بعد خروجنا من أزمة كورونا، اهتزّ الأمن الصّحّي مرّة جديدة في الفترات الأخيرة، بسبب انتشار وباء الكوليرا الذي لا يمكن التهاون في الوقاية منه لإبعاد مخاطره عن عائلاتنا. ومن هنا، بدأ المواطنون اللّبنانيون أخذ تدابير جدّيّة روتينيّة، غيّرت بعض الأمور في يوميّاتهم أولها تعزيز سبل النّظافة، ثانيًا التّأكّد من سلامة المياه للشرب وللمزروعات وثالثًا الإفادة عن كل إصابة عند ظهور عوارض الكوليرا كليًا أو جزئيًا أو لمجرد الاشتباه بها نتيجة مخالطة إي شخصٍ مصابٍ. ورغم كل الأزمات الكبيرة والمتشّعبة التي نواجهها، إلا أنّ الفرج يفتح أبوابه في العديد من الأحيان. لكنّ الوضع الاقتصادي الصعب، لم يسلم في العديد من الحالات أيضًا.
ففي الواقع، شهد لبنان في فتراته الأخيرة، انتعاشًا لسوق المياه المعدنيّة واقبالًا ملحوظًا لشراء مواد الكلور والخل، بسبب انتشار أوبئة كورونا والكوليرا مؤخّرًا. فهل من المنطقي أو المعقول أن تساهم الأزمة الصّحية في تحسّن الوضع الاقتصادي؟ وكيف؟
الاقبال على شراء موادّ الخلّ والملح
«أحتاج إلى قنينتين من الخل الأبيض أسبوعيًا لتطهير الفواكه والخضر، ولا نستغني طبعًا عن الملح للتأكد من التّعقيم»، هذه كانت أولى عبارات الاستاذ مارتن الذي يحرُص على نظافة مطبخه وأخذ التدابير الوقائيّة بشكلٍ سليمٍ لاسيّما في أيامنا هذه.
ويتابع:» زوجتي تقول لي إنّني بحاجةٍ إلى ميزانيّةٍ خاصّةٍ على قدر ما أصبحنا نستخدم الخل والملح»، وبكل طرافةٍ يُكمل،» التعقيم بات مكلفًا أكثر من سعر الخضار والفاكهة، «نيالُن أصحاب شركات الملح والخل فرجت عليُن. كيسٌ من الملح استخدمه بين الأسبوع والأسبوعين، لاسيّما للتعقيم. أّما الخل، التي باتت سعر القنينة الواحدة لا يقلّ سعرها عن 4 دولار، أحتاج إلى قنينة أو اثنين في الشّهر الواحد، على العلم من أنّني لم أذكر يومًا أنني كنت أشتري الخل الأبيض بتاتًا».
وأنهى مارتن كلامه قائلًا:» على ما قدر ما أنّ مسألة التعقيم تأخذ دقيقتين، إلا أنّها في غاية الأهميّة. لذلك من أهم الأمور التي على كل رجلٍ أو سيّدةٍ القيام به، هو التعقيم والانتباه من كورونا وكل مل نشهده اليوم من فيروسات الانفلونزا والرشح وغيرها من الأمراض المُعدية، وعلى هذا الأساس أقوم بتعقيم كل ما توافر من مأكولات وخضر وفواكه، حتّى الأكياس أرميها في الزبالة ولم أستخدمها مجددًا».
ليليان، امرأة ثلاثينيّة متزوّجة من رجلٍ أجنبيٍّ، أُكرما بطفلةٍ منذ خمسة أعوامٍ. قصّة ليليان لا تختلف كثيرًا عن مارتن، لأنّها وبحسب ما أكّدته للدّيار، تقوم يوميًا وبشكلٍ دائمٍ بتعقيم كل الخضر والفاكهة، من خلال استعمالها الخل والملح، وموادّ أخرى تؤمّنها من الصّيدليات، كمعقّم الكلور الذي يُستخدم تحديدًا للطّعام، يسمّى كلور للطّعام.
وتضيف:» عرفتُ الكثير من العائلات التي تستخدم المياه من الحنفيّة ربّما، أو تلك المكرّرة عن طريق الفيلتر في المنازل، لكنّ الأصحّ هو طبعًا استخدامنا مياها معدنيّة صالحة للشرب مثل ريم وصحة بردوني وتنورين، وغيرها من الأنواع التي نثق بها. وأحيانًا، نستعين ببعض المياه الموجودة في الطبيعة، وتكون صالحة للشرب أيضًا يمكننا استخدامها، كبعض الينابيع الصالحة للشرب».
وتتابع ليليان:» وأكثر ما يهمّني الآن هو صحّة ابنتي، ولأنّني أخاف عليها من عدوى الكوليرا وكورونا، لا أكتفي فقط من أن تشرب من هذه المياه، إنّما أغسّل وأطهّر صحونها بها. لذلك، وبشكلٍ واضحٍ أصبحنا نستخدم المياه المعدنية بشكلٍ اعتياديٍ أكثر من قبل، ولو كنّا بحاجةٍ إلى غالونٍ كبيرٍ يوميًا، اليوم الوضع اختلف وأصبحنا بحاجةٍ إلى اثنين بحدّه الأدنى. هذا غير لو كانت الطّبخة صعبة مثلا، كغلي الدجاج وتنظيفه في المياه أو تطهير ورق الملوخيّة... كلّها يتم طهيها وتنظيفها بمياهٍ صالحةٍ للشرب».
الطلب ازداد على شركات المياه..
وفي حديثه للدّيار، يؤكد غسان صليبا، صاحب شركة مياه البردوني، أنّ المياه المعدنيّة الطبيعيّة المعبأة في لبنان هي موزعة على سبعة معاملٍ مرخّصة فقط في لبنان وهي مراعية للشّروط الصّحية اللبنانية والعالمية، أمّا الطلب زاد فقط بحدود ضئيلة لا تتعدى الـ5%. ويُضيف:» تعود الأسباب الرّئيسية وراء ذلك، أولًا بسبب كثرة الينابيع الجبليّة الصالحة للشرب وثانيًا نتيجة ضعف القوة الشرائيّة لدى الزّبائن بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرّ فيها البلاد».
ويتابع صليبا:» المياه التي على علمنا، أي هذه الـ7 معامل التي تكلمنا عنها، تُعتبر صالحة للشرب وغير ملوّثة، لكن كل ما تبقّى من شركاتٍ للمياه التي اعتبرت نفسها، أو صنّفت نفسها صالحة للشرب لا ندري مدى صحة كلامها وهل هي مراقبة من قبل وزارة الصحة ام لا ؟.