Advertise here

الزعتر من "الذهب الأخضر" الى سلعة ينخرها السوس!

08 شباط 2023 08:08:19

ترجع أصول عشبة الزعتر او الصعتر الى المجتمعات القديمة الواقعة على البحر المتوسط وكان استخدمه المصريون في اعمال التحنيط، اما اليونانيون فاستعملوه كبخور للمعابد في حين ان الرومان اعتبروه رمزا للشجاعة، وفي لبنان استخدم لصناعة المنقوشة التي تقع في القلب قبل البطن نظرا لمذاقها اللذيذ والتي دخل بها الى غينيس بوك كأطول منقوشة بلغت 43 مترا و92 سنتمترا

بحسب اختصاصي التغذية وبطل كمال الاجسام طه مريود، "الزعتر كناية عن عشبة اوراقها شديدة الخضار رمادية، ورائحته ذكية ونكهته قوية. ويتابع، اما بالنسبة لاستخداماته فهي كثيرة ومتنوعة منها على الصعيد الطبي وأخرى جمالية بحيث يستخدم كمعقم ومعالج لحب الشباب، وفوائده الصحية عند تناوله متعددة، سواء كان طازجا او مجففا، كما ويستخدم مع اللبنة المضغوطة مع زيت الزيتون ليبقى من موسم الى آخر". 

وفي هذا السياق يقول طه لـ "الديار": الزعتر يحتوي على معادن مهمة مثل النحاس والحديد والمنغنيز وفيتامين "ب" ويضاف اليه حبوب ممتازة ولذيذة كبذور دوار الشمس، الفستق الحلبي، الجوز وجوز الهند وبعض المطيبات مثل السماق والاوريجانو المجفف، اليانسون، الكمون وكعنصر رئيسي يضاف اليه السمسم الغني بالعناصر الغذائية وكونه يتناول مع زيت الزيتون يعد وجبة جيدة والبعض يقدمه مع الخضر مثل الخيار والبندورة والخس الى جانب الزيتون. كما انه يشتمل على الفينولات وهي كناية عن مواد معقمة ومضادة للبكتيريا. ويضيف، يستخدم في علاج الالتهابات الرئوية ويساعد في التخلص من البلغم وعلاج طبيعي للسعال ويتضمن الثيمول وكميات محددة من العناصر الغذائية كالبوتاسيوم وفيتامين "أي" و "سي" و "المغنيسيوم".

اما عن غش الزعتر وخلطه بقشور وصولا الى السوس والحشرات ومدى تأثيره في صحة الانسان، يقول: " بتنا نسمع هذا الموال من عائلات كثيرة بحيث يلجأ أصحاب المحلات التجارية الى خلطه بمواد غير معروفة بهدف زيادة وزنه وكسر سعره، بعد ان أصبح سعر الكيلو ذي النوعية الجيدة لا يقل عن الـ 700 ألف ليرة. 

ويتابع، هو ملك النباتات العطرية ويسمى بـ "غذاء الدماغ “ويستخدم كعنصر رئيسي على الموائد خاصة كشطيرة للتلامذة في الصباح الباكر لتوقد الذكاء وتفتح الاذهان. وانواعه كثيرة منها الصوفي والزاحف والبري ذو الشعيرات الصغيرة والعطري. ويلفت الى ان إضافة أي مواد اليه مثل القشور الخارجية للسمسم والسماق والتي تتركز فيها بعض المركبات الكيميائية قد يشكل تهديدا على الصحة العامة والامن الغذائي، او قد ينتج عنه حالات مثل الاختناق والحساسية والسعال".

"ما طلع حساب الحقلة ع حساب البيدر" والجشع ضيع الغلّة

بعد ان أُتلف الأسبوع الماضي 9 أصناف من اللبنة كونها غير مطابقة للمواصفات الصحية، يبدو الكثير من المواد الغذائية سيلقى المصير نفسه والسبب يعود الى التخزين الذي قام به التجار عندما كان لا يزال الدعم قائما حتى مرحلة ما قبل تطبيق الدولار الجمركي فتم توضيب اطنان من البرغل والطحين والشوفان والأرز والفاصوليا والزعتر في مخازن ليست مؤهلة على النحو المطلوب ما أدى الى عطب الكثير من هذه الأصناف او انتهاء تاريخ صلاحيتها كما حدث منذ فترة زمنية ليست بعيدة بحليب الأطفال نتيجة احتكاره اما من الشركات الام او تجار الصيدليات والسوبرماركت والمحلات التجارية فأتلفت كميات كبيرة من النيرسي والاوبتيمال وخاصة تلك المخصصة لحالات الارتجاع والاسهال والحساسية.

هذه الأمور جميعها لم تدفع أحدا الى التحرك وما حدث من محاضر الضبط او "كبسات" المراقبين من وزارة الاقتصاد كان كـ "عرس قروي صغير"، والاهتمام مصوّب باتجاه دولرة هذا القطاع اما صحة الامن الغذائي حيث "الدود" ينخر أصناف كثيرة فهي متروكة لقدر المواطنين الى جانب الغش في الكثير من السلع.

القشور عوضا عن السمسم والسماق والصبغات بدلا من المطيبات

المعادلة التي تقول ان الزعتر اكلة بسيطة وشعبية وغير باهظة الثمن لم تعد كذلك، فسلامة الغذاء أضحت على المحك ولم تعد سالمة او امنة من "المحتالين" ودولرة هذا القطاع هي لحماية التجار حتى اخر مستهلك لان الغش شمل لقمة الفقراء، فما لا يعرفه أصحاب السادة المسؤولون ان الاف العائلات تستخدم الماء عوضا عن الزيت مع الزعتر، وأين الوزارات المعنية في هذا الملف من صون كرامة الانسان وعزة نفسه وكبريائه وحقه، وهل المقصود تدجينه لكيلا يرفع صوته ويتلهّى بتأمين لقمة عيش أولاده!

