Advertise here

الشرخ الحكوميّ يتوسّع: الحزب يَعزل باسيل؟!

19 كانون الأول 2022 08:30:00

تنحو أزمة المراسيم نحو مزيد من التعقيد. ولا يزيدها تأزّماً سوى المسافة التي وضعها حزب الله بين حدّين: التمسّك بما بقي من "فتات" العلاقة مع حليفيه ميشال عون وجبران باسيل، وفي الوقت نفسه تغطيته المستمرّة لأيّ جلسة حكومية مقبلة قد تكتسب منحى الضرورة حتى في حال استمرار مقاطعة الفريق الوزاري المحسوب على التيار الوطني الحر. ويتأتّى كلّ ذلك عن واقع عدم وقوف الحزب إلى جانب باسيل في معركة الأخير "المصيرية" التي لا عودة عنها وهي ضدّ وصول سليمان فرنجية أو قائد الجيش جوزف عون إلى رئاسة الجمهورية.

وفق المعلومات لا جلسة اليوم للّجنة الرباعية المؤلّفة من الوزراء القضاة محمد مرتضى وعباس الحلبي وبسام المولوي وهنري خوري بعدما أقفل الأخير أبواب النقاش في لقاء السبت في وزارة التربية عبر نقله "تعليمات" صارمة من باسيل، الموجود في قطر حالياً، برفض صدور أيّ مرسوم من دون توقيع الـ 24 وزيراً عليه بصيغة المراسيم الجوّالة على أن يشكّل انعقاد الحكومة حالة استثنائية في الظروف القاهرة.

أمّا لناحية إعداد "جدول أعمال الضرورة" فقد اقترح ميقاتي في الكواليس أن يُعَدّ الجدول وأن يتمّ ترحيل أيّ من البنود وعدم بتّه إذا حصل اعتراض عليه عند انعقاد الحكومة، لكنّ باسيل رفض "تخريجة" السراي.

شرخ لا سابق له بين الحزب والتيّار

يكشف مصدر مطّلع لـ "أساس" "وجود شرخ حقيقي هذه المرّة بين التيار الوطني الحر وحزب الله لا يُشبه أيّ محطة خلافية سابقة من مثل تغطية الحزب سابقاً للتمديد لمجلس النواب والتمديد لقائد الجيش السابق جان قهوجي وتغاضي حارة حريك عن مؤازرة التيار مؤازرة حقيقية في فتحه لملفّات الفساد وإحاطة الحزب "الحديدية" لحليفه نبيه برّي وعدم مساندة التيار في الضغط على ميقاتي لتشكيل حكومة كانت ستمنع الوصول إلى المأزق الحكومي الحالي".

وفق المصدر نفسه فإنّ "الخلاصة الأساسية لهذا الخلاف هذه المرّة أنّ الحزب لن يغطّي فيتو باسيل لا في ملفّ رئاسة الجمهورية ولا في أزمة انعقاد الحكومة وإصدار المراسيم الملحّة، وأقصى "المُسايرة" تُتَرجم من خلال تفهُّم الغياب عن جلسة الحكومة كما سُرّب عن لسان السيّد حسن نصرالله. واستطراداً فإنّ حزب الله ليس بوارد إعطاء باسيل حقّ التعطيل لأيّ قرار داخل مجلس الوزراء، إذ يرفض الحزب أن يكون في بوز مدفع المواجهة مع أفرقاء الداخل، فيما "العين الدولية" مصوّبة عليه بالتزامن مع استمرار الحصار الخارجي على المقاومة".

يَنقل مطّلعون عن الرئيس الأسبق تمام سلام قوله قبل أيام لدى سؤاله عن سبب التزام حكومته بإصدار المراسيم ممهورة بتواقيع الـ 24 وزيراً خلال تولّيه رئاسة الحكومة في فترة الشغور الرئاسي: "مُكرهاً فعلت ذلك بسبب ضغط الثنائي الشيعي الذي هدّد بعدم الحضور إذا ما منمشي بتوقيع الـ 24 وزيراً".

يستذكر وزير سابق أنّ "عدداً قليلاً من مراسيم حكومة سلام لم تنل تواقيع كلّ الوزراء، ومنها مثلاً تلك المتعلّقة بالكحول التي رفض وزراء حزب الله توقيعها، وأخرى لم يوقّع عليها باسيل نفسه حين كان وزيراً للخارجية".

مشكلة باسيل اليوم هو غياب أمر العمليّات، وتحديداً من جانب حزب الله، لجهة إلزام حكومة ميقاتي، وهي حكومة تصريف أعمال لأنّها مستقيلة، بإصدار المراسيم موقّعةً من 24 وزيراً، إضافة إلى تغطيته المبدئية لانعقاد الحكومة "عند الحاجة" كما جرى في جلسة 5 كانون الأول.

في المقابل فوجئت دوائر حزب الله بإثارة ممثّل الوزراء المقاطعين وزير العدل هنري خوري في لقاء السبت لمسألة دستورية انعقاد مجلس الوزراء عند الضرروة، فيما كان الاتفاق المبدئي في الجلسة التشاورية يوم الجمعة حصر اجتماع اللجنة الرباعية بمسألة مراسيم جلسة 5 كانون الأول وكيفية التعاطي معها، ولا سيّما أنّ وزير الدفاع مثلاً لم يوقّع بعد (حتى ليل أمس) مرسوم احتساب الزيادات للعسكريين في الخدمة الفعليّة والمتقاعدين على أساس الراتب الأساسي ومتمّماته، وبآليّة تحديد المواضيع الملحّة التي تتطلّب التئام الحكومة. وفي هذا الإطار يشترط باسيل تعديلاً على الفقرة 6 من المادّة 64 من الدستور التي تنصّ على الآتي: "يدعو رئيس الحكومة مجلس الوزراء إلى الانعقاد ويضع جدول أعماله. ويُطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمّنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستُبحث".

يرى باسيل أنّ عدم وجود رئيس للجمهورية يفرض آليّة مغايرة في تحديد جدول الأعمال، وهذا ما يعتبره ميقاتي تعدّياً على صلاحيّات رئيس الحكومة مع موافقة ضمنية من ثلاثيّ بري-جنبلاط-حزب الله.

حتى الآن سقطت كلّ الصيغ التي اقتُرحت للاتفاق على آليّة محدّدة تجعل من الفريق المقاطِع شريكاً في تحديد جدول أعمال الضرورة، مع رفض من "الثلاثي" للمراسيم الجوّالة. مع العلم أنّ مرسوم ترقيات الضبّاط (وهو مرسوم عاديّ) يشكّل ضغطاً على الحكومة، وحتى الآن لم يُعرَف مصيره.

في السياق نفسه تفرّج وزراء حزب الله على النقاش الذي دار في جلسة السراي التشاورية بين ميقاتي والوزيرين وليد فياض وهنري خوري حين واجههما رئيس الحكومة قائلاً: "سبق ووعدتماني إذا حُصِرَ جدول أعمال الجلسة بـ 25 بنداً فستحضران، لكن جبران ما خلّاكم". وحين تدخّل الوزير عبدالله بو حبيب قائلاً "عملتوا جلسة وما خبّرتونا". ردّ عليه ميقاتي "نحن تواصلنا مع النائب باسيل وأعلمناه، بس هويّ ما خلّاكم تشاركوا بالجلسة".