Advertise here

قرصنة

01 حزيران 2019 06:05:00 - آخر تحديث: 18 أيلول 2019 20:11:36

المحكمة العسكرية تبرئ المقدم سوزان الحاج في قضية القرصنة الالكترونية واتهام زياد عيتاني بالعمالة. حضر جلسة التبرئة في سابقة قضائية مفوض الحكومة لدى المحكمة القاضي بيتر جرمانوس. سابقاً تمّت تبرئة زياد. وأقيمت له احتفالات "وأعراس" بالمناسبة.

ونظمت حلقات تلفزيونية حول قضيته "واتهامه زوراً" ثم تبرئته. اليوم تبرأ سوزان. وتقام لها الاستقبالات والاحتفالات المماثلة !! من الفاعل إذاً؟؟ هل كان ثمة قضية في الأساس؟؟ هل نحن أمام تركيبات وافتراءات وإخباريات هزّت البلد وأساءت الى كرامات وسبّبت انقسامات واتهامات سياسية وطائفية - أحياناً - متبادلة ؟؟ هل نحن في دولة حق وقانون ومؤسسات حقيقية؟؟ هل هذا هو "العبور" الى الدولة الذي رفع شعاره فريق؟؟ وهل هذا هو مفهوم دولة التغيير الذي رفع شعاره فريق آخر؟؟ دولة من هي الدولة التي نعيش فيها. بل هل نحن في دولة؟؟ أم في غاب؟؟ وأصبح بلا شريعة؟؟ من المسؤول عن الأمن؟؟ من المسؤول عن القضاء؟؟ الأمن لمن؟؟ القضاء لمن؟؟ المؤسسات لمن؟؟ هل هي لفريق أو شخص أياً يكن حجمه وتمثيله أم هي للدولة، للناس، لصون حقوقهم ومصالحهم وكراماتهم ويحكمها القانون فقط ؟؟ الى متى هذه العبثية وهذه الأمية وهذا التسلّط والتحكّم وسياسة استخدام المؤسسات والقانون للاستقواء في وجه بعضهم البعض. هؤلاء الذين يتصرفون على أساس أن هذا الجهاز لي وذاك الجهاز لك وهذه الإدارة لي وتلك لك ويقع المشكل عندما يكون خلاف على مصالح تتحول الإدارات والأجهزة الى متاريس وأدوات وتبدأ عملية تصفية الحسابات، أو عندما يبدأ مدّ الأيادي على "الأملاك الخاصة" فتقوم القيامة ولا تقعد!!

مرّت البلاد في حروب وأزمات وثورات ومراحل فوضى واستغلال نفوذ وسلطة لكننا لم نشهد خلالها ما نشهده اليوم وكل ما يجري يتم تحت شعار: "تحرير الدولة من الفساد" "والمقاومة الاقتصادية" ومعالجة آثار ما جرى خلال السنوات السابقة، وأن الناس "يريدون دولة" "وعملاً" "وإنتاجاً ".... 

إن ما يجري اليوم أبشع بكثير مما جرى سابقاً دون أن نبرّر شيئاً لأحد. مرتكباً كان أو فاسداً أو متجاوزاً أو مستغلاً موقعاً أو موفراً الغطاء والحماية لأي من هؤلاء. 

بيتر جرمانوس يستقوي بفريق سياسي. يبرئ سوزان الحاج لأن ثمة مشكلة مع مدير الأمن الداخلي عماد عثمان الذي يستقوي بفريق سياسي آخر. عندما كان اتفاق المصالح قائماً بين الفريقين لم يتحدث أحد منهما عن ملفات الآخر. عندما اهتز الاتفاق فتأثرت المصالح سمعنا ونسمع وشاهدنا ونشاهد كل هذه المسلسلات في الفيلم المفتوح البشع . تماماً كما يحصل بين مختلف القوى السياسية للأسف. وقد بلغ الأمر، أن رئيس الحكومة الذي يحذّر الموظفين من الإضراب، تقول أوساطه " ليت القضاة استمروا في إعتكافهم". ويعبّر فريقه عن قرار البترئة بكلام قاس عن التسييس!! فيرّد الآخرون في مواقع "مسؤولية" ومن دون أي مسؤولية بكلام مناقض .

ما يجري في هذه المغارة بين القضاء وبعض أجهزة الأمن، وبين الأجهزة الأمنية ، وفي الإدارات والمؤسسات، صراع بشع على السلطة وفيها باسم الطوائف والمذاهب والدولة. ولا الطوائف ولا الدولة ولا المذاهب لها علاقة بذلك. إنها شبكة مصالح خطيرة بشعة وعملية تدمير للدولة ومؤسساتها وانتهازية وإهانة واستغلال للطوائف والمذاهب والناس في كل مواقعهم. 

إنها قرصنة من نوع آخر. نقولها بلغة القضية المفتوحة اليوم. معيب استمرار ممارستها ممن هم في موقع المسؤولية.