Advertise here

"جريمة العاقبية" واحدة من الرسائل الأمنية المنتظرة

19 كانون الأول 2022 11:13:29

جريمة الاعتداء على سيارة قوات اليونيفيل التي حصلت في بلدة العاقبية الجنوبية، لا يمكن اعتبارها عملا فرديا، أو ردة فعل فورية، وهي جاءت من ضمن مناخ توتيري رافق إقرار الكونغرس الأميركي لقانون يضع خطة لمكافحة إنتاج المخدرات وتفكيك الشبكات المرتبطة بها في سورية، كما استبقت زيارة كان ينوي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون القيام بها ليلة عيد الميلاد الى الجنوب ويستكملها بلقاءات سياسية في بيروت.

وتؤكد مصادر متابعة أن أحداثا أخرى مرتبطة بهذه التطورات، ومنها عمليات قتل استهدفت رجال أمن في الأردن وقصف مجهول على بعض القواعد الأميركية في سورية، وتسيير موكب الدراجات النارية الى الأشرفية في بيروت بحجة تشجيع منتخب المغرب لكرة القدم يأتي في السياق ذاته، وهو ما كاد يتسبب باشتباك كبير مع أهالي المنطقة الذين كانوا يحتفلون بإنارة شجرة الميلاد في ساحة ساسين، وتبين أن غالبية شباب الموكب ينتمون الى فصائل فلسطينية مؤيدة لسورية. وكل هذا التوتير موجه ضد القيود الأميركية والدولية التي بدأت تفرض على المجموعات التي تستخدم الساحة اللبنانية لخدمة مصالحها المالية والسياسية، وتستهدف أيضا الكلام عن تدويل الأزمة اللبنانية وتوسيع مهام قوات حفظ السلام في لبنان، بعد أن سمح لهم قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر في 31 أغسطس الماضي بالتحرك من دون أي قيود.

والمصادر ذاتها تعتبر أن ما أشار اليه وزير الدفاع والخارجية الإيرلندي سايمون كوفني، على أثر جريمة «العاقبية» التي استهدفت جنودا من بلاده يخدمون في قوات حفظ السلام في الجنوب، أضاءت على الواقع، وهو اتهم بيئة معادية بالقيام بالاعتداء، من دون أن يقصد أن هذه البيئة هي أهالي الجنوب، وهؤلاء يحتضنون بالفعل هذه القوات، وأدانوا الجريمة جهارا، لكن المصادر تشير الى وجود مجموعات أمنية تقوم بتنفيذ الخطط الدقيقة، وسبق لهذه المجموعات التي ترتبط مباشرة بقيادات خارجية من المحور، القيام بعمليات اغتيال لمعارضين للخط، ومنهم القيادي لقمان سليم، كما أنهم يحرضون ضد قوات اليونيفيل، وهم ذاتهم يقفون وراء تهريب المشاركين في الجرائم الى خارج الحدود، ومن دون المرور في التراتبية القيادية لدى قوى الممانعة.

ربما يكون النفي السياسي الصادر عن حزب الله لأي علاقة له بالحادث صحيحا، ذلك أن الاعتبارات الأمنية المرتبطة بالرؤى الخارجية لقوى محور الممانعة، لا تمر من ضمن القنوات التنظيمية للحزب، وآلية اتخاذ القرار في الأعمال الأمنية تختلف عن الآلية التي يعتمدها الحزب في الموقف السياسي، وهذا التباين توضح في جوانب من تحقيقات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أدانت عناصر من الحزب، كذلك في التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت، وفي غيرهما من الأحداث الكبيرة. لكن ذلك لا يعفي الحزب من مسؤولية رفع الغطاء عن المرتكبين، أو المشتبه بهم، وبالتالي تسليمهم للمرجعيات الأمنية والقضائية الرسمية، وبذلك يكون الحزب قد أخرج نفسه بالفعل من تبعات الحادث الأخير.

القوى الدولية والعربية إضافة لأمين عام الأمم المتحدة أدانوا الحادث، وأشاروا الى أن الهجوم بالرصاص لا يمكن أن يكون عملا فرديا، أو منعزلا عن الأجواء السياسية التي تجري في الإقليم برمته. وحكومة ايرلندا أرسلت فريق تحقيق خاص لمعرفة حقيقة ما جرى. وكل ذلك يؤكد عدم وجود ثقة كافية بالتحقيق اللبناني خصوصا لأن الدولة اللبنانية لم توقف أي مشتبه به حتى الآن. والمجتمع الدولي يدرك صعوبة مهمة الأجهزة اللبنانية في القيام بتحقيق شفاف، نظرا لتأثير قوى الأمر الواقع على هذه الأجهزة، خصوصا في الملفات الأمنية الحساسة.

لا تستبعد مصادر متابعة أن تكون جريمة العاقبية، من ضمن خطة تهدف الى توجيه رسائل للأميركيين وللفرنسيين وللبطريرك بشارة الراعي، تقول إن تدويل الأزمة اللبنانية وراءه صعوبات كبيرة، كما أن قطع الموارد المالية وتجفيف عمليات تهريب الممنوعات ليس تفصيلا سهل الوصول إليه.