تعيش البلاد على وقع التوتر الذي أحدثه جبران باسيل بهجومه على حزب الله، والذي رمى كرته في ملعب الحزب من بكركي، حينما قال "الموضوع عندهم، أنا زلمي مسالم". يستهزئ باسيل باللبنانيين وأوجاعهم من خلال حروبه الوهمية المعروفة نتيجتها سلفاً، فرئيس التيار الوطني الحر يُحاول ابتزاز الحزب لتحصيل أكبر قدر من المكتسبات في عدد من الملفات، منها ملف رئاسة الجمهورية وحصص التيار في العهد المقبل، قبل العودة إلى "بيت الطاعة".
مصادر متابعة للشأن لم تستغرب الحملة التي يشنها باسيل على الحزب، مذكّرةً بأنها "ليست المرّة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين الطرفين ولن تكون الأخيرة، ولا جديد باستثناء البيانات التي صدرت عن الطرفين، فـ"حرب ردود" هي الأولى بينهما، اقتصرت على بيانين فقط، ولكن المياه ستعود إلى مجاريها وقيادتي الحزب والتيار ستحتويان الموضوع، ولو اتخذ الأمر بعض الوقت، ولن تصل الأمور إلى فرط عقد التفاهم أو ما شابه".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفتت المصادر إلى أن الأطراف السياسية تنتظر ما سيدلو به باسيل الأحد المقبل في إطار إطلالاته الإعلامية، ومنحى حديثه سيُحدد ما إذا كان التيار سيستمر في تصعيده ضد الحزب في المدى المنظور، أو سينكفئ فاتحاً المجال أمام المخارج، ليُستتبع الإنكفاء حينما يحصل بلقاء إما بين باسيل وحسين الخليل ووفيق صفا، وإما بلقاء باسيل والأمين العام للحزب حسن نصرالله، لحلحلة الأمور".
إلى ذلك، فإن ضوضاء باسيل لم تحرف الأنظار عن الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه برّي لتحويل الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس إلى حوار بين الأطراف بهدف التفاهم على أفكار معيّنة وإحداث خرق في جدار أزمة غياب التوافق واستمرار حالة التعطيل والمراوحة، خصوصاً وأن لا قدرة للبلاد على الصمود في ظل تعطّل المرافق الدستورية.
دعوة بري تتوافق ورؤى قوى المعارضة بشأن الحوار داخل المؤسسات الدستورية، أي مجلس النواب، فبالعودة إلى الطرح السابق الذي تقدّم به برّي، لإقامة حوار في عين التينة بين رؤساء الكتل النيابية، قوبل بالرفض من قبل القوات اللبنانية وتحفّظ من التيار، على اعتبار أنّه خارج المؤسسات، في حين الجلسة الحوارية التي طرحها هذه المرة تبقى في إطار العمل المؤسساتي والنيابي، والتغيّب عنها يعني تعطيل جلسة نيابية.
إلّا أن صورة الحوار بقيت ضبابية، خصوصاً وأن الآلية غير واضحة، بانتظار توضيحات. في هذا السياق، أشار النائب السابق محمد نصرالله إلى أن "برّي منفتح على أي صيغة لإطلاق الحوار، بشرط أن تكون الكتل النيابية جدّية بنواياها الإيجابية من الموضوع".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفت نصرالله إلى أن "الحوار قد يتخذ شكلين، الأول حوار الهيئة العامة داخل جلسة عادية لمجلس النواب، والثاني حوار داخل لجنة مصغّرة تتمثّل فيها كافة الكتل، وبرأيي الشخصي، فإن الشكل الثاني يبقى الأفضل تفادياً لإضاعة الوقت في الجلسات الموسّعة، خصوصاً وأن الحوارات المصغّرة تكون أكثر إنتاجية، ولا تُغيّب أحداً".
وعن عناوين الحوار والأفكار التي ستُطرح، قال نصرالله: "إن الطاولة سيّدة نفسها، سيحضّر بري أفكاراً وسيسمع اقتراحات من قبل الكتل، وعلى الإثر ستُطرح العناوين الخلافية وحلولها، وفي حال نجحت هذه الفكرة وتم التوصّل إلى نتيجة حقيقية، فإن ذلك يكون إنجازاً بانتاج رئيسٍ وطني".
يعلم اللبنانيون أن الحروب التي يشعلها باسيل في الداخل لا هدف منها سوى تحسين موقعه وتحصيل المكتسبات، خصوصاً في حال سار ملف رئاسة الجمهورية بعكس ما تشتهي رياح التيار الوطني الحر، وهو ليس في صدد التخلّي عن تفاهم مار مخايل مع حزب الله، نسبةً للقوة التي يستمدها منه، ويبقى الخاسر الأول والأوحد، المواطن الذي يُشاهد هذه الحروب ببطونٍ خاوية.