Advertise here

التساجل يعمّق الأزمات وطاحونة الأزمات تنهي آخر فرص الإنقاذ.. ولا "كلمة سر" بعد

10 كانون الثاني 2023 06:43:45

تنقلب شؤون اللبنانيين كل يوم رأساً على عقب، وتزداد صعوبة الحياة عليهم صعوبات إضافية، من الكهرباء التي لا تأتي ولن تأتي بفعل الفجور السياسي، إلى المحروقات التي لا تكاد تُنهي أزمة إلا وتدخل في أخرى، إلى استعصاء الطبابة والأدوية والاستشفاء مع التفشّي المتجدد لفيروس الكورونا، إلى القلق المتنامي من التفلت الأمني الذي يطل برأسه في جرائم وإشكالات متعددة تتنقل بين المناطق، وأخطرها ما تنفذه عصابات الخطف والسرقة، إلى الرئاسة التي لا يبدو أنّ ساعتها آتية بعد، إلى مجلس الوزراء الذي التأم مرة لكي لا يلتئم ثانية، إلى القضاء المستنكف إلا عن التفرّج على قضاة أجانب يقومون بفرض سلطتهم على امر القضاء اللبناني، الى التعليم الذي يقف على شفير الانهيار بين مطرقة حقوق الأساتذة والمعلمين وسدّان غياب إمكانات الدولة في تأمينها.

وسط كل تلك المحن التي تزهق روح لبنان يوماً أكثر من يوم، لا يحرك المسؤولون ساكناً سوى للتساجل وتعقيد الأمور أكثر، أما كلام الحوار الذي ما انفكّ يدعو إليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ويجهد اليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فلا مكان له لدى أهل الشأن وسط غابة التراشق العشوائي الذي يصيب كل شيء.

وفيما ينتظر المتابعون ما ستؤول اليه تحقيقات الوفد القضائي الأوروبي الذي وصل بعض أعضائه إلى بيروت أمس على أن يصل الباقون الأسبوع المقبل، أكد الخبير القانوني البروفسور سعيد مالك لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أنه "من الثابت أن موضوع الوفد القضائي الأوروبي يأتي في سياق معاهدة محاربة الفساد التي أقرتها المجموعة الاوروبية بتاريخ 21 تشرين أول 2003 ودخلت حيز التنفيذ  بتاريخ 14 كانون أول 2005، وانضم لبنان إليها بتاريخ 16 تشرين اول 2008، مع العلم ان لبنان ليس العضو العربي الوحيد الذي انضم الى هذه المعاهدة، فقبله كانت انضمت 52 دولة من بينها 7 دول عربية"، معتبراً أن حضور الوفد الأوروبي لأجل التحقيق في دعاوى قضائية مرفوعة في الدول الأوروبية "لا أثر له على الصعيد السيادي، إذ يأتي في سياق إنفاذ معاهدة دولية لبنان عضو فيها، وليس هناك أي إشكال قضائي ودستوري".

مالك أوضح أن "هذه الدعاوى أقيمت في دول أوروبية، وهناك استراتيجية تحقيق تقضي بالاستماع الى افادات 15 شخصية وإلى تلاوة شهود آخرين أيا كانوا".

في السياق عينه، عضو كتلة تجدد النائب أديب عبد المسيح، اعتبر في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن زيارة الوفد القضائي الأوروبي "دليل على أننا كلبنانيين، قضاءً وسياسيين وجهازاً مصرفيا، لم نعرف كيف نحاسب أحدا من المتورطين بهذه الملفات. ولذلك أصبحنا نتكل على الخارج".

وقال عبد المسيح إن "الوفد لديه مهام معينة، وهذا ما دفع النيابة العامة التمييزية الى التدخل وفرض حصول استثناءات لعدم الذهاب بالتحقيق للوصول إلى الحقيقة"، معرباً عن أسفه لأن "يتم التستر على المتهم الأساسي حتى ولو كانت الجهة التي تحقق في هذا الملف خارجية وليست محلية"، وسأل: "ألا يحق لنا التعرف الى المافيا الفعلية التي لعبت دورا كبيرا في تهريب الأموال الى الخارج؟ حتى ان مجلس النواب على تنوعه لم يتمكن من محاسبة أحد، كما أن اللجان المشتركة التي تتولى مناقشة قانون الكابيتال كونترول أخفقت في الاستماع الى افادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة"، وتحدث عبد المسيح عن "القيامة التي قامت لدى المصارف عندما قررنا رفع السحوبات بالدولار الأميركي من 400 دولار الى 800 دولار كحد أدنى"، معتبرًا بالتالي أن "كل ما يجري هو تعمية على الحقيقة لإبعادنا كنواب عن معرفة ما يحصل".  

وفي غضون ذلك في سياق الاتصالات التي يجريها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بعيدا عن الإعلام لعقد جلسة لمجلس الوزراء، أشارت مصادر وزارية عبر الأنباء الالكترونية إلى أن "البند الأساس على جدول الاعمال يتعلق بالكهرباء وإقرار قانون يجيز للحكومة المستقيلة تخصيص مبلغ من المال تصل قيمته الى اكثر من 65 مليون دولار لشراء الفيول، بما يسمح بإفراغ البواخر المحملة بهذه المادة والراسية في المياه الإقليمية قبالة المرفأ، بالاضافة الى بنود اخرى ملحة لا تقل شأنا عن موضوع الكهرباء".

المصادر كشفت ان "ميقاتي يدرس خطواته بتأنٍ، لأنه يرفض ان تكون الجلسة المزمع عقدها مشابهة للجلسة السابقة، ولهذا السبب أجرى رئيس الحكومة مروحة اتصالات بعيدا عن الإعلام مع مقربين من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل". 

وتشير المصادر إلى أن الأمور تأخذ المنحى الايجابي، وتوقعت أن يكون موقف وزير الاقتصاد أمين سلام ايجابيا أيضا باعتبار البنود المدرجة على جدول الأعمال مهمة جدا وتتعلق بحياة الناس.

وبالانتظار تستمر طاحونة الأزمات في إثقال حياة المواطنين صبح مساء، إلى أن يقتنع أهل الربط والحل أن انتظارهم "لكلمة السر الخارجية" - على حد تعبير جنبلاط في موقفه الأخير من التطورات الداخلية- سيكون طويلا وينهي في طريقه آخر الفرص الممكنة لإنقاذ البلاد.