Advertise here

2023.. المستقبل يتسع للجميع

30 كانون الأول 2022 07:26:49

الاضطراب القاسي الذي حصل في العالم على المستويات السياسية والعسكرية والنفطية والصحية والغذائية، في عام 2022؛ قد يكون على مشارف الأُفول، ويبدو أن قادة دول كبرى وصلوا الى اقتناع بأن الانفتاح والحوار والتعاون هي القواعد الضرورية التي تحكم التعاطي بين الدول في المستقبل، والمستقبل يتسع للجميع، وفرص العيش بكرامة متاحة أمام العامة إذا ما توافرت الإرادة الطيبة، بعيداً عن رغبة بعض الدول في فرض هيمنة عابرة للحدود وللقارات.

ومع نهاية العام؛ أضفى تصريح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شيئاً من التفاؤل، عندما قال أثناء زيارته حليفه رئيس بيلاروسيا الكسندر لوكاشينكو، إنه «منفتح على الحوار مع الغرب، وإن التفاهمات المبنية على الإحترام المتبادل كفيلة بحلّ كل المشكلات القائمة». وبوتين ذاته الذي اعتبر أن الوضع صعب جداً؛ كان بالأمس القريب يهدد باستخدام الأسلحة النووية.

والولايات المتحدة بدأت بتعديل موقفها المتشدّد من الخطوات التي اتخذتها منظمة «أوبك بلاس» بتخفيض إنتاج النفط؛ ومع هذا التعديل الذي أنهى بيع جزء من احتياط النفط الأمريكي؛ تكون أزالت غيمة من التشنجات الدولية، لأن واشنطن تعاطت مع خطوة المنظمة بعدائية في بداية الأمر، واعتبرتها موقفاً مسانداً لموسكو ضدها، بينما أغلبية الدول العضوة في «أوبك»؛ لم تكُن لديها هذه المقاصد.

وبعض التفاهمات التي حصلت مؤخراً بين الصين والولايات المتحدة، تنمّ عن نوايا حسنة، بعد سنتين من المناكفة التجارية والمعاكسة العسكرية الباردة في بحر الصين الجنوبي، وحول تايوان. وانفتاح الصين على المنطقة العربية بعد قِمم الرياض الثلاث التي عقدت بين 7 و10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري؛ تعبّر بوضوح عن تغييرات هائلة في الموقف الصيني وفي الموقف العربي. ومن الواضح أن القاعدة التي اعتمدها الفريق العربي؛ تستند الى التعاون والحوار مع الجميع، بعيداً عن المقاربات الإيديولوجية وسياسة المحاور. والمنطقة العربية أساسية للاستقرار العالمي، وقد تلقت ضربات متتالية على يد الأصدقاء، كما على أيدي الأخصام، وأغلبية الدول العربية قررت ألا تضع «بيضها السياسي» في سلّة واحدة، بعد اليوم.

وتبدو أوروبا منهكة وخائفة من تطورات الحرب في أوكرانيا؛ فأمنها مُهدد، كما أمن روسيا، واقتصادها يعاني من انعكاسات هذه الحرب على أسواق النفط والغاز، والانكماش يدقّ أبواب أسواقها بعد أن قررت واشنطن دعم شركاتها الصناعية، خصوصاً صناعة السيارات، ما سيؤدي الى كساد في قطاعات أوروبية مشابهة، واستقلال القارة السياسي يواجه تحديات صعبة، وهي من جراء ذلك تبحث عن فرص تؤمن هدوءاً تحتاجه بعد تعب.

هذه العوامل مرشحة لفتح كوة ضوء في حائط الانسداد السميك الذي حكم الوضع الدولي في عام 2022، وتغييرات كبيرة قد تحصل بعد أن جرّب العالم خطورة الحروب الساخنة والتوترات الخفية الباردة، طيلة الفترة القريبة الماضية.

لم تنجح مجموعة السبع (الدول الصناعية الكبرى) في احتكار ملف الإنتاج الصناعي في العالم، وهناك دول واعدة وثَبَت خطوات تجاوزت احياناً مهارة بعض دول تلك المجموعة. ومجموعة العشرين (أكبر 20 اقتصاداً في العالم) فشلت في التحكّم بكل مفاصل الاقتصاد العالمي وبحركة الأسواق، وبعض الدول غير العضوة في المجموعة لها تأثير مالي واقتصادي وازن، ولا يمكن تجاهلها. والهيمنة الإمبريالية مرفوضة من كل الجهات، وخضوع الدول الصغيرة لإرادة الدول الكبيرة ثقافة قديمة، لا تصلح ليومنا هذا، بصرف النظر عن حجم القوة العسكرية.

أما المشكلات الإقليمية، والصراعات الثنائية، فلم يعُد بالإمكان مقاربتها إلا عن طريق التفاهم والحوار. ذلك ما ينطبق على مشاكل القرن الافريقي ووادي النيل وعلى ملفات اليمن والعراق وسوريا ولبنان وتايوان، وصولاً لملف كوريا الشمالية.

هناك متسع للجميع للحراك والإستفادة من أجواء التنافس المحكوم بثوابت العلم وتقديم الأفضل، وتحت سقف القوانين الدولية والانتظام. على أمل أن يكون عام 2023 عام التفاهمات الدولية، وإزالة التشنجات التي كادت أن تهدّد مصير البشرية برمتها.

مبادرة الإمارات العربية المتحدة الى الدعوة لعقد المؤتمر 13 لمنظمة التجارة العالمية بعد غياب طويل؛ يفيد في ردم بعض الفجوات التي حصلت خلال العامين الماضيين، وقد يُرسي مقاربات جديدة تهّدئ من روعة المستثمرين، وتحدّ من مخاطر إغراق الأسواق الناشئة.