سعر الكيلو "دكّة"

لم يعد سعر كيلو الزعتر مقبولا بعد ان تخطى الـ 700 ألف وطبعا بحسب النوع، وإحدى السيدات أتت تطلب من محل ان يبيعها بـ 30 ألفا زعترا حرا، فأجابها البائع لا يمكنني ان ازن لك بهذا السعر، واقله بـ 100 ألف. لذا عمد أصحاب المحلات الى خلط الزعتر الأصلي بالقشور وفي هذا الإطار تقول المربية نايفة لـ "الديار": "الزعتر لم يعد بلديا بحيث يضاف اليه قشور السمسم والسمّاق والصبغات ليعطي وزنا وهذه الظاهرة شائعة في مناطق البقاع الأوسط والغربي". 

وتتابع، "بات اليوم طعمه أقرب الى التبن الذي يوضع كطعام للبعير لان سعره الأصلي أصبح مكلفا ولم يعد يشتريه الا قلة من العائلات الميسورة والمقتدرة. وتسأل، اين وزارة الاقتصاد من كل هذه التجاوزات التي تمس الامن الغذائي وتهدد اجيالنا وصحتهم النفسية والعقلية".

"ولماذا لا يصار الى اخذ عينات من العلامات التجارية المستجد بيعها في السوق والتي لا نعلم عنها شيئا ام ينتظرون ان تقع الواقعة ومن ثم يأتون ليسطّروا محاضر ضبط وتشميع السوبرماركت او لتلف هذه المواد على غرار ما حدث في الالبان التي اتلفت بعد ان تناولتها مئات عشرات العائلات".

بالإشارة الى ان "الديار" تلقت شكوى في هذا الإطار من سيدة قالت ماذا يجب ان نفعل بعد ان تناولنا كميات كبيرة من اللبنة غير المطابقة للمواصفات لان سعرها كان مقبولا.

تخلص المربية نايفة الى القول، "كان لبنان يقصد من الدول العربية والغربية لتناول المنقوشة واليوم اعتقد ان على وزراء كل من الصحة والزراعة والسياحة والاقتصاد التحرك لصون ما تبقى ولحماية العائلات المتعففة".

السيد ايلي يزرع الزعتر في المنطقة الواقعة ما بين الفاعور وزحلة يقول لـ "الديار"، "انا ازرع هذه النبتة منذ أكثر من 25 عاما، وامانة أقول ان الزعتر أصلا موجود في الأرض فلماذا يتعمد رفع سعره او غشه، ويمكن إضافة المنكهات الأساسية اليه كالسماق والملح والكمون والقليل من السمسم. ويتابع، منذ العام 2015 تم ضبط زعتر مليء بالحشرات والسوس والقمح المطحون ولم يحرك أحد ساكنا. ويسأل اين جمعية حماية المستهلك وهل اضحى الغذاء في المرتبة الثانية والسعر أولوية الأولويات.

عن هذا الموضوع تقول نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك السيدة ندى نعمي ومسؤولة قسم مراقبة سلامة الغذاء لـ "الديار": الشكاوى التي تصلنا نتيجة الاخبار عن سلع فاسدة، من دون مساندة الدولة لا يمكننا القيام بشيء ونحن كجمعية ندافع عن حقوق المستهلك وننقل بدورنا الشكاوى التي تصلنا الى المعنيين أي الوزارة".

وتتابع، نتلقى ادعاءات من أماكن وقطاعات مختلفة وللأسف لم نصل في جميعها الى نتيجة في ظل غياب المؤسسات التي تفتقد للمركزية في حل المشكلة. اما في ما يختص بقضية الزعتر المغشوش والذي يعد مادة أساسية للكثير من العائلات اللبنانية وهو كناية عن مادة عطرية يضاف اليها السمسم والزيت تعطي طاقة لمن يتناولها وخاصة للشرائح الفقيرة وجميعنا بتنا فقراء. تشدد نعمي في هذا الاطار، على ضرورة إعطاء معلومات عن المنطقة التي يتم فيها بيع زعتر مغشوش. وتردف، نحن على ثقة ان احتمالية الغش في هذه السلعة مرتفع جدا خصوصا إذا بِيْعت على أساس انها ليست لبنانية الصنع مثل الزعتر الحلبي والأردني والفلسطيني.

وتستكمل بالقول، اما كونه يخلط بالقضامة والحمص فأقول انه لا يؤذي ولكن تتغير الطعمة والصفة. 

وتطرقت نعمي الى نقطة أشرنا اليها وهي “القشور تحتوي على مركبات كيميائية" لتوضح ان القشرة غنية بالفيتامينات والمعادن الا إذا فيها متبقيات المبيدات" وبالطبع هذا ما قصدناه.

ليس الغش وحده قائما بل التزوير في التواريخ، وخلط المواد الغذائية بمواد قد تكون ضارة نتيجة تسوس في السلع على عينك يا تاجر يبقى هذا القطاع في حالة فلتان وعلى الأرض لا يوجد حكم.

والزعتر الذي كان اكلة صحية لاحتوائه على السمسم وخلطه بزيت الزيتون تحول الى مسحوق من القشور والسوس وبدل التلهي بالأسعار ودولرتها التي ما انفكت يوما بعد يوم عن الارتفاع الهستيري فالدولار إذا كان بـ 60 ألفا أسعار السلع تباع على سعر صرف الـ 70 والـ 80 ألفا، وتبقى الأولوية يا سعادة المسؤولين لسلامة وأمن غذائنا.