Advertise here

أكرم أبو عمر.. طبيب الفقراء وصاحب رسالة الشرفاء

14 كانون الثاني 2023 17:59:06

منذ نعومة أظفاره، بدت عليه الفطنة والنجابة كما بدا التواضع والترفّع، تتلمذ في مدرسة عين قنيا المتوسطة الرسمية في غرفها المترامية بين أحياء البلدة، ثم ثانوية حاصبيا، فجامعات رومانيا متخصصاً بالطب.

لم يأبه لفقر حال عائلته، فرغم قلّة المال وشح المدد، حقّق أهدافه  منقضاً كالأسد، لأنه يدرك هدف الرسالة وما أهمية أن يتخصص الطلاب الفقراء عبر حزب كمال جنبلاط والأحزاب اليسارية، فتعمّ المعرفة ويصبح للفقراء أطباء ومتعلمون فيتحقق حلم المعلم الشهيد.

ناضل في مستشفيات الجبل أثناء الحرب الأهلية المريرة، ثم في مستشفيات حاصبيا، مرجعيون وراشيا أثناء الإحتلال الإسرائيلي  البغيض، فكان خير من أقسم يمين أبقراط، وساعد الفقير قبل الغني، وتوّج مهنته بأنه صاحب شهادة أخلاق وشهامة قبل الطب. فكان طبيباً ورفيقاً وأخاً وسنداً ومحاوراً وداعياً للتحابب ونبذ الخلافات، متجاوزاً الخلافات العائلية والإصطفافات الحزبية والطائفية وسواها.

تبوأ أعلى المسؤوليات في المستشفيات التي عمل فيها، فكان حكيماً في علاقاته، قائداً في مسؤولياته، ماهراً في أدائه، غنياً في معارفه ومهنته، محباً للجميع، داعماً لهم مادياً ونفسياً ومعنوياً. 

إختاره أبناء بلدته رئيساً لبلديتهم توقاً الى إصلاح المجتمع وبناء البلدة، فبنى البشر قبل الحجر عبر دعمه المدرسة الرسمية والمتفوقين فيها، وزيّن حفلاتها راعياً لأكثر  نجاحاتها وصدارة مسيرتها، كما وشق الطرقات الزراعية دعما للفلاحين والكادحين. وبعدها كلّفه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بمهام وكيل داخلية قضاءي مرجعيون وحاصبيا نظراً لنزاهته ونظافة كفّه وشفافيته. فكان محل الأمانة وأكّد بأنه أهل لفكر كمال جنبلاط ومسيرته ومناقبيته.

بعدها أكمل مسيرته الطبية في طبابة القضاء ورحلته الذاتية في افتقاره الى مولاه، فتقرّب من الرحمن راجياً خلاص نفسه قبل بدء رحلته مع المرض، الذي استخصّه بأوجاع دفينة ومعاناة مريرة لما يقارب العشر سنين.

رحم الله د. أكرم طبيباً للفقراء ووفياً للشرفاء، مترفعاً عن الصغائر غنياً عن المغانم، زاهداً إلا في العلم راغباً إلا في الجهل سنداً للأهل. أقواله درر، أفعاله شيم، أفضاله نعم يا خير مفتقد، وألهم زوجته وبناته وإخوته وذويه الصبر والسلوان، وإنّا للّه وإنّا إليه راجعون.