Advertise here

الاعتصام النيابي مرتجَل وفاجأ تكتل التغيير.. و"التقدمي" وحيداً على خط المبادرة

22 كانون الثاني 2023 06:05:08

يعيش لبنان واحدة من أسوأ مراحله السياسية والاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، ما بات ينذر بكارثة حقيقة في ظل الارتفاع المفرط للدولار الأميركي مقابل الانهيار السريع لليرة اللبنانية التي فقدت 98 % من قيمتها الشرائية، وطبعاً انعكاس ذلك على أسعار المحروقات والمواد الغذائية والاستهلاكية، حيث لامس سعر صفيحة البنزين المليون ليرة.

في هذه الأثناء، يبقى الاستحقاق الرئاسي معلّق حتى إشعار آخر، رغم المبادرات التي تشهدها كواليس المشهد السياسي لكسر المراوحة وإيجاد خرق ما على خط إنجاز الانتخابات في أقرب وقت والوصول على حل توافقي. وهنا يلعب الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط دوراً أساسياً، وما لقاء كليمنصو الأخير مع وفد من حزب الله وما سيليه من لقاءات مع باقي القوى السياسية، عطفاً على الموقف الأخير في جلسة انتخاب الرئيس، سوى محاولة للدفع قدماً نحو هذا الحل المرتقب.

وفي هذا السياق، وبإشارة واضحة الى الجهد الذي يبذله "التقدمي"، شدّد رئيس كتلة "اللّقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط على "أهمية أن يبادر كل الأفرقاء بإتجاه تحريك الملف الرئاسي لإتمام هذا الاستحقاق، وبالتالي إطلاق مسار المعالجة تدريجياً"، مؤكداً أن "كل جهد الحزب التقدمي الاشتراكي السياسي وحركة المشاورات التي يجريها، تهدف لكسر حلقة الجمود المتصلة بالملف الرئاسي وتأمين التوافق على شخصية تتولى مسؤولية الحكم بالتكامل مع الحكومة المقبلة والمجلس النيابي، لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية والخروج من النفق المظلم، الذي يحكم البلاد ويزيد من تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية التي تستنزف المواطنين وإرهاقهم".

تزامناً، يواصل النواب المعتصمون في ساحة النجمة تحرّكهم، في ظل زيارات تضامن تشهدها ساحة النجمة من قبل عدد من زملائهم، وإن كانت لا تزال خجولة كما حراك الشارع الذي لم يواكب حتى اللحظة هذه الخطوة. في حين لا يزال أفق هذا التحرك غير واضح.

النائب مارك ضو اعتبر أن زملاءه النواب المعتصمين يدرسون خطواتهم لاتخاذ القرار اذا كانوا سيكملون في اعتصامهم الاسبوع المقبل أم لا، وهذا الأمر يبقى رهن التشاور والاتصالات التي تتم في الساعات المقبلة، لا سيما وأن رئيس المجلس قد ألغى الدعوة لانتخاب الرئيس يوم الجميس المقبل واستعاض عنها بدعوة اللجان المشركة للاجتماع في اليوم عينه، وهو لن يتردد بتأجيل جلسة الانتخاب أسبوعاً آخر، خاصة وأن الاعتصام لم يواكَب بضغط شعبي كما كان متوقعاً.

ضو وفي حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية، كشف أن قرار الاعتصام اتخذه النائب ملحم خلف بمفرده دون التنسيق معهم كنواب تغيير، لكنهم متفقون فيما بينهم على تبني أي خطوة يتخذها أي نائب من تكتلهم انطلاقا من حرصهم على تضامنهم وعدم السماح لأية جهة باختراقهم وزرع الخلافات بينهم، مبرراً عدم تعاطف الاحزاب المعارضة معهم الى عدم التنسيق وهم بدورهم تفاجأوا بقرار خلف. ورغم ذلك فإن أحزاب المعارضة تضامنوا معهم خصوصاً الكتائب والقوات، آملا أن ينضم إليهم نواب اللقاء الديمقراطي أيضاً بدل التلويح بتعليق الحضور الى المجلس.

واعتبر ضو أن الاستحقاق الرئاسي بحكم المؤجل في هذه الفترة، متوقعاً أن يسهم الاعتصام بتحريك المياه الراكدة للخروج من المأزق القائم، كاشفاً عن نقاش جدّي مع المعارضة للوصول الى نتيجة مرضية. 

بدوره، أشار النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية الى أن الاعتصام هو نوع من التعبير عن السخط من بعض النواب لجهة الاستمرار بالتعطيل المستمر منذ أشهر بغية الخروج من هذا المأزق وانتخاب رئيس للجمهورية من أجل انتظام عمل الدولة وتشكيل حكومة فاعلة لأن حكومة تصريف الأعمال مكبلة ولديها الكثير من المشاكل، وهو ورسالة للقوى السياسية كافة بأننا لا نستطيع الاستمرار بالأزمة لأن ما يمرّ به لبنان اليوم مختلف كثيراً عن فترة الفراغ التي سبقت انتخاب الرئيس ميشال عون. فيومها كان الوضع الاقتصادي أفضل بكثير مما هو عليه اليوم وكان هناك حكومة فاعلة برئاسة الرئيس تمام سلام والبلد بألف خير والاقتصاد غير منهار.

ورأى الحشيمي أن "الاعتصام هو تعبير ديمقراطي وهو عمل مشروع بحسب المادة 94 من الدستور"، داعياً الى انتخاب رئيس للجمهورية لرفع معاناة الشعب ومن المؤسف أن ينتظر البعض تدخل الخارج الذي لديه ما يكفيه من المشاكل التي تجعله غير مكترث لمشاكلنا، لافتاً الى خلافات كثيرة لدى القوى السياسية تتعلق بمواصفات الرئيس في المعارضة ولدى الفريق الآخر، داعياً القوى السياسية للاتفاق على اسم الرئيس من بين الأسماء المطروحة لانتخابه.

ومهما كانت الأوضاع فإن النقاش الرئاسي بدأ يأخذ اتجاهاً جديداً بغض النظر عن مدى إحداث المستجدات الأخيرة خرقاً حقيقياً، إلا أن الأكيد أنها بدأت تخلق دينامية جديدة ربما تشكل أرضية صالحة للإنجاز.