تغرق مدينة صيدا بأكوام من النفايات حيث يجري جمعها ورفعها وفرزها بالحدّ الأدنى بسبب عدم دفع المستحقّات المالية للشركة المتعهّدة NTCC من جهة، ومعمل معالجة النفايات الحديث بإدارة شركة IBC المشغّلة من جهة أخرى، فتحوّلت شوارع المدينة مكبّات متفرّقة، تفوح منها روائح كريهة تقتحم منازل أبنائها وأنوف المارة، مشاة كانوا أو في السيارات، وباتت تشكّل ضرراً بالغاً على المستويين الصحّي والبيئي، إلى جانب تعكير حياة المواطنين وأشغالهم اليومية.
على وقع تفاقم المشكلة من دون أن تلوح في الأفق حلول جذرية وسريعة، كشفت مصادر مطّلعة في معمل المعالجة أنّ إدارة شركة IBC المشغّلة، اشترت أخيراً نحو 40 عربة «توك توك» بهدف نشرها في شوارع المدينة وتشغيلها لصالح المعمل، حيث يبلغ سعر الـ»توك توك» نحو أربعة آلاف دولار وشغّلت سائقين أو عاملين على هذه العربات مقابل رواتب شهرية.
والمفارقة، وفق المصادر نفسها، أنّ مهمّة هذه العربات البحث عن المواد القابلة لإعادة التدوير وجمعها من المستوعبات والمكبّات المنتشرة في صيدا وضواحيها بسبب أزمة النفايات المستمرّة والمتفاقمة، ما يمكّن الشركة من الاستفادة من ثمن ما يتمّ جمعه من مواد يمكن إعادة تدويرها، حيث تشكو إدارة معمل النفايات وما زالت من أنّ النفايات التي كانت تنقل إلى المعمل من متعهّد جمع ونقل النفايات، كانت تأتي خالية من المواد القابلة لإعادة التدوير، لأنّ المتعهّد كان يسحبها منها قبل وصولها إلى المعمل، ما كان يحرم الأخير من وسيلة ربح إضافية هو اليوم أحوج ما يكون إليها في أزمته.
والمفارقة الأخرى المزدوجة، أنّ كثيرين من العاطلين عن العمل وجدوا في جمع الخردوات والمواد القابلة لإعادة التدوير سبباً للرزق، فعملوا على جمعها وبيعها سواء على درّاجات هوائية أم كهربائية أم نارية أم عربات جوّالة، بهدف توفير قوت يومهم، حيث تلاقت خطوة المعمل بالتنافس عليها مع الشركة المتعهّدة من جهة لتضييق الخناق على هؤلاء الذين يوصفون بأنّهم «صغار الكسبة» في مهنة فرضت عليهم عنوة مع تفاقم الأزمة وارتفاع نسبة البطالة والغلاء في لبنان.
مبادرة واستجابة
وفي قرى صيدا، لقيت مُبادرة رجل الأعمال مرعي أبو مرعي التي أطلقها لمُعالجة مُشكلة تراكم النفايات في الطرقات، بدفع بدل ثمن منقوشة أو 100 ألف ليرة لبنانية، تجاوباً لدى العديد من البلديات فعمّمت على أبنائها والقاطنين كتاباً تطلب فيه دفع المبلغ كهبة مقابل إيصال من البلدية، ومن بعض الجمعيّات التي تكفّلت بتأمين الأعباء المالية، أو المُساهمة عبر الفرق التطوعية.
وانضمّت بلدية حارة صيدا إلى مجدليون في دعوة «المواطنين إلى المُساهمة مع البلدية بدفع مبلغ 100 ألف ليرة شهرياً لرفع النفايات من البلدة، حيث عمّمت بياناً توضح فيه أنّه نظراً للظروف الراهنة والأزمة التي تمرّ بها ومنها تفاقم أزمة النفايات، وبعد توقّف الدولة عن دفع مستحقّاتها المالية الى الشركة المتعهّدة جمعها... تجد البلدية نفسها مضطرّة لتحصيل مبلغ 100 ألف ليرة لبنانية شهرياً وذلك كمساهمة من كل وحدة سكنية كانت أم تجارية ضمن نطاق بلدية حارة صيدا لتتمكّن من إزالة النفايات بشكل دوري.
كما واصل «حزب الله» مبادرته بجمع ورفع النفايات من مناطق الفيلات وطريق المية ومية وساحة الندّاف والنبعة والهمشري وقرب مدرسة الاميركان عبر دفع تكاليفها بعدما تراكمت بشكل مقزّز وباتت تهدّد القاطنين بصحّتهم.
كذلك، تابع تجمّع مؤسسات الأهلية في منطقة صيدا ومنطقتها حملة كنس وتنظيف الشوارع ورفع النفايات وذلك بمبادرة من «جمعية التنمية للإنسان والبيئة» برئاسة فضل الله حسونة وبالتعاون مع المجلس البلدي وموافقة فاعليات المدينة.