Advertise here

حرش بيروت أمامكم و"الدولة"... وراءكم

09 آذار 2023 07:24:32

كان اسمها في القرن الثالث عشر La Pinee، ونعرفها اليوم باسم حرش بيروت. وبين الأمس البعيد واليوم حصلت فيها عجائب غرائب، فالحرش يضيق بعين دولة تستكثر على مواطنيها فسحة خضراء. البارحة، يوم شعر البيارتة بزلزلة الأرض (22 شباط) هرولوا إلى هناك. إنها الملاذ الطبيعي الوحيد لهم. هي الرئة الوحيدة التي ما زالوا يتنفسون- أو يمكنهم أن يتنفسوا- فيها. قصدناها للتأكد، بالعين المجردة، من قابليتها لاستيعاب بشر ينشدون راحة وأماناً يفتقدونهما في عاصمة مليئة، بعشوائية، بباطون هشّ. فإلى حرش بيروت سرّ.

حارسان عند المدخل، أمام غرفة تحوطها نفايات بعثرها الهواء، تعلوها يافطة: بلدية بيروت - حرش بيروت. وعند الحاجز الحديدي آرمة تحدد المسموح وتحذّر من الممنوع: بلدية بيروت دائرة الحدائق. ممنوع وقوف السيارات أمام مدخل الحديقة. ممنوع دخول السيارات والدراجات على أنواعها والباعة المتجولين. ممنوع اللعب بالكرة داخل الحديقة حفاظاً على الأشجارالمغروسة من شوطة صاروخية. ممنوع صيد العصافير وإدخال السلاح على أنواعه. ممنوع إدخال الحيوانات وإشعال النار داخل الحديقة. حافظوا على النظافة وارموا النفايات في الأماكن المخصصة لها. الأزهار لكم حافظوا عليها. هي لائحة تعليمات وتنبيهات تستقبل الوافدين.

دوام فتح الحديقة أمام المتنزهين: صيفا من السابعة صباحا حتى (...) مساء. كلمة «الساعة» محاها الزمن أو نسيت البلدية تحديدها. والدوام في فصل الشتاء بين السابعة صباحاً حتى الخامسة مساء. ها نحن في فصل الشتاء وها نحن هناك. أصوات الطيور واضحة. ندخل، نتنفس الصعداء، شهيق زفير ونمشي في الأرجاء. كأننا لسنا في بيروت، كأننا لسنا في لبنان، كأننا لسنا في غابة الدولة. نشكر الله على نِعمه ونمشي. الهواء عليل وأشجار الصنوبر كثيرة، تصطف كما العسكر، في تناغم مثالي. هي كانت أكثر، كان بين شجرة وشجرة شجرة. الآن نرى الأغصان تتمدد حرّة أكثر.