أقرّ الكنيست الاسرائيلي بالقراءة الأولى مشروع قانون يقضي بـ "إلغاء قانون الانسحاب من شمال الضفة الغربية " تمهيداً لإعادة المستوطنين اليهود الى 4 مستوطنات كانت قائمة فيها. والقانون المذكور أقرّه الإرهابي آرييل شارون عام 2005 وبموجبه أزيلت 21 مستوطنة في غزة، تمّ إخلاؤها من المستوطنين فيما تمّ إخلاء المستوطنات الأربع في الضفة التي يشير إليها قانون نتانياهو وحلفائه في العصابة الحاكمة اليوم. وهذا يؤكد ما سبق وقلناه: نتانياهو يريد أن يتقدم على شارون وغيره من القادة الإرهابيين وأن يسجّل أكبر رصيد في تاريخ الإرهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وهو يسير بخطى سريعة وواثقة في طريق تحقيق هذا الهدف.
ممثلو أحزاب "الصهيونية الدينية " و "عظمة يهودية " والليكود قالوا: "هذا القرار بداية لإجهاض خطة شارون الانسحاب من قطاع غزة والضفة".
بتسلئيل سموتريتش ممثل حزب "الصهيونية الدينية " قال: "تعديل قانون الانسحاب المشين مهم. وضعناه في صدارة القوانين التي وضعناها نصب أعيننا وقررنا تسريع سنّها". رئيس لجنة الخارجية والأمن قي الكنيست ممثل الليكود يولي ادلشتاين: "إن القرار خطوة متجانسة الى حد ما مع إعلان نتانياهو الأخير إضفاء شرعية القانون الاسرائيلي على 9 بؤر غير قانونية وبناء 110 آلاف من الوحدات السكنية في الضفة ، على الرغم من أننا نتوقع أن تنهال علينا الردود العالمية السلبية والمعارضة". "إن إلغاء القانون السابق سيؤدي الى إعادة السيطرة على المنطقة الى الاسرائيليين . والحل يكمن في تعزيز المشروع الاستيطاني في الضفة بما في ذلك الدفع بالمزيد من المخططات الاستيطانية وإعادة إقامة بؤر استيطانية تمّ إخلاؤها في الماضي".
تتزامن هذه المواقف والسرعة في سنّ قوانين توسيع دائر الاستيطان مع الاستعداد لمناقشات في مجلس الأمن حول إعلان نتانياهو إضفاء الشرعية على 9 بؤر استيطانية في الضفة. إنه يتحدى الجميع. لا يكتفي بإلغاء القانون السابق (ايام شارون ) بل يريد تكريس شرعية وحق المستوطنين في البؤر الـ9 . الواضح وكالعادة إن الإدارة الأميركية التي أرسلت موفديها الى دولة الإغتصاب والإرهاب وأسدت نصائح بعدم الإقدام على هذه الخطوات، وحذّرت من مخاطرها، ولم يتجاوب معها نتانياهو، تتجه الى استخدام حق الفيتو ضد أي قرار يدين الحركة التوسعية الاستيطانية الاسرائيلية . فأين تصرف مواقفها الإعلامية؟؟ ما قيمتها العملية ما دامت ستمنع الإدانة الدولية عن اسرائيل؟؟ أليس في ذلك حماية لها واستسلاماً أمام إرادة نتانياهو أو للخطوط الحمر المرسومة أمام الجميع حتى لو استباح الإرهابيون كل الأرض الفلسطينية وهي: ممنوع المسّ بها. ممنوع انتقادها. ممنوعة إدانتها؟؟ من يلجم الإرهابيين في مثل هذه الحالة؟؟ من يوقف نتانياهو المستقوي على الإدارة الأميركية وعلى الفلسطينيين ببعض العرب عندما يقول: "قمنا بعملية التفاف على الفلسطينيين من خلال الاتفاقات مع 4 دولة عربية ؟؟".
وفي هذا التوقيت بالذات تعلن اسرائيل عن زيارة وزير خارجيتها الى أوكرانيا ونيتها بناء شبكات رادار ذات قدرة على صدّ الهجومات عليها. يعني هي تغازل أميركا هنا، تتخذ موقفاً ضد روسيا. تبيع ورقة مهمة في لحظة حساسة في الحرب الدائرة هناك ، مقابل تغطيتها في كل إرهابها واستباحاتها على الأرض الفلسطينية . هذه هي اللعبة الجهنمية المفتوحة : تقوم اسرائيل بكل تحركاتها ، وبناء شبكات علاقاتها، والاختراقات هنا وهناك ، والهدف الأساس هو فلسطين !! الأولوية هي فلسطين. استباحة أرضها. بناء المستوطنات عليها. إخضاع الفلسطينيين. قتل اي أمل بحل الدولتين أو بالاعتراف بحقهم على أرضهم . وأعود وأكرّر: لن ينجو العرب المطبّعين الإبراهيميين من هذه الحرب المفتوحة . ها هو هرتسي هليفي رئيس أركان جيش الإرهاب يقول: "اسرائيل تحوّلت من دولة محاطة بالدول المعادية الى دولة تطوّق أعداءها بقوتها وقدراتها المتطورة".
لقد سلّم العرب المعنيون كل شيئ دون مقابل . لماذا لا يردّون على الأقل على وقاحة نتانياهو عندما يقول أنه استخدمهم للالتفاف على الفلسطينيين؟؟ لماذا لا يقولون: قبلنا بالحد الأدنى في قمة بيروت وخرجنا بما سمي "المبادرة العربية" القائمة على: "إقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل بعد حل القضية الفلسطينية ويتمسكون بها". بعدها اغتالوا الرئيس الشهيد ياسر عرفات وهم يخططون الآن لضرب السلطة الفلسطينية ويكيلون الاتهامات المتتالية للرئيس الحالي محمود عباس!! فماذا ينتظرون؟؟ هل سياسة الاصطفاف وراء نتانياهو والالتفاف على الفلسطينيين وإجراءات ضم الضفة القائمة على الأرض، تحمي المسجد الأقصى والكنائس والمقدّسات وتثبّت الوضع القائم في القدس أم أنها ستطيح بكل شيء؟؟.
يبقى الرهان على الشعب الفلسطيني الذي لن يقبل بالتأكيد ما يجري ولن يسلّم بـ "القدر الاسرائيلي" و"القرار الاسرائيلي" و"الالتفاف الاسرائيلي العربي عليه " .
مجدداً، وعلى أساس هذه الروح الفلسطينية الحيّة، مطلوب حدّ أدنى من التفاهم الفلسطيني – الفلسطيني، بل الالتفاف الفلسطيني على كل محاولات قتل القضية الفلسطينية وتنفيذ سريع للمواقف التي أعلنها الرئيس أبو مازن في التوجّه نحو المحكمة الجنائية الدولية وكل المؤسسات الدولية الأخرى لوضع اسرائيل ومن يلتّف معها على الشعب الفلسطيني أمام مسؤولياتهم. الحرب الاسرائيلية معلنة، برنامجها واضح، هدفها محدّد ومكشوف وعامل الوقت مهم في المواجهة.