Advertise here

الأوضاع المعيشية تسوء وتخوّف من انفجار شعبي

21 كانون الثاني 2023 07:54:19 - آخر تحديث: 21 كانون الثاني 2023 08:36:12

تبدو الأوضاع في مناطق الشمال لا سيّما في طرابلس وعكّار أشبه بالنار تحت الرماد. فهذه المناطق الفقيرة هي الأكثر تأثراً بالأزمة الإقتصادية الخانقة والإنهيار الحاصل، وكأنّها تغلي على صفيحٍ ساخن. فهي مناطق الحرمان المزمن في الأصل، فضلاً عن البطالة والفقر اللذين يجتاحانها منذ سنوات.

فطرابلس وعكّار تغليان على وقع الإرتفاع المتواصل للدولار وقد تخطّى 50 ألف ليرة للمرة الأولى في تاريخه. يشبّه مطّلعون ما يحصل فيهما منذ أيام بثورة مبطّنة، إذ يتمّ قطع العديد من الطرقات احتجاجاً على ارتفاع أسعار جميع السلع وكذلك المحروقات، تزامناً مع الإرتفاع الذي يشهده سعر صرف الدولار في السوق السوداء. إلا أن الثورة الحقيقية يمكن تلمّسها في داخل الناس وما يختلج في صدورهم من عذابات وقهر، وفي ما يمكن أن تشعر به من حزنٍ يملأ أفئدة المواطنين، إذ بات من النادر جداً أن تجد مواطناً في الشارع أو على الطريق أو في أي مكان كان ولا تبدو على محيّاه آثار التعب من الواقع الصعب.

فعلى مدى عدّة أيام يخرج مواطنون إلى ساحة العبدة مدخل محافظة عكار، ويقطعون الطريق بعض الوقت رفضاً لما آلت إليه الأوضاع المعيشية والإقتصادية. هذا المشهد يحصل في مدينة طرابلس أيضاً، حيث ينزل «الموجوعون» باستمرار إلى ساحتي النور والبداوي وغيرهما للتعبير عن رفضهم إفقار الناس وإذلالهم. ويشبّه البعض ما يحصل في طرابلس وعكار بالأوضاع التي كانت قد سبقت اندلاع ثورة 17 تشرين 2019، والتي بدأت في الشمال باحتجاجات هنا وهناك أطلق عليها البعض تسمية «ميني ثورة»، إلى أن حان موعد 17 تشرين فتفاعل الشمال لا سيما طرابلس وعكار مع الثورة اللبنانية بكل قوة.

الوضع ممسوك ولكن

ولا يبدو الوضع الأمني شمالاً بمنأى عن التوترات التي تحصل وهذا أكثر ما يشغل بال المعنيين في الأجهزة الأمنية الشمالية. يأتي ذلك في ظل انتشار غير مسبوق للسلاح في أيدي المواطنين، وارتفاع منسوب الجريمة وظواهر النشل والسرقة. وأمام ما يُحكى عن أن التسوية المتوقّعة للمشهد السياسي قد تُفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة المقبلة ولكن على الساخن، أو أن يؤدي الإنسداد المستمرّ للأفق السياسي إلى حصول توترات على الأرض، فإنّ أكثر ما تتخوّف منه أطراف عدة هو أن يبدأ هذا السيناريو من مناطق الشمال بانفجار شعبي وآخر أمني، أو أن يختلط هذا بذاك، على اعتبار أنّ هذه المناطق باتت أرضية خصبة لمثل ذلك السيناريو.

ولم يستبعد مرجع أمني شمالي رفيع أي سيناريو، «لأنّ ما يجري من مظاهر فوضى وإخلال بالأمن وتراجع لهيبة الدولة كلّها ظواهر غير مبشّرة». ويقول لـ»نداء الوطن»: «كلنا نذكر في أيام الثورة كيف تسلّلت قوى التخريب إلى الإحتجاجات في طرابلس، ونفّذت أعمال فوضى، ونستذكر هنا حرق مبنى البلدية والمحكمة الشرعية والهجوم على السراي وغيرها. إنّ القوى الأمنية تقوم بواجباتها ضمن المتاح من ظروف، وهي تعاني كما يعاني المواطنون». ويشدّد المصدر على أنّ «الأمور بحاجة إلى انفراج سياسي يبدأ بانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة، تعمل على إعادة الإطمئنان إلى البلد».

ويعتبر المصدر أنّ «المرجعيات السياسية الشمالية تخلّت كثيراً عن مهامها وتركت كل شيء على الأمن الذي يعاني أكثر من الجميع... الوضع الأمني يمكن وصفه بالممسوك، ولكن لا أحد يمكنه أن يتوقّع مجريات الأمور في المرحلة المقبلة».

تجدر الإشارة إلى أنّ أكثرية المواطنين شمالاً باتوا يتجنّبون التنقّل في فترات الليل إلا للضرورات القصوى، فالمخاوف تزداد على الأمن والسلامة العامة.