دوافع الإتفاق الإيراني السعودي... أي تأثير على الملفّ اللبناني؟
13 آذار 2023
10:33
آخر تحديث:22 كانون الثاني 202514:25
Article Content
تحوّل الإتفاق السعودي الإيراني بعد عدّة لقاءات سرية في بكين إلى حقيقة ملموسة، كما فاجأ المسؤولين في غالبية الدول وخلق حالة من ترقب في كل المنطقة، وتوالت التساؤلات حول مصير المشاورات بين الرياض والحوثيين، وما تداعيات كل ذلك على دول المنطقة؟
مصادر ضمن الأجواء السعودية، تؤكّد لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، أنّ "أولويّة السعودية اليوم هي الملف اليمني، لذا أيّ إختبار لحسن نوايا إيران سيكون في اليمن، وأي إختبار للجديّة الإيرانية بالعلاقة مع المملكة العربية السعودية كذلك سيكون في اليمن".
وهنا تٌشير المصادر إلى ملاحظة هامّة لا يجب إغفالها، وهي أنّ "السعوديين خلال عاميْن من المفاوضات في بغداد كانوا يرفضون إعادة فتح السفارات والتبادل الدبلوماسي في حال عدم حصول أيّ تقدم بالملف اليمني، ولكن مجرد موافقة السعوديين على توقيع تبادل السفراء وعودة العلاقات الدبلوماسية هي إشارة واضحة تُفيد على أن هناك تقدّماً كبيراً بالملف اليمني".
لذا، تشدّد المصادر على أنّه "لو لم يكن هناك خطوط عريضة مُتفق عليها في العلاقة بين الطرفيْن لما وُقّع الإتفاق، وبالتأكيد كان هناك جولات من قبل بعيدة عن الإعلام، كما أن توقيع الإتفاق في الصين له دلالات كبيرة وهامة". ووفقًا للمصادر، فإن "السعودية غير معنية بالتوتر ولا التصعيد في المنطقة، فرؤية المملكة 2030 بحاجة إلى إستقرار وتخفيض التوتر". وتستشهد المصادر هنا، بكلام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "حيث كان دائما يلفت بأنه ليس هناك أي إشكالية مع إيران إلا أن تكون دولة طبيعية، وبأنها دولة جارة ولا نريد منها إلّا أن تتصرّف كجارة طبيعية ولا تُصدر لنا الثورات والميليشيات، وإذا أرادت العيْش معنا كدولة طبيعية فنحن مستعدون لأفضل العلاقات وهذا ليس كلام سري"، وترى بأنّ "تصرف إيران الأخير كان تصرف دولة بعيدًا عن منطق الميليشيات".
وتعتبر المصادر أن "إيران من ناحيتها أصبحت "مخنوقة" في المنطقة، فـ "ميليشياتها" خنقتها وتمويلها مُكلف وباهظ، في حين أن شعبها يُعاني من ضائقة إقتصادية كبرى، وهذا ما دفعها إلى توقيع إتفاق مكتوب يقضي بعدم التدخل بشؤون الدول، وهذا الأمر لم يحصل في السابق كما أنه ليس تفصيلًا بالديبلوماسية العربية، والسعودية كانت تفاوض عن كافة الدول العربية، لذا هذا إتفاق عربي مع إيران وليس سعودي فقط".
أمّا فلماذا في الصين؟ فتلفت المصادر إلى أن "الصين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني، كما أنها مرتبطة مع إيران بإتفاقية إستراتيجية بقيمة 400 مليار ولمدة 25 سنة، وفي الوقت ذاته أبرمت عشرات الإتفاقيات وبقيمة مئات مليارات الدولارات مع السعودية، وكذلك هي تستورد 40% من نفطها من دول الخليج وإيران، بناءً على ذلك فمن مصلحتها الإستقرار في المنطقة". وهنا ترى المصادر أن "الصين وجدت مدخلًا سهلًا للدخول منه إلى الشرق الأوسط".
وتؤكد المصادر بأنّه "بدأنا نلمس تغيّراً في الخطابات، حيث الحوثي يقول اليوم بأن السعودية هي دولة شقيقة وحربنا كانت مع أميركا وإسرائيل، كما أنه في العراق بدأوا بإزالة كافة اليافطات المسيئة للسعودية". وتكشف المصادر أنه من "المرجّح أن نلمس خلال الأسابيع القليلة المقبلة بوادر إيجابية، حيث من المتوّقع إبرام الإتفاق اليمني (الحوثي والحكومة اليمنية) في شهر رمضان بمكة".
إلَّا أنّ ذلك لم يلقَ ترحيبًا مِن مَن كان يحلم بالتطبيع مع المملكة، أيّ إسرائيل، فإنّه بحسب المصادر "الإتفاق السعودي الإيراني شكّل ضربة لإسرائيل، إذْ أنّ بنيامين نتنياهو كان من أهم أولوياته تحقيق هذا التطبيع". وتكشف بأنّه "في الأيام القليلة الماضية، عقد إجتماع أمني في الخليج بين قادة عسكريين ومخابراتيين خليجيين وقادة عسكريين ومخابراتيين أميركيين، وخلال الإجتماع طُرح موضوع قيام مظلة دفاع جوية إقليمية ضد إيران رفضتها دول الخليج، وأبلغوهم أنهم غير معنيين بأي خطوة تصعيدية في المنطقة، وهذا يعني أن دول الخليج لن تؤيد أي عملية عسكرية ضد إيران ويفضلون الحلول الدبلوماسية، ولكن في ذات الوقت لن يؤيدوا امتلاك إيران قنبلة نووية".
أمّا على الضفة اللبنانية، فتجزم المصادر بأنه "في حال أنجز الملف اليمني، فمن الطبيعي أن ينسحب ذلك إيجابًا على الساحة اللبنانية بمختلف ملفاتها الشائكة، وإنْ كان من السابق لآوانه التعويل على إحداث تغييرات جذريّة تطال الإستحقاق الرئاسي مباشرة في المرحلة القريبة، إلّا أنّها وبالتأكيد ستمُهِّد لحلول لا بدّ أن يتلمسها اللبنانيون إعتبارًا من بداية الصيف أي بعد توقيع الإتفاق اليمني السعودي".
إذًا، لبنان اليوم يعيش حالة ترقب لِما يُمكن أنْ يُصيبه من شظايا الإنفراج السعودي الإيراني وكيف سيتم إستثماره بكافة الملفات!