بات الجميع يعرف الآن أن الأمومة والأبوة إحدى المهام الشاقة والضاغطة نفسيًّا إلى حد كبير، ورُبما أصبح الأمر أكثر صعوبة مما كان عليه قبل 25 عامًا مثلًا، وأن سبب هذه التغييرات التي حدثت ربما يعود إلى تغيُّر أنماط حياة الوالدين. لكن في الواقع، فالسبب الأكثر تأثيرًا هو الصحة النفسية الحالية للأطفال، الأطفال اليوم أكثر قلقًا وإحباطًا من أي وقت مضى، وقد يكون هذا صعبًا حتى على أفضل الآباء.
لكن نشاطًا بسيطًا مثل الطهي قادر على دعم صحة أطفالكِ النفسية والعقلية، وجعلهم أقل قلقًا وأكثر تركيزًا، فقط تابعي السطور التالية لتتعرفي أكثر إلى الفوائد المُتعددة لتعلُّم أطفالكِ للطهي.
1. يساعد طفلك على التركيز واليقظة الذهنية
يتطلب الطهي اهتمامكِ الكامل، فلا يسمح لكِ بتشتيت انتباهكِ في أشياء أخرى، فيصعب على معظم الناس أداء مهام متعددة عندما يكونون في المطبخ. لذلك فإن الطهي يُعلم الأطفال الإبطاء والعيش في اللحظة الحالية، وهي مهارة مهمة ومطلوبة بشدة، خاصةً عندما تغرق حياتنا في الفوضى الشديدة.
كذلك، يمكن للأطفال الاستمتاع بالروائح والمذاقات والقوام الذي يختبرونه في المطبخ، وهو ما يمكن أن يُريحهم ويُهدئ عقولهم. وفقًا لمقال نُشر في مجلة «ويل بيينج» فإن الحركات المُتكررة مثل التقطيع والخلط والتحريك يمكن أن تُحدِّث تأثيرًا أشبه بتأثير التأمل، لأنها تسمح بدفع المخاوف جانبًا والتركيز ببساطة على ما نفعله في الوقت الحالي.
2. يوفر الراحة النفسية ويدعم الإبداع
يجعل الطهي الأطفال يستخدمون كل حواسهم تمامًا بطريقة لا تفعلها سوى القليل من الأنشطة الأخرى. لهذا السبب، يشعر الأطفال غالبًا بالهدوء والتحكم في الموقف، ويمكن أن يوفر ذلك الراحة النفسية للأطفال الذين يعانون من القلق أو غيره من الاضطرابات المرتبطة بالتوتر.
كذلك، يوفر المطبخ بيئة لتجربة أشياء جديدة وتعلمها، وتعزيز الإبداع. إذ يمكنك دائمًا إضافة تعديلات على الوصفات لجعلها أفضل، أو تجربة مكونات جديدة لمعرفة ما سيتغير في المذاق أو الرائحة.
الإبداع والابتكار الذي يتعلمه الأطفال في المطبخ يمكن تطبيقهما لاحقًا في جوانب أخرى من الحياة، فيتعلم الأطفال تقنيات يمكنهم تطبيقها في حياتهم البالغة، والتي ستساعدهم على تقليل التوتر والشعور بمزيد من النجاح.
3. يُطوِّر المهارات اللغوية والحسابية أيضًا
يُمكنك أثناء الطهي، أن تسمي المكونات؛ مما يُزيد من مفردات الطفل، ومع اتباعهم للإرشادات التي تُمليها عليهم أثناء الطهي؛ تُعزز مهاراتهم الاستيعابية للغة.
أثناء الطهي، اشرح أيضًا كل خطوة واطلب من طفلك أن يصف ما يفعله من أجل تنمية لغوية أكبر، ولمزيد من التعلم المتقدم، اجعلهم يتوقعون الخطوة التالية أو المكون التالي.
كذلك، ينطوي الطهي على قدر كبير من القياس. سيتعلم الأطفال قياسات مختلفة مثل الأكواب والملاعق، وسيفهمون أيضًا الكسور ويستخدمون مهارات الجمع والطرح، وهو ما يدعم مهاراتهم الحسابية، فيُمكنك تحسين مهارات الرياضيات الأساسية لدى طفلكِ من خلال الطهي معه.
