Advertise here

ميقاتي ينتصر بقوة حزب الله... والإنقسامات تزداد حدّة

06 كانون الأول 2022 07:24:46

رُدت الصفعة إلى جبران باسيل. ضرب الرجل من بيت أبيه. نجح نجيب ميقاتي في تأمين نصاب عقد جلسة حكومة تصريف الاعمال، بحصان رابح أطلق عليه صفة "الوزير الملك"، وهو وزير الصناعة جورج بوشيكيان. ما كان ميقاتي يحقق هذا الإنتصار لو لم يكن على موجة واحدة مع حزب الله. صحيح أن ميقاتي ربح بالنقاط ومن الناحية المعنوية وحتى السياسية على صعيد عمل الحكومة ومقرراتها، لكن في الإستراتيجيا تبدو الصورة مغايرة، من فاز عملياً هو حزب الله وحركة أمل، لحسابات متعددة لديهما أولها تفعيل عمل الحكومة وعمل مجلس النواب خارج إرادة جبران باسيل الرئاسية وحساباته المتمنّعة فيها.

"مكاسب السنّة"
في هذه المعركة قدّم حزب الله "السنّة" وكأنهم في صفوفه. يعكس ذلك صورتين متعارضتين: الأولى مفادها أنه عندما يتوافق السنة مع الشيعة، بالإضافة إلى التقاطع مع قوى مسيحية، وإن كانت صغيرة، يمكن تسيير عمل المؤسسات. والثانية هي أن حزب الله قادر على منح السنّة "إنتصارات" معنوية فيما نتائجها ستكون لصالحه.

عملياً نجح حزب الله في جعل السنة يتبنون مساره. بغض النظر عن الحاجة إلى ضرورة عقد الجلسة وحماسة "السنّة" إلى ذلك، وهو ما لم يكن يتحقق بدون دعم الحزب وموافقته وسعيه إلى ذلك خصوصاً من خلال تأثيره على حزب الطاشناق ودفع الوزير جورج بوشيكيان للمشاركة. دعوة ميقاتي إلى الجلسة دفعت بالسنّة إلى الإحتفاء بهذه الخطوة، بينما صعّد باسيل من خلال بيان الوزراء التسعة الذين أعلنوا عن رفضهم لحضور الجلسة، لكن تدخل حزب الله فيما بعد هو الذي أمّن انعقادها، لا سيما أن الحزب وبّري يريدان تفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب لعدم تحمّل تبعات الفراغ الرئاسي المستمر، ولإيصال رسالة واضحة لرئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بأن الأمور ليست على السكّة الصحيحة. يمكن لذلك أن يزيد منسوب التوتر بين الحزب والتيار، كما يمكنه أن يفتح باباً جديداً للتواصل سعياً للتفاهم لكنه سيكون بحاجة إلى وقت طويل.

انعدام الخيارات
يعطي المشهد تصوراً دقيقاً حول انعدام الخيارات السياسية الجدية لدى كل الأفرقاء. الإنقسام حول الحكومة هو نفسه الإنقسام حول الإنتخابات الرئاسية. وداخل كل فريق أو تحالف مفترض هناك تباينات واختلافات وفيما هو بارز لدى قوى الثامن من آذار، خصوصاً في ظل الصراع الدائم والمستمر بين التيار الوطني الحرّ وحركة أمل، فإن الإختلاف اتسع بين التيار وحزب الله، وحتى داخل تكتل لبنان القوي أصبح الإختلاف أوضح من خلال مشاركة وزير الطاشناق في جلسة الحكومة، ومن خلال تصويت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لصالح زياد بارود والتخلي عن الورقة البيضاء. يضاف إلى ذلك وجود آراء متعددة داخل التكتل حول الذهاب إلى ترشيح شخصية إما من داخل التكتل أو تبني خيار ترشيح قائد الجيش جوزيف عون، في ظل الموقف الثابت لدى باسيل برفض دعم فرنجية أو قائد الجيش حتى الآن.

تزايد الانقسامات 
حزب الله وحركة أمل يتبنيان ترشيح فرنجية، وهذا لا يحظى بدعم مسيحي أو وطني حتى الآن في ظل موقف الحزب التقدمي الإشتراكي وعدد من النواب السنّة. على ضفة داعمي ترشيح ميشال معوض فإن الخلافات قائمة أيضاً. حزب الكتائب اختار عقد لقاء مع حزب الله لجس نبض إمكانية الدخول في حوار بدون التنسيق مع أي طرف آخر، فيما القوات اللبنانية تعلن أن الحوار مع حزب الله لن يجدي. على صعيد التحالف الأوسع هناك نواب بدأوا بالحديث حول ضرورة الخروج من ترشيح معوض والإنتقال إلى مرشح آخر يمكن التفاوض حوله كمرشح تسوية، بينما هناك من يفكر من قبل النواب المستقلين في دعم ترشيح نعمت افرام الذي لم يصوت لمعوض. المشكلة تتمدد أيضاً لتشمل نواب التغيير وخلافاتهم بين بعضهم البعض، إذ ينقسمون بين من يصوت لمعوض ومن يدخل في معركة معه لها خلفيات سياسية ومالية ومصرفية فيصوتون لمرشح آخر، وآخرون يصوتون بأوراق يكتب عليها لبنان الجديد. إنها العبثية السياسية التي تشهدها البلاد في أبهى صورها والتي لا تبدو أنها ستكون قادرة على إنتاج أي أفق لتسوية لا بل إن صورة الإنقسامات ستتزايد.