سلامة ينوي الرحيل... ويؤكّد: الودائع باقية

20 شباط 2023 07:45:00

على وقع استمرار إضراب المصارف وارتفاع سعر صرف الدولار وفشل محاولات لجمه، توجهت الأنظار ليل أمس إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي أعلن نيته ترك منصبه عند انتهاء فترته الحالية في شهر تموز المقبل، نافياً أن يكون قد طُلب منه العمل لفترة جديدة. واعتبر أن الفترة الماضية كانت كافية ليضع بذلك حداً لكل التآويل والأقاويل التي أشارت في الأيام القليلة الماضية إلى احتمال التمديد له. ورأى أن هناك قوى سياسية نجحت في عرقلة النظام الماليّ في لبنان، لافتاً إلى أنه أطلق عليهم سابقاً لقب "صانعي اليأس". وأمل أن يستمرّ مصرف لبنان بقدراته، على أن يطوي مع خروجه من البنك المركزي صفحةً من حياته.

الحاكم الذي أكد أن المصرف المركزي ليس سبب الأزمة، أشار الى أن تحويل الأنظار إليه جعله "كبش محرقة". وأوضح أن منصة "صيرفة" وُجدت من أجل خدمة المواطن، لكن الدولة كانت وراء العجز الذي راكم الديون من خلال الموازنات. وبحسب سلامة فإن السياسة في لبنان تؤثر على الإقتصاد، وحكومة الرئيس السابق حسان دياب أصرّت على توقف لبنان عن دفع الدين الخارجي (اليوروبوند)، وعليه، فإن سياسات مصرف لبنان لا علاقة لها بالاقتصاد. ولفت الى أن لبنان توقف عن دفع المستحقات على الديون الخارجية للسندات اللبنانية المقومة بالعملات الأجنبية دولياً، الأمر الذي نتج عنه دخول لبنان في حالة التعثر وبالتالي وضع في خانة العاجز عن تمويل احتياجاته. كما أشار الى أزمة الفراغ على صعيد الحكومة، لا سيما وأنه لم يتعد على مدار السنوات الثلاث الماضية مجموع الأشهر التي كانت هناك فيها حكومة فاعلة سوى 12 أو 13 شهراً، بالتزامن مع ما رافق ذلك من زعزعة في المؤسسات الدستورية، ولاحقاً إجراء الانتخابات النيابية، ومن ثم حدوث فراغ على صعيد الرئاسة الأولى.

وعن ارتفاع سعر صرف الدولار، أوضح سلامة أن كل هذه الأزمات تُرجمت ارتفاعاً في سعر الصرف تجاه الليرة اللبنانية، مشدداً على أن الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان في الفترة الحالية لم تساعد في إيجاد حلول سريعة للاقتصاد، من دون أن ينفي وجود أسواق موازية للدولار في لبنان تُلبّي الاحتياجات كافة إلى العملة الخضراء. واذ اعتبر أن الحرية اليوم متروكة للسوق، أكد الحاكم عدم امتلاك احتياطات كافية للتدخل، فضلاً عن عدم امتلاك الثبات الذي كان موجوداً قبل الأزمات، مشيراً في الوقت عينه إلى أن السوق لم يكن بمقدوره تأمين موارده عند الحاجة، لكن الحمد لله كل شي متوافر في لبنان. ووفقاً لسلامة، فإن احتياطيات المصرف المركزي الحالية من النقد الأجنبي تبلغ 10 مليارات دولار، في حين أن احتياطياته الحالية من الذهب تقدر بنحو 17 مليار دولار، مؤكداً في المقابل أن الخسارة تصل إلى 50 مليار دولار بين القطاعين الخاص والعام، وأن الودائع باقية ما دام مصرف لبنان لم يُفلس.

وقال سلامة إن مصرف لبنان وفي ظل الأزمات المتعاقبة على لبنان، أصبح غير قادر على حل الأزمات لا سيما وأن الحلول تتطلب مشروعاً وطنياً، لكن "المركزي" عمل بما يخوله له القانون من أجل جعل الأمور تحت السيطرة إلى حد ما كي لا يحدث انهيار للنظام المالي والمصرفي، مشيراً إلى أنه حتى الآن وبالأرقام، ليس هناك انهيار مالي أو مصرفي بل صعوبات، والقطاع المصرفي خلال السنوات الثلاث الأخيرة قام بتسديد ودائع بقيمة 35 مليار دولار، وهو يسير وفق خطة استراتيجية لذلك.

على الرغم من حسم حاكم مصرف لبنان موقفه تجاه التمديد له، يبقى لقرار مصيري كهذا على الساحتين المالية والنقدية جولات وصولات في الكواليس الداخلية والخارجية، وإلى حين انتهاء ولاية الحاكم يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل يملك رياض سلامة القرار أو الخيار وحده أم أن الظروف الداخلية والارادة الخارجية ستكون لهما الكلمة الفصل في معرفة هوية الحاكم الجديد؟ بلا جواب مؤكد مهما قيل "لا للتمديد".