقال عن الخليج. السعودية اليوم دولة عملاقة، لكن بحاجة إلى محيط مرتاح".

واعتبر أنّ "تحالف الأقليات كلمة تبعث على الاشمئزاز، لأنّها تنعكس على لبنان تحالفات قبلية إثنية لن تعطي أي نتيجة. وسمعت هذه الكلمة في 1975، وكان يردّدها البعض عن لسان رفعت الأسد. هذه الذكرى المشؤومة، تحالف الدول والمصالح أفضل من تحالف الأقليات".

كما رأى أنّ، "شيئاً من الصراع السنّي -  الشيعي مفتعل. داعش والقاعدة ظواهر خرجت من لا شيء؟ الأميركيون أنتجوا القاعدة لمحاربة الشيوعية، وكذلك طالبان. وعندما غزا الاتحاد السوفياتي أفغانستان، وهذا خطأ استراتيجي، فكانت ردّة الفعل طالبان. أمّا وبالنسبة لداعش، وكأنّ ثمّة إسلام إرهابي. السنّة إرهابيّون، نخلق لهم هذا الإطار داعش. وهذه كذبة كبرى".

كما ذكّر أنّ، "مصالح دولية لم تكن تريد نجاح الثورة السورية. لو جرى التأييد والإمداد السياسيين للثورة الوطنية السورية، كانت لتنجح. لكن كان من خرّب الثورة من الداخل والخارج. النظام أطلق الآلاف من الشبيحة من السجون وحوّلها إلى ثورة دموية طائفية. وسمتعها من مسؤول سوري في 2011، وقال سنتصدى لهم حتى لو كلفتنا مليون قتيل".

وعن سوريا وعودتها إلى المجتمع العربي والدولي، شدّد جنبلاط على أنّ، "المطلوب أن تتضمن المقاربة السورية الجديدة مصير الشعب السوري في الداخل والخارج في الشتات. نصف الشعب السوري يعيش في الشتات، وبرأيي على العرب أن يعودوا إلى المقرّرات الأولى التي بدأت فيها الوساطات، عندما أتى كوفي أنان، والأخضر الإبراهيمي والغير، وهي ضمان الحقوق البديهية للشعب السوري، كمنع الاعتقالات الشعوائية، وقف التعذيب، ثمّ مرحلة انتقالية، إعطاء العشب السوري فرصة انتقال من حكم بشّار إلى حكم غير بشار".

وفي هذا السياق، اعتبر  أن "الخطأ الأكبر يكمن في عودة سوريا إلى الجامعة العربية دون تنفيذ الإصلاحات، ومنح الشعب السوري الضمانات الأساسية في الداخل والشتات، في العيش الكريم بعيداً عن الإرهاب والسجون والخطف".

وعن مصير لبنان، فقال جنبلاط إنّ، "لبنان من جهته محكوم بالجغرافيا، في حال صارت هذه المقاربة والإصلاحات، تكون تطورت سوريا إلى الأمام. والشهيد سمير قصير قال لا يُمكن أن تعيش الديمقراطية والحرية في لبنان دون الحرية في الشام، ثمّة ترابط موضوعي".

وأكّد أنّه، "باقٍ على الضفة إلى أن يتحقق طموح الشعب السوري بالحرية والكرامة والعيش الكريم. هذا أقل ما يُمكن أن نطلبه للشعب السوري، ولن تعود العلاقة بين المختارة والشام. إنّني في أواخر مراحلي السياسية، وفي نهاية العمر، وأتمسّك بمبادئي".

وبالنسبة للوضع الداخلي في لبنان، قال جنبلاط: "لا أعتقد أنّ ثمة تغيير في النظام، والتغيير "غلطة كبيرة"، فلنتمسك بالطائف ونطوّره، وننفّذ البنود التي لم تنفّذ، ولا أعتقد أنّ المحيط في الإقليم والدول ستجمعنا مجدداً كما اجتمعنا في الدوحة لدراسة نظام طائفي جديد. على الأقل لننتخب رئيساً مرموقاً يجمع البلد، ونطبّق اللّا- مركزية الإدارية الموسّعة. وأنا ضد المغامرين الذين ينادون بالفيديرالية، وهي نظامٌ يُطبّق في دول ذات نظام مركزي قوي مع صلاحيات لبعض المناطق، والمثال ألمانيا. الفيديرالية تعني تفتيت البلاد. المطلوب تقوية البلد".

وفي هذا السياق، لفت إلى "المجالس المحلية المنتخَبة بدلاً من أن يبقى لبنان بصيغة القائمقام والمحافظ. فلتكن هناك مجلس مناطقية منتخبة، وهذا كان مطلباً للحركة الوطنية، (وهذا) أفضل من مندوب مركزي لا يملي شيئاً. قلائل هم المحافظون القادرون على استيعاب مشاكل جبل لبنان وهي كبيرة. الخلاف جدّي حول تقسيم بيروت، والأفضل أن تبقى بلدية واحدة مع بلديات للأحياء".

وبالعودة إلى التسوية الإيرانية - السعودية، تمنّى جنبلاط، "في مكان ما أن نستفيد من هذه التسوية. ولا يمكن لفريق أن يُملي مرشّحَ تحدٍ على الآخر. وحتى المجلس النيابي مقسوم. علينا أن نشرع في انتخاب رئيسٍ توافقي، ولكن ليس نكرة، بل رئيساً توافقياً اختصاصياً. أفضل أن يكون الرئيس له بُعدٌ اقتصادي. ولمَ لا نرشّح العنصر النسائي؟

 السيّدة مي الريحاني مرشّحة، والسيّدة ترايسي شمعون أيضاً، وهنّ يتمتّعنَ بمواصفات ممتازة".

