Advertise here

"لعبة الفقراء" تُلهي فقراء لبنان

07 كانون الأول 2022 07:51:43

تُعرف رياضة كرة القدم بأنّها "لعبة الفقراء" لكونها لا تحتاج الى المال لمُمارستها أو حتّى لمتابعة المباريات، لذا، حصدت هذه الرياضة شعبيّة كبيرة في العالم وخصوصاً في البلدان الفقيرة.

في لبنان، حُرم المواطنون من الطّبقتين الفقيرة والمتوسّطة من مُشاهدة مباريات كأس العالم في قطر بسبب الأزمة الاقتصادية في لبنان التي فاقمتها الأزمات السياسيّة معطوفةً على عجز المسؤولين عن تأمين مبلغ 5 ملايين دولار ضمن الأطُر القانونية، ما أدى الى خيبةٍ كبيرة لدى جمهور اللعبة.
مُقابل هذه المشهديّة، استطاع عددٌ لا بأس به من المواطنين من أصحاب الدّخل المتوسّط والمُرتفع من السّفر الى قطر لمشاهدة مباريات فرقهم المفضّلة مُباشرة من أرض الملعب، وانتشرت صورهم على صفحات مواقع التّواصل الاجتماعي رافعين الأعلام اللبنانية، وهناك من اشترك من منزله في خدمة نقل المباريات مقابل زهاء 90 دولاراً، إلا أنّ الغالبية العظمى من الشّعب التي باتت تمثّل الطبقة الفقيرة راحت تبحث عن سُبلٍ مختلفة تخوّلها متابعة المباريات مجّاناً في بلدٍ أصبحت الـ90 دولاراً فيه تُساوي راتب شهر!

لكنّ مفاجأة "مونديال 2022" لم تأتِ من أرض الملاعب الفخمة في قطر، وإنما من أفقر المدن اللبنانيّة! فرغم عدم تأمين الدّولة نقل المباريات مجّاناً، إلا أنه تزامناً مع خسارة أو ربح أكبر المنتخبات المُشاركة في كأس العالم، يُسجّل خروج تظاهرات ومواكب سيّارة في مختلف مناطق طرابلس والضاحية الجنوبية وغيرها من البقع التي تُعدّ فقيرة في لبنان، واللاّفت حماسة الجماهير اللبنانيّة المشجعّة التي انعكست في المظهر عبر اعتماد زيّ كامل لتشجيع كلّ فريق، كالثياب والأعلام وغيرها من الأكسسوارات ذات الأسعار المُرتفعة، وهو ما يُعتبر ظاهرة غريبة في وطنٍ من المنطقي أكثر أن يخرج المواطنون فيه الى الشّارع اعتصاماً واعتراضاً على أحوالهم المأساويّة وليس احتفالاً بفوز فرق أجنبيّة في "المونديال".

إنّها "لعبة الفقراء" التي تسلّلت الى بيوتنا وشوارعنا وألهت الفقراء لبعض الوقت وأنستهم همومهم ومآسيهم قبل أن يستيقظوا بعد أيّام قليلة من اليوم من الحُلم الجميل الى واقعهم المرير حيث يُسجّل السياسيّون يومياً أهدافاً في مرمى بعضهم البعض، غافلين أنّ الشّعب هو من يتجرّع مرارة الكأس رغم الربح والخسارة المزيّفين.
ولكن، بعيداً عن السياسة، إسمحوا لنا أن نقولها هذه المرّة أيضاً... شُكراً قطر!