في منازلنا وعلى طرقاتنا: "قصص بتبكّي"

14 كانون الأول 2022 07:16:28

غاب الأطفال عن السوبرماركت والمحال التجاريّة ومطاعم الوجبات السريعة التي كانت تعجّ بهم، كما تراجع زخم أعياد الميلاد والاحتفالات وباتت تقتصر على الأساسيّات بينما اختفت كلياً عند البعض. في المدارس أيضاً، سلوكيّات الأطفال لافتة، حيث لوحظ ارتفاعٌ في نسبة شكاوى إدارات المدارس وتردّد الأهل بشكلٍ متزايد إلى المدرسة لمُتابعتهم.

حزنٌ وإحباط ويأس وتصرّفات عدوانيّة وأكثر.. هذا ما يعيشه الأطفال اليوم في المنزل والمدرسة وفي كلّ مكان.. تغيب الفرحة البسيطة عن ملامحهم، حتّى نسوا معنى الإبتسامة. في وقتٍ تمتلئ الدكاكين بدفاتر الدّيون لأُسرٍ عاجزة عن تأمين الطّعام، وهو أدنى مقوّمات العيش.

وتُشير "اليونيسف" لموقع mtv، إلى أنّ حقوق الأطفال الأساسيّة، من صحّة وتلقّي مساعدة إجتماعيّة، وحماية، وتعليم... كلّها لحق بها ضررٌ بالغ، لافتةً إلى أنّ العائلات باتت مُجبرة على بيع الأثاث والممتلكات الأساسيّة كما أنّ الأطفال يُدركون تماماً تأثير الأزمة على حياتهم وتطلّعاتهم، ممّا يزيد من التحديات النفسيّة التي يواجهونها الأطفال.

وتُضيف المنظّمة: "الأطفال الذين شاركوا في دراسة أُعدّت هذا العام، شرحوا كيف يتجنّبون طلب أشياء صغيرة من أهلهم ويحاولون مساعدتهم على خفض الإنفاق"، وتُتابع: "ينخرط الأطفال بشكلٍ متزايد في سوق العمل، لكي يتمكّنوا من جلب بعض المال إلى المنزل، في وقتٍ نشهد نسبة بطالةٍ متزايدة والعديد من البالغين يُصبحون عاطلين عن العمل".

يتجلّى ذلك في ظاهرة باتت عاديّة في المحال التّجاريّة، حيث يعمد الجميع إلى التّوفير في مشترياتهم وفي أنواع المواد الغذائيّة والسّلع التي يختارونها، متّجهين إلى الأرخص. في الأروقة أيضاً، دموع الأمّهات تروي الكثير... ومثال على ذلك، أمُّ غلبها حزنها راحت تبكي في سيّارتها من دون توقّف لأنّها عاجزة عن شراء "كاتشاب" لطفلها.

وتلفت "اليونيسف"، إلى أنّ الأطفال يشعرون بالإحباط وفقدان الثقة في أهلهم لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسيّة، كما يشعر الوالدان بالذنب والإحباط بسبب عدم قدرتهم على إعالة أطفالهم بشكلٍ صحيح.. هكذا عُكِست الأدوار الأُسريّة بين الوالدين والأطفال ممّا يؤثّر سلباً على الروابط بينهما.

وتُفصّل المنظّمة مدى صعوبة الوضع، بالأرقام، وتقول: "84 في المئة من الأُسر ليس لديها ما يكفي من المال لتغطية الضروريات، و23 في المئة من الأطفال يذهبون إلى الفراش جائعين، كما أنّ 38 في المئة من الأُسر عمدت إلى تقليل الإنفاق على التعليم مقارنةً بـ26 في المئة في نيسان 2021. وصحّياً، خفّضت 60 في المئة من العائلات الإنفاق على العلاج الصحّي، مقارنةً بـ42 في المئة في العام 2021. و70 في المئة من الأًسر تُضطرّ إلى اقتراض المال لشراء الطّعام. كما أُفيد بأنّ 36 في المئة من مقدّمي الرعاية شعروا بأنّهم أقلّ تسامحاً وتقبّلاً مع الأطفال وعاملوهم بقسوة".

الطّفولة في لبنان تُهدَم وأبسط الأحلام تتبدّد. يستحقّ الأطفال التحرّك العاجل والفوري بالإمكانات المُتاحة، فهم يحتاجون إلى الدّعم والحماية وتأمين الوصول الكامل إلى الخدمات الأساسية قبل فوات الأوان. فلا ننسى أنّهم المستقبل.. وأيُّ مستقبلٍ ينتظرنا في هذا الوضع؟!