يرصد المهتمون بالشأن السياسي المحلي، سواء كانوا من أصدقاء او من "خصوم" المملكة في لبنان، ايَ موقف او مؤشر قد يدل الى توجهات الرياض لبنانيا، وهم يراقبون اليوم الحركة التي يقوم بها السفير السعودي وليد البخاري على الساحة الداخلية، علّها تساعدهم في تكوين صورة عن مقاربة السعودية للملف اللبناني عموما والرئاسي خصوصا.
لكن بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، لا جديد في الموقف السعودي من لبنان، وهو على حاله منذ سنوات: لا دخول في الاسماء، لا تزكية لهذا المرشح او النائب او الرئيس ولا فيتو على ذاك، هذه التفاصيل لا تهمّها. من منظار المملكة، المطلوب اكبر وأوسع: من الضروري ان يثبت "لبنان – الدولة" انه انتفض لسيادته ولهيبته ولاستعادتها من "الدويلة"، وان يُثبت بالادلة والاداء الحسّيين، انه عاد الى الحضن العربي وخرج من تحت السطوة الايرانية، وان يشرع ايضا في عملية اصلاح اقتصادي شاملة.. هذه الخلطة المتكاملة، التي اختصرها البخاري في بكركي بـ"الابتعاد عن الفساد السياسي والاقتصادي"، وفق الناطق باسم الصرح وليد غياض امس، هي المطلوبة لاعادة وصل ما انقطع بين لبنان والخليج عموما والمملكة خصوصا. وستشكل هوية رئيس الجمهورية العتيد اول مؤشر الى مستقبل العلاقات، ازدهارا ام مزيدا من القطيعة.
اما الاكتفاء بعلاجات "على القطعة" لاسباب الفتور السعودي، فلن يفيد في ترميم العلاقات الثنائية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يولي وزير الداخلية بسام المولوي، اهتماما كبيرا لتحدي مواجهة آفة الاتجار بالمخدرات. والاجهزةُ الامنية والعسكرية بدورها، مستنفرة وتبذل الغالي والنفيس في هذه "الحرب". الاثنين، وفي وقت اعلنت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي عن إحباط عملية تهريب 160 ألف حبة كبتاغون إلى أفريقيا، غرد مولوي عبر تويتر كاتبا "عمليتان جديدتان لقوى الأمن الداخلي اسفرتا في الأولى عن ضبط 160،000 حبة كبتاغون داخل ماكينة في البقاع كانت معدة للنقل من لبنان الى إحدى الدول الافريقية، وفي الثانية عن ضبط 800،000 حبة كبتاغون و208 كلغ من مادة حشيشة الكيف داخل أكياس من النايلون في شاحنة لنقل البضائع في كوشا – عكار"... وأرفق تغريدته بهاشتاغ "#تجار_الموت #لكم_بالمرصاد".
اما في منتصف شباط الماضي، فأعلن الجيش اللبناني عن مقتل 3 من عناصره و3 مطلوبين، خلال اشتباكات مع تجار مخدرات في بلدة حورتعلا في البقاع.
الجهات المعنية بمحاربة المخدرات وتصديرها سيما الى الخليج، والتي تسببت بتوتر غير مسبوق في العلاقات بين لبنان والسعودية، منذ سنوات، اثر شحنة "الرمان المخدر" المحمّل بالكبتاغون، تقوم بواجباتها على اتم وجه وهي مستعدّة للتضحية وللاستشهاد في سبيل التصدي لتجار المخدرات وللدمار الذي يتسببون به اكان في الداخل او في المنطقة. الا ان هذا الجهد وحده ليس كافيا لاعادة الحرارة الى الخط اللبناني - السعودي... واذا كانت المنظومة حريصة على عودة المملكة الى بيروت، بما تمثّله من سند ودعم للبنان المنهار، ليس عليها الا ان تضطلع بمسؤولياتها بحكمة وحسّ وطني، تماما كما تفعل الاجهزة.. فهل هي في هذا الوارد؟!