القضاة "فجّروا" العدليّة وقسّموها... لبنان ليس بخيْر

26 كانون الثاني 2023 11:12:23


شكّل ما جرى أمس على الساحة القضائيّة وما سبقه أول من أمس سابقة في التاريخ القضائي ليس على مستوى لبنان فحسب بل على مستوى العالم، فالكباش القضائي تخطّى الخوط الحمر جميعها ، فأشعل المُحقّق العدلي في قضية المرفأ القاضي طارق البيطار الفتيل يوم الثلاثاء، ليفجِّر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أمس الإربعاء القنبلة ويُطيحا معا بكافّة الأصول القانونية، ويُحدثا شرخًا في القضاء لن يكون ترميمه سهلاً، وما دام القضاء ليس بخير فالوطن لن يعود بخير.

لكن ما هو الرأي القانوني والدستوري فيما يجري ومن يتحمَّل مسؤولية ما حصل؟

يختصر رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، خلال حديثٍ مع جريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، ما يحصل اليوم بكلمتيْن "عصفورية وفلتانة".

صادر يرى أنّ "البلد يُدمّر، وإذا نظرنا إلى ما يحصل بالعمق لوجدنا بأنّ هناك سلطة قضائيّة تنتحر"، ويصف "ما يحصل بأنه "تفجير للعدليّة"، ويُنبّه إلى أنّه "إذا تفجّر القضاء سيدفع ثمنه الـ 5 ملايين لبناني".

ويسأل، "إلى أين وصلنا؟ قاضيان من أهمّ قضاة الجمهوريّة يدّعون على بعضهم، قاضٍ يُخلي سبيل موقوفين وآخر يعود ويضع يده على ملف تفجير المرفأ من بعد سنة ونصف، فهل يمكننا بعد أنْ نتكلم بالقانون؟ علينا أنْ ننعي القانون!".

يُبدي صادر "تخوّفه الكبير من ما حصل"، ويقول "ما حصل يُرعب كثيًرا، فهو لم يحصل بتاريخ البشريّة بأيّ بلد، فالقضاة فجّروا السلطة القضائيّة من الداخل".

وإذْ يتأمّل صادر أنْ "يعي مجلس القضاء الأعلى اليوم، ويقوم بـ "ترقيع" ما حصل"، إلّا أنّه يؤكّد أنّ "هذا الشرخ لن يُنتسى فهو لم يحصل بتاريخ البشريّة".

ويقول، "اليوم لا يجب البحث عن من يملك الحق، فعندما تصل الأمور بأن "يفجّر" القضاة العدليّة و"يُقسّموها" من الداخل عندها لن يكون أحد منهم على حق، فالإصابات عاموديّة ولن تنتهي، وعلى مايبدو أنّ القضية لن تنتهي ، لأنها أصبحت "يا أنا يا هوي".

ويختم حديثه متحسرًا على "ما يحدث"، ويقول: الشرخ كبُر كثيرًا، الجميع يسأل ماذا يحصل، لكن لا أحد يعي خطورة ما وصلنا إليه".

بدوره يصف المحامي أنطونيو فرحات في حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، ما يحصل بـ"الهستيريا"، ويُشير إلى أنّنا "أصبحنا بدولة اللاشريعة واللاقانون، وما يحصل اليوم غير مقبول على كافّة الصعد والمستويات".

فمن الناحية القانونيّة، يلفت فرحات إلى أنّ "النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تجاوز "الخطوط الحمر"، فلا يحقّ له قانونًا أنْ يصدر قرارات بإخلاءات سبيل، فهو فقط ينظر وقاضي التحقيق إذا أراد إخلاء سبيل أحد يُرسل للنيابة العامة للنظر بالموضوع، والتي هي بدورها تعود وتراسله، فقاضي التحقيق وفق القانون هو الجهة الوحيدة المخوّلة والتي يحق لها إخلاءات السبيل".

ويُتابع "قرارات المحقق العدلي غير قابلة لأي طريق من طُرق المراجعة و"نقطة على السطر"، فهذا ما يقوله القانون.

وبالتالي، فإنّ المحامي فرحات يعتبر أنّ" القاضي عويدات قام بإخلاء سبيل جميع الموقوفين في قضيّة المرفأ، وكأنه حق حصري له"، وهنا يلفت إلى أنّ "القاضي عويدات أراد من خلال قراره اليوم حماية نفسه، بعد أنْ إدعى عليه القاضي البيطار هو وعدد من القضاة وقادة أمنيين".

ووفق ما يرى فرحات، فإنّ "تصرّف عويدات يدل على أنّه أراد أن يقول للجميع "ما بدنا لا تحقيق ولا عدالة"، ويُشير إلى أنهّ "ومجرّد تنفيذ إخلاءات السبيل في اليوم ذاته فهذا أكبر دليل على تسييس الملف".

وأمّا عن إدعاء عويدات على البيطار، فيصفه فرحات بـ"مهزلةٍ إضافية"، ويؤكّد على أنّ "المطالعة التي قام بها القاضي البيطار هي قانونيّة سيّما أنها مستندة إلى إجتهاد ونصوص قانونية".

ولا يخفي المحامي فرحات تخوّفه من "العواقب التي قد تنتج عن ما حصل"، فهو لا يستبعد أنْ "يترتب على ذلك فوضى في الشارع قد تُستتبع بتدخل خارجي لكون لبنان أصبح دولة فاشلة بسبب مسؤوليه، حيث الحصن الأخير الذي كنا نتأمّل به لمحاربة الفاسدين سقط اليوم".