وتابع: "طرحت على وفد حزب الله ثلاثة أسماء: جوزيف عون، صلاح حنين، جهاد أزعور. ومعَ الرئيس نبيه بري أضفت السيدة مي الريحاني. وجهاد أزعور هو من الذين يتمتعون بخبرة اقتصادية، وهو في صندوق النقد الدولي، مع العلم أنّ الأخير ليس الحل السحري، ولكن هذه الوصفة الوحيدة التي أعطيَت لنا. وعندما نقول مرشحاً توافقياً، أي برضى الممكلة العربية السعودية، فيأتينا بُعدٌ اقتصادي نقدي جديد. هناك استعداد في السعودية للمساعدة شرط أن لا نرشّح أحداً من محور الممانعة".

أمّا عن ترشيح الأضداد كرئيس تيّار المرَدة سليمان فرنجية، والنائب ميشال معوّض، قال جنبلاط: "فلنخرج إلى الدائرة الأوسع توفيراً للوقت، إذ أنَّ فرنجية لم يرشّح نفسه. أمّا معوّض فرشّح نفسه، علماً أنّنا حاولنا خلال 11 جلسة جمع  الأصوات، لكن كفى محاولات". 

وأضاف: "قدمت 4 أسماء، علماً أنّ المجالات واسعة، لكن هناك حدث كبير يفوق طرحي وطرح الرئيس بري، كما أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وهو التوافق السعودي - الإيراني الذي سيكون له أبعاداً هائلة على الإقليم ككلّ".

وعن الموقف السعودي في الملف الرئاسي، اعتبرَ جنبلاط أنّ أحد أهم شروط الرئيس الجديد هو البدء بالإصلاح والمحاسبة، ودخلنا بالمحاور الكبرى. لكن يجب علينا العودة إلى المحاور الصغرى، علماً أنّ المحاور الصغرى في لبنان أهم من تلك الكبرى، وتُترجم بالهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي الذي بتردّده، وانقسام المصالح بين المصارف عطّل كل شيء وهذا يهدّد ما تبقى من سيادة لبنانية". 

وتابع: "هذه مطالب أساسية، كما الصندوق السيادي للنفط، لذا فليكن هذا الاتفاق حافزاً  للكف من التنظير، وللكف من التحليلات الكبرى بل محاولة تقريب وجهات النظر "، مستطرداً بالقول: "كفى حروب إلغاء". 

جنبلاط رأى أنَّ "مقاطعة الحوار خطأ، وأفضل طريقة هي الحوار الذي يؤسّس لتسمية وانتخاب رئيس للجمهورية، أي سيناريو "دوحة 2" لكن  في لبنان، وليس في أي مكان آخر، ولنتفق على اسمٍ أو اثنين بعيداً عن فرض اسم يشكل تحدٍ.

وعن مبادرة بكركي، اعتبرَ جنبلاط أنّ  "بكركي يجب أن تبقى، وهي باقيةٌ فوق الصراعات الداخلية. ولم أسمع أسماءً من بكركي، كما أن ليس هناك لائحة نهائية من قِبَلي، ولا يمكننا فرض أسماء، بل علينا التشاور". 

ورداً على سؤال أجاب جنبلاط: لم أسمع  إجابة على أي اسمٍ طرحتُه من قِبل حزب الله، ولم يكن هناك فيتو على أي اسمٍ أيضاً. ولكن ربّما اليوم بعد الذي حدث في الإقليم يكون هناك إجابة". 

ولفتَ جنبلاط إلى أنّ "لا بد من التفاؤل إذ لا نستطيع أن نفقد الأمل، ومن الضروري التشاور مع الأطراف السياسية كافة من أجل الخروج من دوامة التعطيل.

وفي ما يتعلّق بالتحقيق مع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، قالَ جنبلاط: "لا أملك معطيات، وإذا كان الفريق الأوروبي يملك أداةً دامغة فليكن وليقرّر القضاء، علماً أنّ موضوع التحقيق في انفجار المرفأ مختلف. فإذا كان هناك فرضية تفجير إسرائيلي من خلال صاروخ أو غيره، فلن يُفرج عن التحقيق ولن يرَ النور ". 

وأشارَ جنبلاط إلى أنّه "ضد التمديد لسلامة، لكن تفادياً للفوضى فلننتخب رئيساً قبل حزيران، وعندها آلية الحكم تعود الى الطبيعة".

واعتبر جنبلاط أن، "لا يمكن الحصر بأنّ البنك المركزي هو المسؤول فقط. فالجميع مسؤول، والدولة غنيّة بقطاعاتها وشركاتها، لذا لا بدّ من إعطاء لصغار المودعين ضمانة بأصول الدولة"، مشدداً على أنّه "إذا بقينا في هذه الدوامة هناك خطر على القطاع المصرفي، لذا على بعض أصحاب المصارف المبادرة، سائلاً، "لماذا حتى الآن لم يتم تطبيق الكابيتال كونترول؟" 

وختمَ جنبلاط بالقول إنَّ، "بداية التحسن تكون بانتخاب رئيس، وتطبيق الإصلاحات في قطاع الكهرباء، ومنع التهريب، ومنع هيكلة المصارف"، لافتاً إلى أنّ بالنسبة لسلامة أصبح هناك رأي عام واختصاصيين وخبراء، ولا أعي مدى جدّيتهم، لذلك أطلقوا تلك الحملة التي وصلت الى القضاء". 

وأضاف: "اتُّهمتُ، ولا زلتُ متّهماً حتى الآن باختلاس 500  مليون دولار. لكنني كنتُ ولا زلتُ جاهزاً للمحاسبة"، سائلاً "لماذا لم تتشكّل لجنة  عن طريق مجتمع مدني أو غيره في هذا الموضوع؟"