جمعت دارة الرئيس حسين الحسيني في بلدة شمسطار، لبنان من أقصاه إلى أقصاه، كما أجمعت المكونات السياسية والدينية والروحية بكافة تلويناتها واتجاهاتها ومعتقداتها، وكل من حضر اواتصل معزيا، على الإشادة بالراحل الكبير، رجل الدولة وحامي الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، والحريص على سيادة القانون، ورجل الحوار والوفاق، الذي لطالما امتاز بهدوئه وسعة اطلاعه ودرايته وبصيرته ورجاحة رايه، فكان الملجأ والكلمة الفصل لتصويب المسار والاجتهادات.
فقد استقبلت عائلة الرئيس الحسيني الحشود الرسمية والشعبية التي تقاطرت لليوم الثالث على التوالي من كل حدب وصوب، وتقدم المعزين النواب: فيصل كرامي، أسامة سعد، أنطوان حبشي، النواب السابقون: محمد ياغي على راس وفد من قيادة "حزب الله" في البقاع، إسماعيل سكرية، نبيل دي فريج، مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، راع ابرشية الفرزل والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك السابق المطران عصام يوحنا درويش، هيئات المجتمع المدني، رؤساء بلديات واتحادات بلدية ووفود عائلية من مدن وقرى محافظتي بعلبك الهرمل والبقاع.
كرامي
وقال النائب كرامي، في تصريح: "رحم الله دولة الرئيس حسين الحسيني الذي كانت تربطنا به علاقات وطنية وعربية ونضالية، ولكن أيضا تربطنا علاقات عائلية. أنا اليوم أعزي نفسي وأعزي عائلتي بفقدان هذا الرجل الكبير الذي فقدناه جميعا على المستوى الوطني، وهو كان صمام أمان للعيش المشترك والعيش الواحد والدستور".
وتابع: "في هذا السياق لا يمكنني إلا أن اتذكر الرئيس عمر كرامي والرئيس الحسيني اللذين كانا سويا في تكتل واحد، سمي حينها اللقاء الوطني، وما زالت أصداؤه تتردد في أجواء المجلس النيابي، حيث ناضلوا جميعا من أجل الحرية والسيادة والاستقلال، وأيضا ضد الفساد، وللاسف لو سمعوا منهم في ذلك الحين ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه".
وختم: "عزاؤنا الوحيد هو أن نبقى على نهج الدستور، وأن نبدأ بتطبيق اتفاق الطائف، من أجل أن نحفظ ذكر هؤلاء الرجال الكبار. عظم الله أجركم وأحسن الله عزاءكم وعزاءنا وفقدانكم هو فقداننا".
سعد
واكد النائب سعد أن "لبنان خسر رجل الدولة المحترم السيد حسين الحسيني، ونحن في هذه الأيام الصعبة التي يعيشها شعبنا اللبناني، نفتقد حكمة ودراية السيد حسين الحسيني، ونحتاج إلى أمثاله في مواجهة هذه الأوضاع والأزمات والإنهيارات الكبرى التي يمر بها لبنان".
وتابع: "إننا في مناسبة تعزية عائلته الكريمة وتعزية الشعب اللبناني وأمتنا العربية بهذا الرجل العظيم الذي غادر هذه الحياة الفانية، نؤكد على أننا سنسير على نهج الراحل السيد حسين الحسيني من أجل بناء الدولة، دولة المؤسسات، دولة حقوق المواطن في الصحة والتعليم وفرص العمل والضمانات الاجتماعية والخدمات الراقية التي يفتقدها الشعب اللبناني، سنسير على خط الوحدة الوطنية الجامعة، رافضين كل أشكال التموضعات الطائفية والمذهبية التي دمرت لبنان، والتي يستمر البعض بالتمسك بها على حساب الهوية الوطنية الجامعة وعلى حساب عروبة لبنان وتقدمه وديموقراطيته. رحمه الله الراحل الكبير وألهم عائلته الكريمة الصبر والسلوان، وايضا التعزية لكل اللبنانيين".
حبشي
وبدوره النائب حبشي اعتبر أن "دولة الرئيس حسين الحسيني كان قامة وطنية، وأنا أذكر منذ شهرين عندما بدأ النقاش الدستوري حول المسائل التي كانت تحصل آنذاك، اتصلت به هاتفيا، وتحدثنا لمدة ثلث ساعة، ذهن متقد، دقة في إبداء الرأي، وطنية في التعاطي لا مثيل لها. لبنان خسر قامة وطنية كبيرة جدا، وأحمل واجب التعزية باسم القوات اللبنانية لكل أهلنا في بعلبك الهرمل".
وأضاف: "الرئيس الحسيني في كل هذه المنطقة، كل ضيعة كان يذهب إليها كانت كأنها ضيعته، وكل بيت كان بيته. دير الأحمر كل بيوتها تعتبر أن دولة الرئيس حسين الحسيني هو جزء من هذا النسيج الاجتماعي، لذلك اليوم أتوجه بالعزاء الى كل بعلبك الهرمل، لأننا لم نخسر رجلا وطنيا فقط، بل خسرنا كذلك إنسانا من نسيج هذه الأرض، عمل طويلا على نسج كل العلاقات الاجتماعية بين كل مكوناتها، وكان مظلة لكل الناس. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، والذي يترك أثرا على مستوى وطن، وعلى مستوى ضمير أهله في بعلبك الهرمل والبقاع لا يموت، الرئيس حسين الحسيني لم يمت بل انتقل".
دي فريج
وشدد دي فريح على "ضرورة تطبيق اتفاق الطائف، والرئيس الحسيني كان حريصا على تطبيقه كما يجب ان يطبق، وليس كما يطبق اليوم، ونحن نعزي عائلة الرئيس الحسيني ونعزي لبنان ومنطقة البقاع، لانها خسارة كبيرة، وإن شاء الله مدرسته تبقى مستمرة لأنها مدرسة الاعتدال، ولبنان اليوم يحتاج إلى معتدلين من جميع الطوائف".
الرفاعي
ورأى المفتي الرفاعي أن "الرئيس الحسيني رجل الحوار الوطني الصادق، إنه دولة الرئيس الشيعي المنفتح على إسلامه، والمسلم المنفتح على لبنانيته، واللبناني المتصل بقضايا أمته التي لا تغيب عن وجدانه الهادئ دوما، وغير المنفعل، الذي كانت حياته تشبه مواقفه، وكانت مواقفه تشبه حياته".
وأضاف: "نحن أنعم علينا في هذه المنطقة بهذه القامة والقيمة، وبهذه الهامة والهمة، فجلسنا نستذكر كيف كنا نتحدث إليه، نستفيد من خبرته، نتعلم من تبحره في القوانين والدساتير، ونزن الكلام في موازينه الصحيحة عندما نتحدث، هكذا تكون رجالات الدولة. أبقى الله سبحانه وتعالى هذا البيت مفتوحا، وجعل ذريته ذرية مباركة طيبة، ولا حرم هذه المنطقة قامات كهذه القامة التي فقدناها اليوم".