Advertise here

من الوردة حتى السهرة: عيد الحب... بلا عشّاقه

15 شباط 2023 07:33:39 - آخر تحديث: 15 شباط 2023 08:33:11

يوم جديد من الفوضى عاشه اللبنانيون وسط الأزمات المتلاحقة، تزامناً مع احياء الذكرى الثامنة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري والتي لها وقع خاص في مسقط رأسه صيدا، وبين عيد العشاق، حيث تلاشى الحب وتراجع تحت تأثير الضائقة المعيشية من الغلاء وارتفاع الاسعار، والتي أضيف إليها الإرباك مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الأميركي في "السوق السوداء".

وجنون الدولار، أحدث إرباكاً في صيدا، أجبر محطات الوقود على الاقفال ورفع خراطيمها فجأة، وبرّر أصحابها الأمر بخسارتهم الكبيرة، فيما لم تصدر وزارة الطاقة الجدول الصباحي للأسعار يوم الثلثاء، واكتفت بجدول صدر بعد الظهر، وتجاوزت معه صفيحة البنزين المليون والثلاثمئة الف ليرة لبنانية.
والإرباك، امتد إلى محلات الصيرفة على طول شارع رياض الصلح الرئيسي، التي استنكفت العمل بيعاً وشراء، بسبب التقلّبات الكبيرة نزولاً وصعوداً وفي أوقات متقاربة، تكاملت مع المصارف المقفلة منذ أيام عديدة بسبب الإضراب المفتوح إحتجاجا على الدعوى والأحكام القضائية، فيما ودائع الناس وجنى أعمارهم باتت في "خبر كان" مع تطيير جلسة في "الكابيتال كونترول".

والحال نفسه، وصل إلى الأسواق، كثير من المحلات التجارية وجدت صعوبة بالغة في تحديد الاسعار، وإلى السوبرماركت التي شهد بعضها ازدحاما غير مسبوق، بدا مشهد الناس في سباق محموم مع الزمن للشراء على السعر الأرخص ومحاولة توفير مئات آلاف الليرات اللبنانية.
"يوم جنوني لم نعش فصوله منذ وقت طويل"، يقول أبو علي المصري لـ "نداء الوطن"، وهو يغادر السوبرماركت: "لقد اعتقدنا أن التسعير على الدولار أفضل، اليوم تبيّن انه أكثر ظلماً، لأنّ الأسعار غير مقبولة، وفيها فرق كبير جدا بين الأمس واليوم، لم استطع شراء اي غرض على السعر القديم والسبب الجشع والإصرار على الربح الوفير؟".

ويبقى الأكثر مرارة والأشد مضاضة، هو تلاشي مظاهر عيد العشاق، الذي كان العاشق يحسب له ألف حساب ما بين مفاجأة وهدية ليدخل الفرح الى القلب.. وبات الآن من الماضي ومجرد ذكرى جميلة في حياة اللبنانيين الذين طووا صفحة عيش الرفاهية بلا رجعة، بدءاً من الوردة حتى السهرة.
في الأسواق، قلّة من المحال أحضرت هدايا المناسبة، والدببة التي كانت تحتل واجهات المحال بأحجامها المختلفة تلاشت، بينما لم يعد بمقدور الكثيرين شراء الساعات والعطور وسلاسل الذهب، فيما بلغ سعر الوردة الحمراء الواحدة المئة الف ليرة لبنانية وحدها بدون أي باقة أخرى.

وتقول "أم كريم" وهي صاحبة محل لبيع الهدايا "الازمة المعيشية فرضت نمطا جديدا في حياة الناس، قبل أن تضيف: "الدببة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وكأنها تنظر بشغف لعاشقيها وتنتظر مكانها الجيد، مثل هذه الايام كان محلي يعجّ بالزبائن، لا بل كان العاشق او العاشقة توصي قبل شهر على هديتها... فلا دببة بيعت ولا أي هدايا أخرى حتى الشموع الحمراء انطفأ نورها وخفّ وهجها".

يعزو أصحاب هذه المحال السبب إلى تبدّل الاولويات، حيث باتت المناسبات على أنواعها مجرّد ذكرى، ويؤكدون ان "كل شيء بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية. لقد حرمونا في هذه المناسبة من البيع والربح، بعدما اصبحنا نعتمد على الأعياد والمناسبات فقط بدون التسوّق اليومي الذي لا يجيب همّه".

ويقول أبو رامي سبليني صاحب محل لبيع الهدايا والتذكرات التراثية وهو ينفض الغبار عن مجسمات ألبسة الرقص: "لقد كان العاشق يشتري لعشيقته كل شيء... حتى فستان الرقص، لتهزّ له خصرها، اليوم لقد هزّ انخفاض قيمة الليرة اللبنانية الجيوب"... وبسخرية يضيف: "لقد سحب النّمل عيد العشاق لأنّ طعمه حلو".

سمير الحلو، الذي وصف نفسه بالعاشق السابق، يقول: "توقفت عن العشق والغراميات والسهر... ليس كرهاً إنما بسبب الأوضاع المالية... أنا أحب السهر والمناسبات الجميلة، مثل "فالنتاين"، لكن ما في مصاري إنها في المصرف محجوزة، لقد شطبنا الاحتفال من جدولنا"، قبل أن يتساءل ويجيب "هل نحتفل على نكدنا وعيشتنا التي أصبحت سوداء مظلمة".