Advertise here

قرارات عبثيّة "تقضي" على ما تبقى من القضاء

24 شباط 2023 11:47:14

ذهب الرئيس السابق ميشال عون وبقيَت آثار "أدوات العهد" تعمل وتعبث وتُصدر قرارات من شأنها تحويل ما تبقّى من البلاد إلى رماد، وما يشهده القضاء خير مثال على محاولات تدمير لبنان وتصفية البلد في اخر معاقل الدولة. والسؤال الأهم هو ما موقف مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي، من كل هذه التصرّفات والاجراءات، والتي تتصدرها القاضية غادة عون؟ ولماذا لا يتم ردعها؟

وحول ما تقوم به عون من تصرفات، آخرها الدعوى ضد المصارف، تشير مصادر قضائيّة متابعة إلى أنّه "من بديهيّات الأمر القضائي أو الدعوى القضائية أن يكون لها صفة ومصلحة وأهليّة". وهنا تلفت المصادر عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة إلى "المشكلة"، حيثُ "تبيّن على سبيل المثال أنّ مُقدّمي الدعاوى على المصارف لا يملكون حسابات مصرفيّة، أيّ ليس لديهم صفة الإدّعاء، بينما لكي تُصبح الدعوى قائمة يجب أنْ يكون المُدعي صاحب صفة، وهنا لبّ المشكلة". وتسأل المصادر "هل إذا أُغلقت المصارف سيحصل المودعون على حقوقهم؟ وهل يُمكن للمودعين تحصيل حقوقهم عبر إستهداف المصارف من خلال قاضٍ يتمرّد على التفتيش القضائي والسلطة القضائيّة؟".

الخبير القانوني والدستوري سعيد مالك، يُشير إلى أنّ "القاضيّة عون قد خالفت أحكام قانون أصول المحاكمات المدنيّة وبالتحديد المادتيْن 125 و751 من نص القانون، بحيث أنه قد قُدِّم بوجهها أكثر من دعوى ردّ ورفضت تبلغها، إضافةً إلى أكثر من دعوى مخاصمة دولة وأيضًا رفضت تبلغها، ولم ترفع يدها عن النزاع سندًا للمواد المذكورة".

وضمن إطار الشكل وبغضّ النظر عن الأساس، يرى مالك في حديثٍ مع "الأنباء" الإلكترونية أنّه "لا يُمكن لقاضٍ أن يُخالف القانون وهو في الأساس مؤتمن على تطبيق القانون، فربما يكون الأساس أيّ سبب ملاحقة المصارف مُحقّ، لكنّ هناك طلبات ردّ وعلى القاضية الإلتزام بها إلّا أنّها إمتنعت عن تبلغها ولا زالت ممتنعة حتى تاريخ اليوم".

مالك وإذْ يلفت إلى أنّ "الكتاب الذي وجّهه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية بسام مولوي هو مُخالف لمبدأ فصل السلطات، لأنّه لا يُمكن إعطاء توجيهات إلى الضابطة العدليّة بعدم تنفيذ إشارات قضائيّة فهذا يُخالف أصول قانون المحاكمات الجزائيّة".

إلّا أنّه وفي إطار القراءة الشاملة للصورة يعتقد الخبير القانوني مالك أنّ "الأمور وصلت إلى هنا نتيجة التقصير من قبل التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى، فاليوم مؤسسة القضاء هي مؤسسة مستقلة قائمة بحدّ ذاتها وبالتالي يُفترض أن يكون هناك دور يلعبه مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي لذا نحن وصلنا إلى ما وصلنا إليه نتيجة تلكؤ القضاء الأعلى والتفتيش القضائي عن القيام بما يلزم في هذه القضيّة، وإتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذه المعضلة".

وفي الخلاصة، يؤكّد مالك أنّ "القاضيّة عون بتصرّفاتها أطاحت بالقوانين برّمتها فعندما يتمنع القاضي عن تبلغ أوراق قضائيّة هذا أمر يُصبح مُشينًا ولا يّمكن تمريره بأيّ شكل، وحتى "الكتاب" أيضًا يعتريه الكثير من الشوائب وأبرزها مخالفة مبدأ فصل السلطات ومخالفة قانون أصول المحاكمات الجزائيّة وإخراج الضابطة العدليّة من تحت "سلطة العباءة القضائيّة"، فاليوم جميعنا يُدرك بأنّ المودع هو "ضحيّة" وهو بحاجة إلى مَن يُعوض عليه، لكنّ طريقة الآداء يشوبها الكثير من العيوب".

ومن جهته أيضًا، يؤكّد المحامي مارك حبقة أنّ "تصرّف القاضية عون هو غير قانوني، فهي ليس لديها صلاحيّة ملاحقة جرائم تبييض الأموال، فملاحقة المصرف على خلفيّة أيّ جرم جزائي هو من صلاحيّة المدعي العام المالي وليس النائب العام الإستئنافي".

ووفقًا لما يراه حبقة، فإنّ "تصرّفات القاضية عون غير المسؤولة من شأنها أنْ تؤدّي إلى شلّ القطاع المصرفي بلبنان، وبخاصّة أنّ المصارف المٌراسلة من المُمكن أنْ توقف تعاملها مع بلد لديه اليوم كلّ هذه المشاكل و"سمعة سيئة" وبالأخص في موضوع تبييض الأموال الذي يتمّ إتهام المصارف به" .

وإذا كان من البديهي القول إن عبى المصارف جزء كبير من المسؤولية في ما حصل في البلاد من انهيار، إلا أن ذلك لا يعني ضرب ما تبقى من إقتصاد البلاد بتصرفات لا تمت للعدالة بصلة، ومعها يتم القضاء على ما تبقّى من قضاء.