4. «قَلِّب.. حرِّك.. اخلط».. الطهي يُعزز المهارات الحركية
يُعدُّ خلط المكونات ولف العجين والتقطيع ومُتابعة الفرن، كلها طرقًا رائعة لتعزيز القوة والتحكم الحركي للطفل. وهي مهارات لازمة لتطوير المهارات الأكاديمية مثل الكتابة والقص والتلوين. ساعد في تحسين هذه المهارات أكثر من خلال السماح لهم بصب المكونات ببطء في وعاء، أو خلط المكونات معًا بسرعة. بالنسبة للأطفال الأكبر سنًّا، دعهم يساعدون في قلب الفطائر.
5. يُحسِّن مهارات القراءة لديهم
عند الطهي مع أطفالك، اطلب منهم قراءة الوصفات. للأطفال الأصغر سنًّا، ابدأ بالأرقام مثل كوبين من الدقيق وأربع ملاعق من الزبدة، وعدِّ أمامهم حتى تصل للأرقام المطلوبة. اطلب من الأطفال الأكبر سنًّا قراءة كل خطوة ثم اتباع الإرشادات، يساعد هذا أيضًا في تحسين فهمهم لما يقرؤونه.
6. يجعل طفلك أكثر استقلالية وثقة بنفسه أيضًا
الطهي مهارة أساسية لتكون شخصًا بالغًا مستقلًّا. يمكن للأطفال أن يتعلموا في وقت مبكر كيفية صنع شطيرة خاصة بهم، أو تسخين شيء في الميكروويف. يمكن للأطفال الأكبر سنًّا تعلم طهي وجبات الطعام لأنفسهم ولأسرهم، ما يسمح لهم بأن يكونوا أكثر استقلالية ومسؤولية.
يُعلم الطهي أيضًا للأطفال دروسًا مختلفة حول السلامة مثل عدم لمس الموقد الساخن، أو كيفية استخدام السكين بشكل صحيح.
7. يساعد على تعلُّم تراثكم الثقافي
يُعدُّ تحضير وجبة طعام للأسرة فرصة لتعريف طفلكِ بتراثك الثقافي من خلال تمرير الوصفات، فجزء من التراث الثقافي للمجتمع مُرتبط بأكلات مُعينة. يُمكنك أن تُعلِّم طفلك هذه الأكلات، وتشرح مدى خصوصيتها الثقافية في مجتمعكم أو بلدكم. كذلك يُمكنك مساعدة طفلك في التعرُّف إلى وصفات الطعام الموسمية، والتي تُعزز لدى طفلك الاحتفال بالأعياد مثلًا.
8. يُعزز روح المُغامرة لدى طفلِك
واحدة من أعظم فوائد الطهي مع الأطفال هي أنه يمكن أن يساعدهم على تطوير حاسة تذوق متنوعة ومغامرة. عادةً ما يكون أولئك الذين شاركوا في عملية الطهي أكثر حرصًا على تجربة أطعمة جديدة. كلما بدأت تجربة الطهي مع طفلك في سن مُبكرة، كان ذلك أفضل، فمن المرجح أن يُجرِّب الأطفال مكونات وأطعمة مختلفة إذا جربوها في سن مبكرة.
Embed from Getty Images
كذلك، فإن الطهي يُدعم صحة صغيركِ، فقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتناولون وجبات مطبوخة في المنزل، على أساس منتظم، يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة وصحة، ويستهلكون كميات أقل من السكر والأطعمة المصنعة.
9. يساعدك في التوعية الغذائية الصحيَّة
المعرفة الغذائية النظرية وحدها غير كافية لتثقيف الأطفال بأهمية الأكل الصحي، فالأطفال الذين يدرسون التغذية مع تحضير الطعام في فصل العلوم أكثر فعالية من الفصول التي لا تدرس بهذه الطريقة.
يُعدُّ التعلم التجريبي الملموس، أو الأنشطة العملية التي تتضمن التعامل مع الطعام والمعدات أثناء إعداد الطعام أمرًا بالغ الأهمية في تزويد الأطفال بتجربة تعليمية شاملة. يتعلم الأطفال من خلال اللمس، والتذوق، والرؤية، والشعور، والاستماع. ففي أثناء الطهي، تعمل جميع الحواس، وهو ما يجعل التجارب والمعلومات التي يتلقاها الطفل لا تُنسى.