Advertise here

نموت جوعاً.. الشرطة البلدية ترفع الصوت

24 شباط 2023 07:47:14

روايات عناصر شرطة بلدية صيدا عن معاناتهم مع الضائقة المعيشية وتدنّي رواتبهم ارتباطاً بتفلّت سعر صرف الدولار في السوق السوداء والغلاء وارتفاع الأسعار، تدمي القلب وتدمع العين، وهي أشدّ إيلاماً من باقي موظّفي الدولة، إذ إنّ واجبهم يمنعهم من الإعتكاف في المنازل، بينما القلَّة تنغّص عليهم حياتهم الى حدّ الجوع.

«نحن واجهة صيدا... وقد أجبر بعضنا على العمل في جمع الخردة أو الحراسة الأمنية الخاصة، العمل ليس عيباً، لكن ينطبق علينا «سبع صنايع والبخت ضايع» - وهو مثل شعبي ويُضرب في ذوي الميزات والكفاءات ولكنه قليل الحظّ»، يقول العنصر باسل بوجي لـ»نداء الوطن»: «العمل ليس عيباً، ولكن وصل الحال ببعضنا إلى العمل «أمن خاص»، لأنّه يملك مسدساً مرخّصاً، إنّه الاستغلال بدلاً من الدعم للبقاء في مهامنا في المساعدة لحفظ الأمن ومنع الفوضى».

وبغضب لا يخلو من عتب، يؤكد بوجي «صيدا مدينة ملتزمة إسلامياً، لو دُفعت أموال الزكاة للمحتاجين، لما بقي شرطي أو موظّف أو صيداوي فقير، نعم الشرطي والعامل والمياوم يعيشون بالقلَّة والذِّلة ونموت جوعاً تدريجياً ولا أحد يسمع نداءنا، أين المسؤولون من عذاباتنا، لا نريدهم أن يدفعوا من جيوبهم الخاصة بل العمل على معالجة مشكلتنا سواء مع وزارة الداخلية والبلديات أو المالية».

وبوجي، واحد من عشرات عناصر الشرطة البلدية والعاملين المياومين الذين لم يهضموا تجاهل المسؤولين مطالبهم المحقّة، فنظّموا اعتصاماً احتجاجياً هو الثاني في أقلّ من شهر، تزامناً مع سلسلة تحرّكات احتجاجية نظّمت في مختلف المناطق اللبنانية مع استمرار الإضرابات المفتوحة في قطاعات المصارف والتعليم الرسمي وموظّفي الإدارة العامة.

في الاعتصام الذي نظّم في باحة البلدية، أطلق المشاركون صرخة وجع ونداء مساندة، إلى فاعليات المدينة من أجل تفهّم أوضاعهم المعيشية الصعبة ودعمهم الصمود والبقاء في مراكز عملهم في ظلّ تداعيات الانهيار المالي والمؤسّساتي في لبنان ولأنّ الوضع الاقتصادي لا يطاق ولم يعد بمقدورهم تحمّل المزيد من المعاناة مع عائلاتهم وأولادهم.

وقال قائد الشرطة المفوّض ثالث بدر القوام «إنّ كلّ مستحقّاتنا المالية التي ما زلنا نتقاضاها بالليرة اللبنانية لا تكفينا لأيام وحتّى أنّ بعض البنوك حرمنا من حقّنا بتحويلها على سعر صيرفة لنتمكّن من كفاية عائلاتنا، ووضعنا يزداد سوءاً مع تراجع قدرتنا الشرائية لمختلف متطلّبات الحياة اليومية، فكيف إذا فُقِدت القدرة على الطبابة والاستشفاء»، بات لزاماً على المسؤولين سماع صرختنا عبر مساعدتنا لتأمين مقوّمات العيش الكريم».

ويبلغ عدد عناصر شرطة بلدية صيدا نحو 47 عنصراً وهم برئاسة القوام ويتقاضى كلّ منهم راتب مليوني ليرة لبنانية، وقد بات ستة ملايين بعد مضاعفته، إضافة إلى مليون ونصف بدل نقل لمن يحضر الى العمل، ما يعني أنّ سبعة ملايين ونصف لا تكفي تسديد أعباء الحياة. ويقول العامل مالك الغوش لـ»نداء الوطن»: «راتبي اليوم مليونان ومئتان و12 ألف ليرة لبنانية، لا تكفي لأيام، لقد اشتريت 5 ربطات خبز بـ180، فإذا قسّمت الراتب على ربطات الخبز فقط لا تكفي طوال الشهر. معاناتنا فوق الوصف وعلى المسؤولين التحرّك الجدّي لمساعدتنا».

ويؤكد العنصر وائل الكبش لـ»نداء الوطن» أنّ الأزمة المالية الخانقة قد تجبره على وقف تعليم ولده في الجامعة، ويقول «كل شهر يتوجّب عليّ دفع 170 دولاراً أميركياً، ولولا تكفّلُ اثنين من الخيّرين بالدفع لما استطعت إلى العلم سبيلاً، لا أحد يريد أن يُدرك حجم مأساتنا، قرّرنا أن نصرخ اليوم، ساعدونا قبل الموت».

ويروي العنصر أحمد أبو زينب أنّه بات يعمل في أكثر من دوام ليلاً ونهاراً كي يستطيع تأمين إحتياجات عائلته، ويقول «أخرج من المنزل الساعة الثانية عشرة ليلاً ولا أعود اليه إلا التاسعة مساء، أي أعمل 21 ساعة بلا انقطاع، لقد وصلت بنا الأمور إلى حدّ أنّ البعض جمع الخردة من أجل العيش بكرامة، هذا ليس عيباً، والبعض الآخر لم يتمكّن من المجيء إلى دوام العمل لأنّه لا يملك المال لأجرة التاكسي أو تعبئة البنزين، منذ ثلاث سنوات ونحن نسِفُّ التراب (مثل شعبي أي أننا نأكل التراب لنعيش)، عتبنا كبير على كلّ الذين سمعوا بمعاناتنا ولم يساعدونا».