Advertise here

المحافظون ومطبّ الانتخابات البريطانية المقبلة

08 شباط 2023 07:56:18

يوم الأربعاء الماضي، احتفلت لجنة 1922 في حزب المحافظين بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسها. اللجنة المذكورة تقتصر عضويتها على نواب المقاعد الخلفية. ويرأسها حالياً النائب السير غراهام بريدي، وكان هو، خلال السنوات الثلاث الماضية، من أبلغ ثلاثة من رؤساء الحكومات بضرورة مغادرتهم 10 داوننغ ستريت. وربما يجد نفسه مضطراً، خلال الأشهر القليلة القادمة، إلى تكرار ذلك الفعل مع رئيس الحكومة الحالي السيد ريشي سوناك، ما لم ينجح الأخير، في فك الحصار المضروب من حوله، من قبل نواب الجناح اليميني، ويقنع الناخبين من أنصار حزبه بقدرته على الفوز في الانتخابات القادمة.
ورغم أن المصادر التاريخية تؤكد أن اللجنة انبثقت فعلياً في عام 1923، فإنها احتفظت باسم لجنة 1922، لأن أعضاءها من النواب، دخلوا البرلمان عام 1922. اللجنة لا يوجد مثيل لها في حزب العمال أو الأحرار. وفي فترة ماضية، تعالت أصوات من داخل حزب العمال تطالب بتأسيس لجنة مماثلة، إلا أن تلك الدعوات لم تجد آذاناً مصغية.
اللوائح الداخلية للجنة، لم تكن تسمح لأعضاء المقاعد الأمامية من الحزب في البرلمان (أعضاء الحكومة من الوزراء)، بحضور جلساتها، إلا أنها مؤخراً، أعادت مراجعة اللائحة الداخلية، ومنحت الوزراء دعوة مفتوحة لحضور جلساتها الأسبوعية.
واستناداً إلى تقارير إعلامية، تجاوز عدد الحضور في الاحتفال 500 شخص، إلا أن التقارير وثقت غياب شخصين، هما السيد بوريس جونسون رئيس الوزراء الأسبق، وخليفته السيدة ليز تراس.
الغياب الملحوظ لرئيسي حكومتين كان ملحوظاً، ومن الممكن أنهما تعمدا عدم الحضور لأسباب قد لا تبدو غامضة للموجودين في الحفل من النواب واللوردات. لكن رئيس الحكومة السيد ريشي سوناك كان من ضمن الحضور، غيابهما عن حضور الحفل، لا يعني غيابهما عن الساحة السياسية، وكونهما في حالة تربص وتحفّز دائمين للوثوب على أول فرصة، تتاح لأي منهما لإزاحة رئيس الحكومة سوناك، والحلول مكانه.
السيد جونسون ظهر في مقابلة تلفزيونية مؤخراً، منحته فرصة النيل من السيد سوناك، وعلى غير عادته، بأسلوب حرص أن يكون دبلوماسياً، ومغلفاً نقده بكثير من النصائح، أهمها التأكيد على وضع سياسات تنموية، وضرورة مواصلة الوقوف مع أوكرانيا، ومنحها طائرات مقاتلة. في حين أن السيدة تراس فضلت أن تترك لأنصارها مهمة التأكيد على صحة سياساتها ذات الصلة بتخفيض الضرائب، وتحفيز النمو، والأهم اقتراب موعد عودتها. وبعد أيام قليلة على انقضاء الحفل، فوجئ كثيرون، خصوصاً في دوائر الحكومة، بمقالة طويلة (4000 كلمة) منشورة في واحدة من أكثر الصحف موالاة للمحافظين، صحيفة الديلي تلغراف، وموقعة باسمها، تنتقد فيها سياسات السيد سوناك الضرائبية على الشركات، وتؤكد أنها لم تُمنح فرصة حقيقية لتنفيذ برنامجها السياسي الراديكالي. العودة السريعة للسيدة تراس غير متوقعة؛ لذا قوبلت باستهجان من قبل النواب المحافظين، وخصوصاً من أنصار رئيس الحكومة. من جهة أخرى، يمكن القول إن حرب زعامة جديدة قد بدأت. وقبل ذلك، تزايدت نسبة احتمالات تعرض الحزب لخسارة كبيرة في انتخابات المجالس البلدية المقررة في شهر مايو (أيار) القادم. ومن دون شك، ستعمل عودتها على إثارة رغبة التحرّك في القطيع الساكن قسراً، في انتظار اللحظة المواتية للتحرك.
التقارير الإعلامية هذه الأيام، خصوصاً في الصحف المؤيدة لحزب المحافظين، تكاد لا تخلو يومياً من تقارير وآراء تتمحور حول ما يسود في دوائر الحزب من قلق مبعثه الخوف من فشل الحزب في البقاء في السلطة، خلال الانتخابات النيابية، وخصوصاً بعد فضيحة مدير الحزب نديم زهاوي وطرده من منصبه، بعد أن تم كشف تلاعبه في دفع الضرائب.
أكثرية نواب المقاعد الخلفية يضغطون على رئيس الحكومة وزير الخزانة جيرمي هانت بالعمل سريعاً على تخفيض الضرائب في الميزانية التي ستعلن في الشهر القادم، وكذلك صياغة برنامج سياسي انتخابي يشجعهم على طرق أبواب البيوت خلال الحملة الانتخابية، ومحاولة بيعه للناخبين. إلا أن تلك الضغوط تقابل أغلب الوقت بالتجاهل. رئيس الحكومة سوناك مشغول بالعمل على تنفيذ برنامج النقاط الخمس، الذي وعد به الناخبين. وفي الوقت نفسه، يتهمه زملاؤه في الحكومة بتعطيل آلية العمل، بسبب حرصه على التدقيق في كل القرارات التي يقدمها وزراء آخرون، والموافقة عليها. وهذا يعني تراكم الملفات على مكتبه، وحرمان أعضاء الحكومة من القيام بمهامهم المنوطة بهم. ووزير الخزانة، خلال اجتماع مع نواب حزبه، أكد أن العجز المالي في الميزانية، يحول بينه وبين تحقيق ذلك الهدف الضرائبي المنشود.
المراهنون على وصول قارب سوناك بسلام إلى المرفأ الانتخابي، بحاجة إلى مراجعة حساباتهم وفي أقرب وقت، بعد الهجوم المباغت الذي قامت به السيدة تراس مؤخراً. ومن الأفضل ألا يتجاهلوا ما يدبّر وراء الكواليس، من قبل السيد جونسون وأنصاره. ومن المحتمل أن رئيس لجنة 1922، السير غراهام بريدي، يراقب المشهد من كثب، استعداداً لكل المفاجآت.